بين وهم الاصلاح والحقيقة !!!
المهندس هاشم نايل المجالي……
يجتمع اصحاب النظريات المطلقة الداعون للتطوير والتحديث وفق هواهم ، بفكر مشترك ومنطق موحد ليخرجوا علينا كل يوم بحلة جديدة من القرارات والنظريات ، على اعتبار انها مسلمات وخطوط مكتملة الاركان ، والالوان الحمراء لا يجوز التحريف والتغيير فيها ، وصفراء باهتة للمناورة والمميتة للفكر .
ونحن في حيرة من أمرنا امام كل هذا ، وكيف يتحقق الصح من الغلط ، وكيف يتمترس بعض اولياء الفكر والنظريات الاصلاحية خلف جدران حقائقهم الوهمية ، وهم واهمون حيث يظنون بأن للحقيقة حدوداً وأسواراً يدخلها احدهم وحده ليوصد الباب خلفه ، وليعترف أن هذا السرداب الذي دخله يمثل حقيقته الخاصة به ولا يعلم انه سردابة وحدة وليهنأ به ، فلن يتبعه احد الاّ من ضل الطريق .
فالمطلق بالقرار والانفراد به ليس علامة تجارية بل انه فضاء واسع ورحب يخرج اليه الجميع نتوق اليه ونهرب اليه من ضيق انفسنا ، لما نشاهده من مغالطات فكرية لا تستند الى الشورى ، ولا الى آفاق مفتوحة للحوار الهادف والفهم المشترك .
ان محدوديات آفاقنا الفكرية لا على احد ان يحتضنها بشرط ، وواهمون من يظنوا ان اليقين يستمد يقينه من كثرة المنافقين من الاتباع والمرددين ، فكم تهاوت عند اقدام التاريخ شخصيات صاحبة نظريات مطلقة فوقية لا تشاركية ، فهذا التاريخ لا قداسة لاحد عنده الا الصادق الامين المخلص الوفي المنتمي ولا يخشى في الحق لومة لائم .
فكيف يكون لتلك النظريات ان تكون قطعية لا تقبل جدالاً في جزئية ، والصحيح يعتبر هامشياً وغير قابل للأخذ في واحة فكرية مغلقة .
كيف لهؤلاء ان يطلون علينا في نهفات الزمان كأنهم الاساس والباقي فروع بالامكان الاستغناء عنها ، وهذا الكشف عما يجول في النوايا قد يبدو لبعض الجهلة حقائق اصلاحية ملائمة يتعاملون معها بلفتة فكاهية ، فهل لنا ان نغمض اعيننا ونمشي حذو نعليهم ثم تلغينا من الوجود ام ماذا .
لقد اصبحنا حتى في الكتابة فضوليون ، علينا ان نستمد افكارنا من افكارهم لنخلق الحيرة لابنائنا في هذه الحياة ، لا اعتقد اذا استمرينا على هذا النهج أننا سنجد يوماً من يقرأ لنا مقالاً فهو ليس بحاجة لتحليل او نقاش .
والحياة دون تحليل ونقاش وحوار وتقييم ستصبح كشريعة الغاب القوي يأكل الضعيف دون رحمة ، لأن كثرة المعرفه اصبحت تتعس الانسان ، وان الحكمة تجعلك تقول مثل سليمان ( كل شيء باطل تحت الشمس ، واذا علمت ان الانسان يفضل ان يكون سعيداً غبياً من ان يكن حكيماً تعيساً ) ، وحتى تعيش سعيداً يجب ان تكون شخصاً غير مبالي وغير مهتم ، وان تتظاهر بالغباء حتى لا تطالك المسؤولية .
المهندس هاشم نايل المجالي
[email protected]