موسكو وكييف تتبادلان الاتهامات لكنهما تعتزمان مواصلة المسار الدبلوماسي
الشرق الأوسط نيوز : دعت روسيا وأوكرانيا، الأحد، إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية لكنّ كلا منهما حمّل الآخر مسؤولية تصاعد أعمال العنف في الشرق الأوكراني، حيث تثير المعارك مع الانفصاليين خشية الدول الغربية من تدخل موسكو عسكريا.
فبعد محادثتين هاتفيتين منفصلتين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أعلن كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لمواصلة المحادثات.
تخشى الدول الغربية من أن يشكل تصاعد حدّة المعارك منذ يومين على خطّ الجبهة، ذريعة لروسيا التي حشدت 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، لشنّ هجوم على جارتها الموالية للغرب
وتحادث ماكرون مجددا مع بوتين لمدة ساعة مساء الأحد بشأن أوكرانيا، وذلك للمرة الثانية خلال اليوم نفسه، بعد أن تحدث أيضا مع نظيره الأمريكي جو بايدن، حسب ما أعلن الإليزيه.
وسبق لماكرون أن تحدث بعد ظهر الأحد لنحو ساعتين مع نظيره الروسي، في إطار سلسلة محادثات بين رؤساء الدول في محاولة لتجنب نشوب نزاع مسلح في شرق أوكرانيا.
وحاول الرئيس الفرنسي بذل “الجهود الأخيرة الممكنة واللازمة لتجنّب نزاع كبير في أوكرانيا”، بعدما كان قد التقى بوتين في الكرملين في السابع من شباط/فبراير الحالي.
وعقب حديثه مع ماكرون، أبدى بوتين نيّته “تكثيف” الجهود الدبلوماسية لحلّ النزاع في شرق أوكرانيا، حيث تقاتل كييف منذ 2014 الانفصاليين الموالين لروسيا والمدعومين من موسكو.
في هذا الوقت، كرّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد، أن روسيا “على وشك” غزو أوكرانيا.
وتخشى الدول الغربية من أن يشكل تصاعد حدّة المعارك منذ يومين على خطّ الجبهة، ذريعة لروسيا التي حشدت 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، لشنّ هجوم على جارتها الموالية للغرب.
واعتبر بوتين الأحد أن موجة العنف الأخيرة ناجمة عن “استفزازات أوكرانية” في وقت أمر الانفصاليون بإجلاء المدنيين وتعبئة جميع القادرين على القتال.
– قوات روسية في بيلاروسيا –
ندّد زيلينسكي متحدثًا مع ماكرون عبر الهاتف، بـ”نيران استفزازية” من جانب المتمرّدين المدعومين من موسكو ودعا إلى استئناف المفاوضات مع روسيا برعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وإعلان “وقف إطلاق نار فوري” في شرق بلاده.
أكد الإليزيه أن بوتين كرر لماكرون “نيته سحب قواته” من بيلاروسيا “حين تنتهي المناورات الجارية”
وأكد الإليزيه أن ماكرون وبوتين توافقا على أهمية إعلان وقف إطلاق نار.
ومن المقرر أن يتحدث ماكرون هاتفيًا الى المستشار الألماني أولاف شولتس. وأعلنت موسكو أن وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والفرنسي جان إيف لودريان سيجريان مكالمة هاتفية الاثنين.
وتعقد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا اجتماعًا طارئًا لممثليها الدائمين الإثنين بشأن أوكرانيا.
في وقت سابق الأحد، أعلنت بيلاروسيا حليفة موسكو، أن القوات الروسية الموجودة على أراضيها والتي كان مقررًا أن تغادر الأحد، ستبقى لإجراء مزيد من التدريبات العسكرية. وقدّرت واشنطن عدد الجنود الروس المشاركين في هذه التدريبات بـ30 ألفًا.
وبررت بيلاروسيا قرارها بموجة العنف الجديدة في شرق أوكرانيا التي تصاعدت حدّتها الأحد في سياق نزاع أسفر عن أكثر من 14 ألف قتيل منذ 2014.
رغم ذلك، أكد الإليزيه أن بوتين كرر لماكرون “نيته سحب قواته” من بيلاروسيا “حين تنتهي المناورات الجارية”.
في المقابل نقلت وسائل إعلام أمريكية، الأحد، عن مصادر استخبارية لم تسمّها قولها إن الولايات المتحدة تمتلك معلومات مفادها أن الأمر أُعطي إلى قيادات الجيش الروسي لغزو أوكرانيا.
وقالت صحيفة واشنطن بوست إن هذه المعلومات هي التي دفعت الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى التأكيد، الجمعة، أنه “مقتنع” بأن بوتين قرر مهاجمة أوكرانيا.
