الصحف الإسرائيلية 26-4-2016
داعش وخمس وحدات للرياضيات
بقلم: داليا غبريئيلي نوري
أريد الربط بين ظاهرتين منفصلتين وبعيدتين تشغلان الجمهور. الاولى هي تنظيم داعش والثانية هي خمس وحدات للرياضيات. إن زعمي الاساسي هو أنه لا يمكننا القضاء على داعش بواسطة خمس وحدات للرياضيات. وبشكل أدق: المطالبة بتدريس خمس وحدات للرياضيات ووضع التكنولوجيا على سلم الأولويات القومية لن تُسلحنا بالوسائل المطلوبة لمواجهة التحديات المعقدة جدا في هذه الاثناء – الوحش متعدد الاذرع الذي يهدد سلامة العالم.
إن تنظيم داعش وأمثاله هم مثل السهم المؤلم والمغروس في قلب الثقافة الغربية. ومثل كل ألم فهو يثير التساؤل عن مصدره. ما هي الاسباب الفلسفية والنفسية والايديولوجية والاجتماعية التي أوجدت هذا التنظيم. وما الذي يحوله الى عامل جذب للمتطوعين المحليين والاجانب من جميع أرجاء العالم.
هذه هي الاسئلة المركزية التي يجب علينا مواجهتها من اجل القضاء على التنظيمات الارهابية على شاكلة داعش. لأن داعش ليس فقط تنظيم ارهابي أصولي وخطير، بل لأنه ظاهرة اجتماعية ونفسية وايديولوجية وفلسفية. والوسائل التكنولوجية لن تنجح في مواجهته.
والسؤال المشتق من ذلك هو اذا كان أفضل الاشخاص من بيننا الذين يجلسون في الاجهزة الاستخبارية وغيرها، يعرفون الفلسفة وهم خبراء في الايديولوجيا والدين وخبراء في فهم الظواهر الانسانية والامور “الروحية” أكثر من معرفتهم بمواضيع الفضاء والصواريخ. وللأسف الاجابة على هذا السؤال هي بالسلب.
إن اسرائيل وضعت في السنوات الاخيرة نصب عينيها تطوير العلوم التكنولوجية. وفي الخطوط الاساسية للحكومة كُتبت بعض الشؤون السياسية والاقتصادية: “الحكومة ستعمل على التدريب المهني وتدريس المواد التكنولوجية من اجل الاستجابة الملائمة للاحتياجات الصناعية في اسرائيل كمصدر أساسي لنمو الاقتصاد”. على اعتبار أن المواضيع التكنولوجية هي التي ستأخذ المجتمع الاسرائيلي الى الأمام. وسيتم توجيه خيرة الطلاب نحو العلوم، وتوجيه المنح والميزانيات نحو تطوير المبادرات العلمية التي على رأسها تدريس وحدات الرياضيات الخمسة.
إن داعش يقوم في عملياته باستخدام ما كان يوجد في السبعينيات. أي وضع المواد المتفجرة في حقائب وتفجيرها في اماكن مكتظة مثل المطارات. من هنا لا يجب فهم داعش فقط بواسطة المعادلات الرياضية والأدوات الهندسية. فداعش يترجم أماكننا الى تحدي تكنولوجي. ولكن السؤال الاكثر أهمية هو ما الذي يعمل على ايجاد تنظيمات مثل داعش. وما هي الاحتياجات التي يقدمها هذا التنظيم. وهذا سؤال لا يمكن لطلاب الرياضيات الاجابة عليه. ومن اجل تطوير أفضل الأدمغة يجب تطوير وتشجيع التعليم ذا الصلة. والذي له أدوات تفكيرية وانسانية تستطيع مواجهة الجانب الانساني لظاهرة داعش.
إن صعوبة مواجهة داعش هي من الاعراض التي تبرهن على وجود خلل لدينا. والشكل الذي أهملنا فيه فهم الواقع الانساني في صالح فهم الواقع التكنولوجي. وعلماء وحدات الرياضيات الخمسة يعرفون تطوير المعادلات التي يحبها الجمهور. ولكن بدون علماء المعرفة الانسانية فانهم يوجهوننا الى اللامكان. إن تطوير العلوم الانسانية وتعزيزها هدف مناسب لوزراء التعليم ووزراء العلوم. والتعامل مع داعش هو اشارة على فقدان الطريق. يجب علينا الحفاظ على أفضل الأدمغة وتوجيهها، لا سيما من اجل الاهتمام بالاسئلة التي تتعلق بمغزى وهدف الانسانية.
هآرتس