لبنان.. زيارة متأخرة لعون إلى دار الفتوى لتفادي مقاطعة الانتخابات بعد افتعال الأزمات في وجه الحريري

الشرقق الأوسط نيوز : تنفّس لبنانيون الصعداء في أول ردة فعل بعد استماعهم إلى وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح الذي قوّم إيجاباً الرد اللبناني في الشكل و”التفاعل” مع المطالب التي صاغتها الدول الخليجية، معتبراً أنها “خطوة إيجابية”، وقال “قدمنا إجراءات لبناء الثقة بين دول الخليج ولبنان وتجري دراسة الرد اللبناني”. ويأتي ذلك بعدما حبس اللبنانيون أنفاسهم وهم يترقّبون كيفية تلقّف دول مجلس التعاون الخليجي، الجوابَ اللبناني الرسمي الذي حمله وزير الخارجية عبد الله بو حبيب على الورقة الكويتية والذي يؤكد إصرار لبنان على أفضل العلاقات مع محيطه العربي والعالم، واحترامه قرارات الشرعية الدولية واعتباره أن حل مسألة سلاح حزب الله ليست لبنانية بل إقليمية، وأن الدولة تحاذر أي خطوات في هذا الشأن حرصاً على السلم الأهلي.
وكان الثنائي الشيعي رفض طرح الورقة الكويتية على مجلس الوزراء لمناقشتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها على أن يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء الاثنين للحديث عن آخر التطورات ومن ضمنها إثارة مسألة القرار 1559.
وسبق إطلالة نصر الله دفاع عن “المقاومة” من قبل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان الذي قال “ليعلم الجميع أن خيار الشيعة وكل وطني حر يبدأ وينتهي بالمقاومة”، فيما ذهب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أبعد من ذلك ليقول “إن المقاومة مقوّم وجود لبنان السيد الحر المستقل”، سائلاً “كيف يمكن أن نواجه التهديد الإسرائيلي والعدوان إن لم تكن هناك مقاومة؟ هذا يعني أننا نسلم البلد لإسرائيل ومشروعها”.
وهاجم قاسم القوات اللبنانية وقال “الذين يرفضون المقاومة، يضعون لبنان في حال استسلام وتبعية لمصلحة إسرائيل، وبالتالي فليقولوا لنا كيف يواجهون الاحتلال الإسرائيلي؟ هل تواجهونه بمجلس الأمن المتآمر مع إسرائيل؟ هل تواجهونه بالدعم الأمريكي المساند للمشروع الإسرائيلي؟ هل تواجهونه بفتح البلد حتى تدخل إسرائيل وتصبح مؤثرة في السياسة والاقتصاد وتحتل الأرض؟ قولوا لنا كيف تواجهونه إذا اعتدى عليكم. أما ألا تقبلوا لمجرد أن المقاومة ليست لكم ولمجرد أنكم لا تتضررون بحكم منافع خاصة لكم مع الغرب أو مع إسرائيل، فهذا ما لا نقبل به. هذا البلد هو لنا ولكم، وعلينا أن نتفاهم ونتعاون لنحميه، وهذه هي القاعدة الأساسية، أما بعض الجماعات الذين يحملون هذا الشعار، وسمعنا أمس أحد مسؤولي القوات اللبنانية يقول إن مشروعنا مواجهة حزب الله، نحن نقول للقوات اللبنانية، إن مشروعنا مواجهة إسرائيل وأذناب إسرائيل، ولن نقبل بأن نواجه أحداً في الداخل لتحدث فتنة كما يريد البعض. نحن وأدنا الفتنة في مجزرة الطيونة التي قامت بها القوات لتجرنا إلى حرب أهلية. نحن نعلم أن القوات اللبنانية جماعة لهم تاريخ مليء بالإجرام والقتل لأبناء طائفتهم ووطنهم. اغتالوا رئيس مجلس وزراء لبنان رشيد كرامي، واغتالوا أفراداً وقيادات من شارعهم ليبقوا وحدهم، فهم إلغائيون لا يصلحون لأن يكونوا ممثلين لحال شعبية يمكن أن تبني وطناً، ونحن حزب الله نقاتل إسرائيل، ولكننا نحرص في آن على الوحدة الداخلية والتعاون مع كل الأطراف وبناء البلد بشكل مشترك من دون أن نستأثر أو أن نأخذ لأنفسنا شيئاً مميزاً. نحن نبني الدولة، فنعطيها، ولا نريد الدولة لنسلبها كما يفعل الكثيرون ممن يتصدون لهذه المهمة”.