ونسبت الصحيفة الأمريكية هذه المعلومات إلى مصادر استخبارية غير محددة، من دون أن تنشر أي اقتباسات مباشرة.
وفي اتصال مع وكالة فرانس برس، لم يؤكد البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية الأمريكية أو ينفوا هذه المعلومات التي نقلتها أيضا وسائل إعلام أمريكية أخرى.
على خطّ الجبهة في شرق أوكرانيا، سمع صحافيون في وكالة فرانس برس دوي سلسلة انفجارات.
وقال أوليكسيي كوفالينكو وهو سبّاك يبلغ 33 عامًا من ملجأ في مدينة زولوتي، إن هناك “أصوات (انفجارات) قوية في هذه الأثناء”.
وأضاف أن “هذا الملجأ ليس مجهّزًا، لكنّه أنقذ أرواحًا في 2014. ليست فيه مياه لكن الناس يجلبون معهم”. وتابع “كثرٌ يغادرون، لكن البعض يبقون لأنه ليس لديهم مكان آخر للذهاب إليه”.
– “العيش بشكل طبيعي” –
قالت ناتاليا زيبروفا (48 عامًا) إنها “تريد العيش بشكل طبيعي” وألا تشعر بالقلق حيال ما إذا “سيكون لدى الأطفال الوقت للفرار من القنابل”. وبقيت في منزلها بثياب النوم فيما تُسمع أصوات الطلقات.
ينفي الكرملين أي خطة له لمهاجمة أوكرانيا التي يسعى لإعادتها إلى دائرة نفوذه. وتطالب موسكو بـ”ضمانات أمنية” شرطا لخفض التصعيد
وينفي الكرملين أي خطة له لمهاجمة أوكرانيا التي يسعى لإعادتها إلى دائرة نفوذه. وتطالب موسكو بـ”ضمانات أمنية” شرطا لخفض التصعيد، أبرزها وعد بألا تنضمّ أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي ووقف تعزيز قوات الحلف على الحدود الروسية، وهي مطالب رفضها الغربيون.
وشدّد بوتين على هذه النقاط مرة جديدة الأحد أثناء مكالمته مع ماكرون، داعيًا واشنطن والأطلسي إلى أخذ المطالب الروسية “على محمل الجدّ”.
وتسببت الأزمة حول أوكرانيا التي بدأت أواخر عام 2021، بأسوأ تصعيد للتوترات تشهده أوروبا منذ الحرب الباردة، في حين أن دولًا غربية عدة تؤكد أن الغزو الروسي قد يحصل في أي لحظة.
حاذيًا حذو الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي اللذين قالا إنهما يخشيان “هجومًا واسع النطاق”، أكّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الأحد، أن روسيا تستعد “لما يمكن أن تكون أكبر حرب في أوروبا منذ العام 1945”.
من جانبه، دعا بايدن مجلس الأمن القومي إلى اجتماع أزمة مساء الأحد.
وفي مؤشر الى أن المسار الدبلوماسي لا يزال مفتوحًا، من المقرر أن يلتقي بلينكن ولافروف في 24 شباط/فبراير.
وسط هذه التطورات حذرت السفارة الأمريكية في موسكو رعاياها ليل الأحد من هجمات محتملة في أماكن عامة في روسيا، بما في ذلك على طول الحدود مع أوكرانيا حيث حشد الكرملين قوات تجهيزا لغزو محتمل.
في وارسو، شارك المئات الأحد في تظاهرة من أجل السلام في أوكرانيا وللتعبير عن رفضهم لـ”هجوم روسي جديد محتمل”، وفق ما أفاد صحافيون في فرانس برس. وحمل المتظاهرون أعلام أوكرانيا وبولندا والاتحاد الأوروبي والمعارضة البيلاروسية.
وكُتب على إحدى اللافتات “نحن مع أوكرانيا” وعلى أخرى “ارفعوا أيديكم عن أوكرانيا” فيما كان الحشد يهتف “بوتين إلى المحكمة!”.
وفي العاصمة الاسبانية مدريد، تظاهر نحو 500 شخص عدد كبير منهم أوكرانيون رفضا لأي هجوم محتمل على أوكرانيا.
وهتف المتظاهرون “أوقفوا بوتين” و”قولوا نعم لأوكرانيا”.
وقال الأوكراني المقيم في مدريد رسلان سندزيوك لتلفزيون فرانس برس “نحن جميعا قلقون وخائفون لأننا نجهل ما سيحصل غدا”.
المصدر : (أ ف ب)