زيارة أردوغان للإمارات تكشف عن عدم وجود اختراق بعد في العلاقات مع السعودية
الشرق الأوسط نيوز : كشفت زيارة الرئيس التركي إلى الإمارات عن عدم وجود اختراق بعد في مساعي تحسين العلاقات مع السعودية، التي كان يفترض أن يزورها أردوغان الشهر الجاري، وذلك بالتزامن مع تطورات متسارعة في مسار تحسين العلاقات مع إسرائيل، وجمود في مسار إعادة تطبيع العلاقات مع مصر، الذي لم يشهد أي خطوات حقيقية مؤخراً وسط أنباء عن خلافات بين البلدين حول ملف تسليم المعارضين.
وعلى الرغم من الخلافات التركية- الإماراتية الحادة على مدار أكثر من 10 سنوات، نجح البلدان في تحقيق اختراق كبير في العلاقات تكلل في زيارة ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى أنقرة، نهاية العام الماضي، وزيارة أردوغان إلى أبوظبي، الإثنين الماضي.
وأظهر الاستقبال الاستثنائي الحافل الذي نظمته الإمارات لأردوغان رغبة حقيقية في الوصول لما هو أكبر من إعادة تطبيع العلاقات والتعاون على نطاق واسع في ملفات ثنائية وإقليمية مختلفة لعل أبرزها الملفات الاقتصادية والدفاعية، وهو ما اعتبر بمثابة بحث عن تحالفات جديدة حملت في طياتها رسائل تنافس بين أعداء وحلفاء سابقين أبرزهم تركيا والإمارات والسعودية.
وفي هذا الإطار، لا تبدو السعودية راضية كثيراً عن حجم التقارب الكبير بين الإمارات وتركيا، وبينما يرى محللون أن السعودية ما زالت تتخذ موقفاً متشدداً من تركيا وتعارض التقارب الإماراتي، يرى سعوديون أن الرياض كانت أحق ببناء تحالف جديد مع تركيا يساعدها في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية التي تمر بها المملكة.
بينما يرى محللون أن السعودية ما زالت تتخذ موقفاً متشدداً من تركيا وتعارض التقارب الإماراتي، يرى سعوديون أن الرياض كانت أحق ببناء تحالف جديد مع تركيا يساعدها في مواجهة التحديات السياسية والعسكرية التي تمر بها المملكة
لكن وفي ظل عدم وجود تصريحات رسمية من الجانب السعودي على الإطلاق حول مسار تحسين العلاقات مع تركيا، تركز التصريحات التركية الرسمية على سردية “الأجواء الإيجابية” التي بات يعتقد أنها مبنية على مساع مدروسة لـ”خلق أجواء إيجابية” وتعزيز مساعي التقارب، لكنها غير مبنية على تحقيق تقدم حقيقي في مسار تحسين العلاقات.
وفي تصريحات له خلال عودته من الإمارات، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده والسعودية تواصلان الحوار، وإنه من المرتقب تحقيق تقدم عبر اتخاذ خطوات ملموسة في الفترة المقبلة. ونقل عن أردوغان قوله: “حوارنا الإيجابي مع السعودية مستمر، وننتظر تقدما من خلال الخطوات الملموسة في الفترة المقبلة.. نريد التقدم في هذه العملية مع السعودية في اتجاه إيجابي”.
والشهر الماضي، قال أردوغان أمام رجال أعمال إنه ينوي زيارة السعودية الشهر الجاري لحل الخلافات السياسية والاقتصادية بين البلدين، لكن لم يتحدث الرئيس التركي أو أي مسؤول تركي عن أي خطوات للتحضير للزيارة أو موعد زمني لها، بينما التزم الجانب السعودي الصمت، وهو ما يرجح عدم وجود اتفاق نهائي بعد على موعد الزيارة.
ومع عدم استبعاد حصول تقدم مفاجئ في مساعي تحسين العلاقات بين أنقرة والرياض، فإن مسار الاتصالات طوال الأشهر الماضية يظهر حجم التعقيد في الملف وعدم تحقيق أي تقدم كبير أو اختراق يؤدي لعقد لقاء بين أردوغان وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وهو المؤشر الحاسم على تحقيق الاختراق المأمول من الجانب التركي.
وعلى مدى العام الماضي، جرت سلسلة اتصالات على مستوى أردوغان والملك سلمان، ووزراء الخارجية والاقتصاد، وغيرها من المستويات السياسية، إلا أنه لم تجر أي اتصالات بين أردوغان ومحمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية، والذي يتخذ موقفاً متشدداً تجاه تركيا ورئيسها عقب أزمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول ومساعي تركيا لإدانة بن سلمان في القضية بصفته “رأس المستوى السياسي الذي أعطى الأوامر بارتكاب الجريمة”.
يتخذ محمد بن سلمان موقفاً متشدداً تجاه تركيا ورئيسها عقب أزمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول ومساعي أنقرة لإدانته في القضية
الجمود في مسار تحسين العلاقات مع السعودية، يشبه إلى حد كبير المسار القائم مع مصر حيث لم يسجل منذ عدة أشهر أي تقدم في هذا المسار الذي شهد تطورات إيجابية، العام الماضي، باتصالات على مستوى الاستخبارات والدبلوماسية المنخفضة وصولا لوزراء خارجية البلدين، لكن دون حدوث الاختراق المتوقع بعقد لقاء بين وزيري الخارجية أو اتصالات بين الرؤساء.
وفي ظل الصمت المصري، والتأكيد التركي المتواصل على “إيجابية المسار”، يظهر بوضوح التقدم الطفيف وعدم حصول اختراقات، بينما تتكهن تسريبات إعلامية بحصول خلافات حادة بين الجانبين بسبب إصرار مصر على تسليمها معارضين موجودين في إسطنبول ورفض تركيا تحقيق هذه المطالب.
ويعتبر مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي المقرر عقده منتصف الشهر المقبل في تركيا مؤشراً مهماً على النقطة التي وصل إليها مسار تحسين العلاقات بين تركيا من جهة ومصر والسعودية من جهة أخرى، إذ تعتبر المشاركة مؤشراً هاماً على حصول تقدم، أما تجاهل المؤتمر الذي سيشارك فيه عشرات من وزراء الخارجية فسيعد مؤشراً على فشل المباحثات في تحقيق أي تقدم.
وفي سياق متصل، نجحت الدبلوماسية التركية في تحقيق تطور بمسار تحسين العلاقات مع إسرائيل، فعقب أشهر من الاتصالات على مستويات مختلفة، وصل الأربعاء وفد تركي رفيع إلى إسرائيل لعقد لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين للتحضير لزيارة الرئيس الإسرائيلي إلى أنقرة، التي أكدت مصادر تركية أنها ستجري في التاسع من الشهر المقبل، إلى جانب تأكيد مشاركة وزيري الخارجية والطاقة الإسرائيليين في مؤتمر أنطاليا.
المصدر : القدس العربي