دكتوراة!

ميَّادة مهنَّا سليمان….

 

لديَّ صديقٌ نالَ خمسَ شهاداتِ دكتوراة فخريّة، وأنا أتساءلُ: هل أضعُ خمسَ دالاتٍ قبلَ اسمهِ، أم أنَّ دالًا واحدةً تُرضي غرورَهُ!!!
والمضحكُ أنَّ هذا الصّديقَ كانَ يرسلُ لي دومًا نصوصَه كي أصحّحَ لهُ أخطاءها، وأبدي رأيي بها، كي يشاركَ بها في مسابقاتٍ، ولكنْ بعدَ نيلِه عدّةَ شهاداتِ دكتوراة صارَ مستواهُ أعلى حسبَ وهمِهِ!
فلمْ يعدْ يعلِّقُ لأحدٍ، بل وأسّسَ مجلّةً إلكترونيّةً تمنحُ شهاداتِ تكريمٍ ودكتوراة وكلَّ شيء يريدهُ ذوو العقولِ السّخيفةِ الّذين يعرفونَ أنّهم بلا موهبةٍ، فيتهافتونَ على تلكَ الأشياءِ كي يلفتوا نظرَ الآخرينَ لمعرفتِهم ألّا أحدَ يشعرُ بوجودِهم.
وكي لا يظُنَّ أصدقاءُ صفحتي الّذين قبِلوها أنّني أكتب ذلكَ من بابِ غيرةٍ أو حسدٍ، فمنَ الواجبُ ذكرُهُ أنّ هذه الدّكتوراة المزعومةَ عُرضتْ عليَّ أربعَ مرَّاتٍ:

* في المرَّةِ الأولى من جهةٍ عربيّةٍ أحترمها، وأقدّرُها أشاروا لاسمي في منشورٍ، فوجدتهُ شهادة دكتوراة فخريّة، نسختُها ولم أنشُرْها، أو أعلّقْ على منشورِهم.
أمّا لماذا نسختُها، فلأنّ كثيرينَ قد يعتقدون أنّني أُُسخِّف من هذه الدّكتوراة لأنّني لم أنلْها!

* في المرَّةِ الثَّانيةِ كانَ العرضُ رخيصًا كصاحبهِ، فرفضتُ، وحظرتُهُ، وألغيتُ صداقتي مع كلِّ واحدةٍ منحَها الدّكتوراة الفخريّة، لأنّني علمتُ مَا أخلاقُها!

* في المرّةِ الثَّالثةِ كانتْ بطريقةٍ مستفِزّةٍ من شخصٍ يكتبُ في البدايةِ للكاتبةِ قراءةً نقديّةً، ثمَّ بعد مدّةٍ يرسلُ على الماسنجر روابطَ منشوراتِه طالبًا التّعليقَ، بالنّسبةِ لي في المرّةِ الأولى علّقتُ، لأنّ منشورَ القراءةِ النقديّةِ كانَ لصديقةٍ لي أحبُّها، لكنَّ هذا الصّديقَ، باتَ كلّما نشرَ يرسلُ على الماسنجر لأعلّقَ، فقلتُ لهُ:
أرجو ألّا ترسلَ، حينَ أقرأ ما يُعجِبني أعلّق!
فقال: اقرئي المنشور فقط!
حينَ قرأتهُ فهمتُ المغزى، فقد كانَ شهادة دكتوراة فخريّة لأكثرِ المعلّقاتِ في صفحتِه، وهكذا كان يتمّ المنحُ في صفحتِه، والتّكريماتُ الخُلبيَّةُ، فقمتُ بحظرِه من صفحتَيه.

أمّا في المرّة الرّابعةِ، فأتتني الشّهادةُ الفخريّةُ على الماسنجر بعد حوارٍ أجريَ معي، وحين اعتذرتُ عن نشرِها في صفحتي لم يُنشرِ الحوارُ، وكانتِ الحجّةُ أنَّ المسؤولَ عن الصّحيفةِ مريضٌ، هذا الكلامُ منذ عامين، ويبدو أنّه مازالَ مريضًا مزعومًا!

وحقيقةٌ مؤسفةٌ أنَّ بعضََ الكُتَّابِ باتَ ينالُ بسهولةٍ لقبَ (الدُّكتوراة) الفخريّة بمجرّدِ نشرِه عدّةَ نصوصٍ، أو تملّقهِ لمديرِ مجموعةٍ أدبيّةٍ معيّنةٍ، وتراهُ يصدّقُ حقًّا أنّهُ دكتور!
لقد باتَ منحُ الألقابِ، وشهاداتِ الدّكتوراة الفخريّةِ لكلِّ من خطَّ بضعةَ أسطرٍ على شكلِ شعرٍ- وإذا قرأتَ وجدتَ نصّهُ لا علاقةَ له بالشّعرِ لا من بعيدٍ ولا من قريبٍ- عدا عن الأخطاءِ الإملائيّةِ المُروِّعةِ فيهِ.

والمأساويُّ في الأمرِ هوَ هؤلاءِ المطبّلونَ لهم، والمشجّعونَ إيّاهم على حماقتِهم وسخافتِهم، فيكبرُ الوهمُ في رؤوسهم، ويظنّونَ أنَّهم أصبحوا موهوبينَ متميّزينَ، وما هُم في الحقيقةِ إلّا مساكينُ مخدوعونَ!

أنا أجزم أنَّ معظمَ هؤلاءِ كي يغطُّوا على النّقصِ الّذي لديهم -لمعرفتِهم أنَّهم متطفّلونَ على الأدب- يلهثون لمنحِ أنفسِهم تلكَ الألقابِ الزّائفةِ، وممّا كتبتُه سابقًا في هذا الخصوصِ ونشرتُه في صفحتي عنْ مانحي الألقاب السّفيريّة:
سفيرِ القلمِ، سفيرِ الإبداعِ، سفيرِ الشّعر…الخ..
أُعيدُ نشرَهُ هنا عن هؤلاءِ سابقي الذِّكرِ:

“لقدْ هزُلَت أيُّها “اللبلابيُّونَ”!
واللبلابِيُّون، مصطلحٌ جديدٌ من ابتداعي؛ نسبةً إلى نبتةِ اللبلابِ المُتسلِّقةِ. علمًا أنَّ لنبتةِ اللبلابِ ورودًا جميلةً، وفوائدَ طبِّيَّةً، لكنْ مِنَ المُؤسِفِ القولُ:
إنَّ البَعْضَ مَاْ أَشْبَهُوْا اللَبْلَابَ إِلَّاْ فِيْ تَسَلُّقِهِ!”

ملاحظة: وضعتُ اثنتَينِ من شهادات الدّكتوراة الّتي مُنِحتُها
في أوّل تعليق بعد تغطية اسم “الدّكتور” المانح!
ميَّادة مهنَّا سليمان

هذا رابط منشور سابق عن اللبلابيّين:

قد يعجبك ايضا