الدكتورة الجزاىرية عيشة بوزيدي تصرح: أدعو الحكومات العربية إلى الاهتمام بالكفاءات العلمية لتجنب هجرة الأدمغة
بقلم خولة خمري…..
صحفية وباحثة أكاديمية في قضايا حوار الحضارات والأديان
جمعنا نحن الصحفية خولة خمري لقاء مع الدكتورة عيشة بوزيدي أستاذة القانون العام بجامعة يحي فارس بالمدية والمتخصصة في القانون الدولي والعلاقات الدولية أن الاهتمام بتنمية العلاقات الدولية بين الدول العربية، وتطوير التعاون بينها في كافة المجالات ضرورة وحتمية اليوم في ظل تطور اقتصاديات الدول وتنافسها المستمر من أجل السيطرة في كافة الجوانب الحياتية وهو ما دفعها لتقوية العنصر البشري والاستثمار فيه أكثر من كل العوامل المساعدة على التنمية المستديمة.
وهنا كان لزاما التركيز على إصلاح القطاع التعليمي وترقية البحث العلمي في الجامعات، والتي ينبغي في كل الأحوال أن تراعي جوانب الهوية الثقافية والدينية للمنطقة دونما عقدة من طرفها في التعامل والتعاون وربط العلاقات مع الدول الأخرى، حيث ينبغي الاستفادة من التطور الحاصل لدى هذه الدول في ظل مبادئ العولمة التي سيطرت على العالم وصراع الأقطاب المتعددة بعد صراع القطبين، وهو ما ترجمته الوضعية الراهنة في ظل وباء كورونا.
أكدت الأستاذة أن هجرة الأدمغة الشبابية ذات بعدين: البعد الأول: إيجابي وهو تمكنها من جمع المعارف وتطوير البحث العلمي في الدول المتقدمة التي تميزت بتقدمها تكنولوجيا وتوفر ظروف مواتية للبحث العلمي أكثر من الدول النامية ومنها العربية، وهو ما أدى إلى استقطابها إليها في ظل الامتيازات التي تمنح لها، والموضوعية العلمية التي تشهدها، أما البعد الثاني فهو سلبي كونه راجع بالأساس إلى الأوضاع السيئة التي يعيشه الباحث العلمي في أغلب تلك الدول وتدهور الجانب التربوي والتعليمي فضلا عن بعد الجامعات عن الواقع الاقتصادي المعاش للفئات المجتمعية ككل ومنها الباحثين الذين يفتقرون للأجواء المناسبة لرقي بذواتهم فما بالك بالبحث العلمي الذي يفترض إصلاحات عميقة داخله انطلاقا من مجال التربية ذاتها لتسلسل حصول المعرفة وبناء الكفاءات القادرة على مواجهة الميدان وتحقيق النجاح الفردي ثم الجماعي في المجتمع.
ركزت الأستاذة على مفهوم مهم وهو التنمية المستديمة التي تقوم على الإنسان من أجل الإنسان نفسه، حيث تكون تنمية موجهة ومدروسة ومحركة من طرف الإنسان الواعي من أجل رفاهية من يعيش على المعمورة بل وحماية الأرض ذاتها من عشوائية التصرفات البشرية، وهو ما تسهر عليه المنظمات الدولية والدول بكافة الوسائل المتاحة لها، لكنه سعي مبتور مادام قائم على سيطرة القوي على الضعيف واحتكار التكنولوجية، وغياب الإصلاح والإرادة القوية والتعاون الجماعي بين الدول النامية عموما والعربية خصوصا، والتي ينبغي لها ان لا تعتمد على استيراد الحلول الجاهزة بقدر ما يفترض بها برمجة ما توافق منها مع هويتها وثقافتها واحتياجاتها ومواردها ومتطلباتها.
تعبر الأستاذة عيشة بوزيدي عن أسفها عما يعيشه الشباب العربي من آفات اجتماعية وعدم اهتمامه بالجانب العلمي، وغياب النشاط الجاد من طرفهم تحت تأثير كثير العوامل منها الإعلامية، الاقتصادية والاجتماعية، وهو يجعلها تؤكد أن الحل يندرج ضمن فاعلين أساسيين: الدول التي ينبغي لها أن تعمل على القيام بالإصلاحات اللازمة في الجانب التربوي التعليمي والبحث العلمي، وارتكازها على رفع الوعي الشبابي وثقافته، وتنمية روح الإبداع لديه وتقديم الدعم لهم وتفجير طاقاتهم في كافة المجالات لا سيما التي تعود بالنفع الاقتصادي الفردي والجماعي. فضلا عن مواكبتها للتطورات الحاصلة من حولها بفعل زيادة وتيرة التغيرات وتسارعها لا سيما في مجال وسائل الإعلام والتجارة الإلكترونية، مما يفترض أن تقوي مركزها كعنصر فعال في العلاقات الدولية، باستغلال كل هذه التطورات والاستفادة من التجارب الناجحة في مجال التكفل بالشباب العربي المبدع الذي كان ولا زال يثبت يوما بعد يوما أنه مبدع ومعطاء متى ما سمحت له الظروف بذلك، وهنا يستلزم العمل على احتضان الدول للطاقات الشبابية في المجالات النافعة وتجنب هجرة الأدمغة منها لغيرها من الدول لا سيما وأن الدول المتقدمة تحتكم لقواعد حماية الملكية الفكرية لاحتكار القواعد العلمية المثبتة من طرفها من خلال مخابرها البحثية، ولتحقيق ذلك لا بد من محاربة كافة الظواهر الاجتماعية من خلال اهتمام المختصين بوضع الحلول القانونية والميدانية وربط الجامعات بالمؤسسات العمومية المختلفة والعكس.
تدعو الأستاذة عيشة بوزيدي الشباب العربي لتقوية روح البحث لدية وعدم الاستسلام تحت تأثير الضغوط المحيطة به مهما كانت، كما يتوجب عليه كفاعل ثان في عملية التنمية بعد الدول نفسها إلى استغلال إمكانياته ووسائل التواصل المختلفة فيما يفيد أفكاره ومشاريعه، فهي التي تقربه من الأحداث والمسؤولين والمفكرين مثله، وهو ما لم يتوافر من قبل، ويستوجب الأمر اهتمامهم بملء الفراغ لديهم بتعلم اللغات خاصة الإنجليزية لانتشارها في العلاقات الدولية دون تهاونه في لغته الأصلية واستخدام التكنولوجية الحديثة للوصول لأهدافه الفردية التي تحقق المصلحة العامة في آن واحد.