وأضاف “الجميع كان يسمع في الفترة الأخيرة أنهم يريدون الانتهاء من حكم الأكثرية التي يمثلها حزب الله، وهل يوجد في لبنان حكم أكثرية؟ ليس الآن، إنما من الفترة التي كان فيها العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وحتى الآن، لم تأت حكومة اسمها حكومة أكثرية، هي دائماً حكومة تمثل المجلس النيابي، والدليل على ذلك، هناك حكومتان للرئيس الحريري أول عهد الرئيس عون، كان فيهما ممثلون للقوات اللبنانية والكتائب اللبنانية والرئيس الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي ولآخرين من الذين لا يحسبون على تيار حزب الله وخطه. هذا ماذا نسميه؟ هذا حكم منسجم مع تركيبة البلد، وله علاقة بالمجلس النيابي. نعم حكومة الرئيس حسان دياب لم تدخل فيها القوات اللبنانية، والسبب أنهم هربوا من المسؤولية، لأنهم اعتبروا أن البلد صعب والظروف صعبة، فهربوا من تحمل المسؤولية، وعليه، لا نقول لمن هرب من المسؤولية إنه أمل المستقبل. جربناك “وطلعت خربان”.
وقد ردّ على كلام قاسم رئيس حركة التغيير ايلي محفوض وقال “يا شيخ نعيم قاسم نحن نرفض مقاومتكم المزعومة المنتهية الصلاحية منذ 25 أيار/مايو 2000 وأنتم من وضع لبنان في حالة استسلام وتبعية لمصلحة إيران متناغمين مع إسرائيل وداعش ومش شغلتك تواجه إسرائيل، إنها وظيفة ومسؤولية الجيش اللبناني وحده وأنتم شريك مضارب ومدمر وأحسنلك وأضمنلك سلّم سلاحك للجيش”. وأضاف: “‏يا شيخ قاسم أنتم لا تعلمون شيئاً عن القوات اللبنانية‬ لأن تاريخها لا يشبه تاريخكم وحاضركم الانقلابي وإياكم الكلام عن الاغتيالات فأنتم لا تقاتلون إسرائيل كما تزعمون وتوهمون جماعتكم بذلك فمآثركم بحق اللبنانيين وفي مقدمهم رفيق الحريري‬ كافية ولا تنسوا ارتكاباتكم بحق الشعب السوري”. وختم: “‏واعلم يا شيخ نعيم قاسم أنكم ميليشيا مسلحة قرارها بيد إيران التي خرّبت ما فيه الكفاية في لبنان‬ وسائر الدول العربية وليس عن عبث سمّوكم على لوائح الإرهاب في أكثر من 47 دولة 20 منها صنّفتكم كداعش والقاعدة. لذا بيتكم الذي هو من قزاز فلا ترموا بيوت الآخرين بحجارتكم الإيرانية. ‏أما حقدكم على القوات اللبنانية فمعروفة أسبابه أنتم جماعة ترغبون بإخضاع اللبنانيين كما فعلتم بسائر حلفائكم لكن معنا أخطأتم العنوان ولن تنالوا من عزيمتنا. فمهما عنترتم بسلاحكم سيبقى لبنان لبنانياً شئتم أم أبيتم وإن لم يعجبك كلامنا ارحل إلى إيران وخذ معك صور الإيرانيين عن طريق المطار”.
