“الأمن الوطني” أصبح “الأمن القومي”.. الأردن: “تصويب الخطأ الدستوري” و”لا حاجة لأن يترأسه الملك”
وهج 24 : أخيرا فعلها وأعلنها رئيس مجلس النواب الأردني الأسبق ورئيس اللجنة القانونية حاليا في المجلس المحامي عبد المنعم العودات عندما يتعلق الأمر بأكثر التعديلات الدستورية التي اقترحت إثارة للجدل.
“لا حاجة لأن يكون الملك رئيسا لمجلس الأمن الوطني الجديد“ تلك عبارة جريئة دستوريا وقانونيا وسياسيا والمفهوم أنها لا تصدر في مؤتمر صحافي للمحامي والنائب العودات بدون سلسلة استدراكات وتوافقات جرت خلف الستارة وفي العمق.
بموجب ما أعلنه العودات عصر الأحد لم يعد الملك الأردني رئيسا لمجلس أمني جديد سيخضع للدسترة.
لكن ثمة نقطة مهمة أخرى في تلك “التحسينات“ التي أشرف عليها العودات على نصوص أثارت عاصفة من الحيرة والجدل فاسم المؤسسة الدستورية الجديدة تم تغييره أيضا وأصبح مجلس الأمن القومي وليس مجلس الأمن الوطني.
لافت جدا في السياق أن أول شخصية باركت تحسينات التعديل الدستوري التي أعلنها العودات تمثلت في رئيس اللجنة الفرعية في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية الذي تولى أصلا متابعة التعديلات الدستورية وهو عضو مجلس الأعيان المحامي أحمد طبيشات.
سارع الطبيشات لصرف مفردة “أفلحت“ إلى لجنة العودات في التعديلات التي وضعتها.
فقط العالمون ببواطن الأمور يعرفون بأن طبيشات تحمل أكثر من غيره مسؤولية تعديل دستوري ألحق بوثيقة المنظومة السياسية بطريقة غامضة وبقرار حكومي ودون أن يكون أصلا ضمن محتوى النقاشات أو ضمن التعديلات الدستورية التي طرحتها لجنة الطبيشات أساسا ضمن فعاليات تحديث المنظومة.
ما يقوله اليوم مختصان قانونيان في سلطة التشريع هما العودات وطبيشات هو ضمنيا الإقرار بحصول خطأ في النصوص الدستورية التي أحالتها الحكومة.
ومفردة “تحسينات” التي اعتمدها العودات مبكرا توحي بأن المؤسسات الأعمق في الدولة أدركت حصول الخطأ وبأن – وهذا الأهم سياسيا – هذا الخطأ بصرف النظر عن هوية من ارتكبه أو ظروفه الموضوعية أثار شبهة المخالفات الدستورية لا بل أربك كل معطيات وثيقة تحديث المنظومة التي يراهن عليها الجميع.
عندما يتحدث العودات عن عدم وجود حاجة لأن يكون الملك رئيسا لهيئة جديدة يؤشر ضمنيا على أن الملك أصلا يترأس كل السلطات وعلى الخطأ المشار إليه والذي يدرك الجميع اليوم بأنه حرف المنظومة عن مسارها وأغضب الغالبية من النخب السياسية لا بل أثار جدالا من الصنف الذي يمكن الاستغناء عنه.
بكل حال حصل الاستدراك وتجرأت لجنة العودات على تصويب النص والمشهد بطريقة لم تتجرأ عليها فلاتر القانون في الحكومة ولا حتى جميع فلاتر وحلقات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
يفترض بعد إعلان العودات أن تخف حدة الجدل حول الذراع الاستراتيجية الأمنية الجديدة التي أصبح اسمها مجلس الأمن القومي.
وهو بالمناسبة مجلس كان موجودا أصلا في القنوات البيروقراطية السيادية لكن بصفة استشارية وأصبح اليوم بصفة دستورية مما يعطيه مستقبلا وفي حال عبور التعديل الدستوري من النواب مساحة عميقة ولا يستهان بها في إدارة شؤون الأمن الداخلي والخارجي وأيضا شؤون السياسة الخارجية للبلاد.
تلك المساحة على الأرجح ستثير الجدل لاحقا ولكن بصيغة أخف بالتأكيد من تلك التي حاولت توريط مؤسسة القصر بصياغات متسرعة قليلا قد لا تعكس مضمون الرؤية الملكية المرجعية.
بكل حال أنهت قانونية نواب الأردن حزمة مثيرة من تعديلات الدستور والتي تبلغ نحو 30 مقترحا للتعديل وهي وجبة ضخمة غير معتادة من التعديلات الدستورية بنفس الوقت لكن من الواضح والمرجح أنها انتقيت استعدادا لمرحلة التحول إلى الحياة الحزبية.
مسار التعديلات بعد تحسينات لجنة العودات واضح في إطار المقتضى الدستوري.
ورغم الضجيج الذي أثاره النائب رائد سميرات بعنوان عدم تشاور اللجنة مع الكتل البرلمانية إلا أن مجلس النواب بحاجة إلى مناقشة وإقرار تعديلات لجنته الدستورية وبأسرع وقت ممكن حتى يتسنى لجميع الجهات الانتقال إلى التشريعات السياسية المهمة التي تطلبت أصلا إجراء التعديلات الدستورية وهي تلك المختصة بقانوني الأحزاب والانتخابات.
وهنا حصريا قد يشهد الشارع الأردني المزيد من الحوارات الصاخبة على تفاصيل متعددة ومضجرة عنوانها الأبعد هو انتخابات حزبية.
ولاحقا حكومات برلمانية بعد برلمان حزبي ضمن خطوات محسوبة بدقة لها علاقة على الأرجح بأجندة مشروع تحول سياسي ما يزحف في الطريق.
المصدر : القدس العربي