الأوكرانيات المتزوجات في غزة يتابعن بقلق أخبار الحرب.. وعائلات فلسطينيين مغتربين تخشى تدهور الوضع
الشرق الأوسط نيوز : تعيش الأسر الفلسطينية التي يتواجد أبناؤها في أوكرانيا، لحظات قلق كبيرة، بسبب تطورات الأوضاع الميدانية هناك، حيث تخشى أن يصيبهم سوء، مع احتدام المعارك، بسبب الحرب التي تقوم بها روسيا منذ الأسبوع الماضي.
وتتواصل الاتصالات بين الأهالي وأبنائهم بصعوبة، في حين يبدي مواطنون فلسطينيون درسوا في أوكرانيا خوفا كبيرا على أصدقائهم هناك، فيما تراقب المشهد السيدات الأوكرانيات، اللواتي تزوجن من فلسطينيين ويقمن حاليا في موطن الزوج، بعيدا عن الأهل والوطن.
وعلى مدار الساعة يتابع الطبيب خالد أبو رحمة، الذي درس قبل أكثر من عشرين عاما الطب في إحدى جامعات أوكرانيا، الوضع هناك، من خلال مراقبة شاشات التلفزة التي تنقل الأحداث، وكذلك المواقع الإخبارية، وقلبه يتألم، حيث يخشى من سيناريوهات أسوأ بكثير من الحاصلة حاليا.
واختار هذا الطبيب لنجله الكبير الدراسة في ذلك البلد، وتتواجد عائلة زوجته الأوكرانية، التي تزوجها بعد انتهاء تعليمه هناك، أيضا في أوكرانيا.
ويقول أبو رحمة لـ”القدس العربي” إنه منذ ما قبل دخول القوات الروسية لأوكرانيا، وبدء عمليات القصف من عدة جهات، كان يتابع بقلق الأحداث الجارية هناك، وكان ينام كل يوم ويستيقظ ليتابع الأخبار، لافتا إلى أن متابعته لهذه الأحداث زادت بشكل كبير بعد بدء المعارك الحربية، بسبب قلقه البالغ على نجله وعلى أهل زوجته.
ويوضح هذا الطبيب الذي يقطن قطاع غزة، أنه وعائلته يعيشون أوضاعا صعبة، ويستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي للاتصال بنجله المقيم في إحدى المدن التي تحدها من جهة الشمال العاصمة كييف، إذ يجري الاتصال مرة كل ساعة على الأقل، لمتابعة أوضاعه هناك، وفي الاتصالات اليومية يسأل هذا الطبيب نجله كما يقول عن أوضاع المنطقة التي يعيش بها، وإن كان هناك معارك قريبة، ويشير إلى أنه بحكم معايشته تجارب سابقة في الحروب الإسرائيلية ضد غزة، يقوم بتقديم بعض النصائح لنجله، لاتباعها في حال وقعت معارك في المدينة التي يقطنها، وذلك بـ “حكم الخبرة” كما يقول.
ويشير أبو رحمة إلى أن نجله يحدثه عن قصص لجوء العديد من الأسر من مدينة كييف، وبعض المدن التي تشهد غارات وهجمات روسية، تجاه المدينة التي يقطن بها، وعن الأوضاع المأساوية هناك، وعن وصول طلبة فلسطينيين رفقاء لنجله إلى تلك المدينة، استعدادا للانتقال لدول أوروبية قريبة، بناء على الخطة الموضوعة من قبل السفارة الفلسطينية والجالية هناك.
وتحدث هذا الطبيب عن متابعته لأحوال أصدقاء الدراسة من الأوكرانيين، بسبب ما ألم بهم، إضافة إلى متابعة زوجته الأوكرانية بقلق بالغ أوضاع أسرتها هناك.
ويوضح أن زوجته تجري على مدار الساعة هي الأخرى عبر وسائل الاتصال المتوفرة، اتصالات مع عائلتها الأوكرانية، منذ الفترة التي سبقت وقوع الحرب، خلال فترة الحشد العسكري على الحدود، وأنها زادت من هذه الاتصالات مع بدء العمليات العسكرية الروسية.
وكتبت شادية عوض التي تدرس ابنتها في أوكرانيا، وتريد الخروج من هناك بأمان على موقع “فيسبوك”: “اللهم استودعناك أبناءنا فأمن طريقهم واحفظهم من كل سوء وظلل عليهم برحمتك ورعايتك وأعدهم لنا سالمين يا رب”.
أما الطالبة الفلسطينية سمر يعقوب التي تدرس في مدينة خاركيف الأوكرانية، فقد وضعت صورا لأوكرانيين بعد اندلاع المعارك ودخول القوات الروسية وكتبت أسفلها مقولة محمود درويش “وأنت تخوض حروبك، فكر بغيرك”.. وأضافت “لا تنس من يطلبون السلام”، وكتبت تدوينة أخرى جاء فيها “سمر وحروبها الخمس”، وكانت تلك الطالبة التي تعيش أسرتها في قطاع غزة، تشير إلى الحروب الـ4 التي شنتها إسرائيل ضد غزة، وإلى الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وكانت دول الاتحاد السوفيتي السابق، وبالأخص أوكرانيا في تسعينيات القرن الماضي، وجهة الكثير من الطلبة الفلسطينيين، لدراسة الطب، وبعضهم تزوج بعد انتهاء مدة الدراسة وعادوا وزوجاتهم للإقامة في غزة، ومن بين تلك الزوجات من يعملن بمهنة الطب أيضا.
ومن بين الطلبة الذين درسوا في أوكرانيا، وعاد للعمل في غزة، ويهتم كثيرا بما يحصل هناك الطبيب نبيل الهور، حيث يظهر اهتمامه على صفحته على موقع “فيسبوك” من خلال منشورات يكتبها بشكل شبه يومي، وقد علق على مشهد صدم دبابة روسية لسيارة أوكرانية بالقول “منظر مرعب لدبابة روسية تدهس سيارة مواطن أوكراني، نعم هي الحرب، والذي يذهب ضحيتها هو المواطن العادي”.
وفي منشور آخر وضع الطبيب الهور صورة لعائلة أوكرانية، كانت تربطه بها علاقة فترة الدراسة، وكتب يقول “عشت في كنف هذه العائلة سنوات طويلة وفي هذا البيت الرائع وكانوا بالنسبة لي كالأب والأم تماماً (فيتاليك ويولا) هم الآن قد نزحوا من بيتهم فأتمنى من الله الأمن والسلامة لهم ولباقي العائلة الكريمة”، وكتب أيضا يقول “المحللون العرب وخصوصاً أهل غزة يحللون، وحبيبتي أوديسا تتعرض للقصف الروسي الهمجي، بوتين يبتلع أوكرانيا”.
كما كتب معلقا على المقاومة الأوكرانية “ما يفعله الأوكران بطولة، مثل الذي نفعله وسنفعله في غزة، وليذهب الإعلام الغربي ومن يدور في فلكه إلى الجحيم”.
وفي السياق، فقد أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية عن إجلاء 700 مواطن وطالب من أوكرانيا منذ بداية الأزمة. وقال المستشار السياسي لوزير الخارجية، السفير أحمد الديك، إن العشرات من الطلبة والمواطنين استطاعوا الوصول بأمان للمعابر الحدودية، حيث دخلت أعداد منهم إلى الدول المجاورة بإشراف وتحت رعاية سفارات دولة فلسطين، بمن فيهم أعداد من الطلبة المقدسيين وطلبة قطاع غزة والضفة الغربية.
المصدر : القدس العربي