من جهته، رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن “كل صوت يذهب لـلتيار الوطني الحر وحزب الله يعني تمديدًا لأوجاعه بيده من دون منّة من أحد”، وتوجّه إلى من سمّاه “جمهور المقاومة المغبون”، سائلًا: “هل نتيجة المقاومة أن نتسوّل لقمة عيشنا وأن يعمد بعض المواطنين على البحث عن لقمة العيش بين أكوام النفايات؟” لافتًا إلى “شعارات كبيرة تُطلق لغش جمهور المقاومة كي يتم الذهاب على ظهره إلى مشاريع لا علاقة لها لا بلبنان ولا باللبنانيين ولا بمصالحهم ولا بجمهور المقاومة”.
وفي إطار الحثّ على الانتخابات، برزت زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى دار الفتوى التي قال عنها البعض إنها جاءت متأخرة لمحاولة إصلاح البين مع الطائفة السنية بعد افتعال التعقيدات في وجه الرئيس سعد الحريري ومنعه من تأليف الحكومة وافتعال إشكالية حول الصلاحيات. وشدّد عون بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان على “أهمية الدور الذي تؤدّيه الطائفة السنية الكريمة في المحافظة على وحدة لبنان وتنوعه السياسي، وعلى المشاركة مع سائر مكونات لبنان في الحياة الوطنية والسياسية، والاستحقاقات التي ترسم مستقبل لبنان وأبنائه”. وقال: “نحن لا نريد للطائفة السنية أن تخرج من العمل السياسي في لبنان، لأننا سمعنا أنه قد تحصل مقاطعة ونحن لا نريد أن تحصل المقاطعة، لأن لبنان عندما يخسر مكوّناً من مكوناته الكبار، هذا الأمر يهدّد المجتمع الذي تعودنا عليه وتربينا على هديه”.
وبالنسبة إلى علاقات لبنان بالدول العربية، أكّد عون على “ضرورة إقامة أفضل العلاقات وأمتنها، وأن الأولوية تبقى للمحافظة على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد”.
أما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فتطرّق في عظة الأحد إلى انكفاءَ الرئيسِ سعد الحريري، فأكد “أن انكفاء رجل الاعتدال، فاجأنا وأثار قلقًا واحتجاجًا لدى شريحةٍ وطنيّةٍ هي شريكة أساسية في الشراكةِ الوطنية”، متمنياً “أن يكونَ قرارُه ظرفيًّا، وأن تبقى الطائفة السنية الكريمة على حماسِها للانتخابات وعلى تماسكِها، وأن تشارك بجميع قواها الوطنية وشخصياتها ونخبها، لكي تأتي الانتخابات معبّرةً عن موقفِ جميعِ اللبنانيين”، قائلاً “من غير المسموح بأن يَتذرّعَ البعض بالواقعِ المستجِد ويروّج لإرجاءِ الانتخاباتِ النيابية”. وفي إشارة ضمنية إلى المبادرة الخليجية اعتبر أنه “من واجب الدولة اتخاذ القراراتِ الجريئةِ والصحيحةِ، والتجاوبِ فعليًّا مع كل مسعىً حميدٍ لانتشالِ البلادِ من الانهيارِ ووضعِها على مسارِ الإنقاذِ الحقيقي”، مضيفاً “لا يحق للمسؤولين فيها تحت ألفِ ذريعةٍ وذريعةٍ أن يرفضوا الأياديَ الممدودةَ لمساعدتِها، وأن يحجبوا الحقائقَ ويموّهوا الوقائعَ ويغطوا تعدديةَ السلاحِ ويبرّروا التجاوزاتِ والممارسات، ويتنصلوا من إعطاء أجوبة على المواضيعِ الأساسية”.
من ناحيته، لفتت تغريدة ساخرة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر “تويتر” من أداء السلطة وموازنتها حيث كتب: “يبدو أن انفجار مرفأ بيروت لم يحدث بل كان جزءاً من خيال ربما غيمة شتاء كبيرة مع رعد قوي ويبدو أن أزمة الكهرباء مصطنعة بل مؤامرة لذا مشروع موازنة وكأن الأمور طبيعية ولذا سلفة لكهرباء لبنان من خارج الموازنة. هل هناك حكومة جديدة أم أنها مسيّرة على الـ remote control؟”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا