التحذيرات من خروج الأوضاع عن السيطرة تتضاعف.. الرئاسة الفلسطينية تنذر من “الحرب” والفصائل تؤكد: لن نقف مكتوفي الأيدي

الشرق الأوسط نيوز : تصاعدت التنديدات الفلسطينية بهجمات الاحتلال ضد مدينة القدس والمسجد الأقصى اليوم الجمعة. ففي الوقت الذي حذرت فيه الرئاسة الفلسطينية من خروج الأمور عن السيطرة، واعتبارها تدنيس المسجد بمثابة “إعلان حرب”، أكدت الفصائل الفلسطينية على وحدة الميدان، ووجهت رسائل إنذار جديدة للاحتلال، من مغبة استمرار التصعيد والهجوم على المدينة المحتلة وباقي مناطق الضفة.

وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن ما يحدث من اقتحام للمسجد الأقصى يعد “تطورا خطيرا وتدنيسا للمقدسات”، مؤكدا أن ذلك بمثابة “إعلان حرب” على الشعب الفلسطيني، وطالب بتدخل فوري من جميع الجهات الدولية لـ”وقف العدوان الإسرائيلي الهمجي على المسجد الأقصى”، محذرا من خروج الأمور عن السيطرة، وقال “شعبنا الفلسطيني لن يسمح لقوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين بالاستفراد بالمسجد الأقصى وسيدافع عنه مهما كلف الأمر”.

وفي غزة، انطلقت مسيرة شعبية حاشدة جدا، من المسجد العمري الكبير وسط مدينة غزة، وسار المشاركون فيها يتقدمهم قادة الفصائل الفلسطينية، حتى وصلوا إلى ميدان فلسطين القريب، ورفع المشاركون في المسيرة أعلاما فلسطينية، ولافتات تندد بهجمات الاحتلال ضد المسجد الأقصى، وأخرى تحذر من نتائج هذه الهجمات على الأرض، حيث رفعت لافتات كتب عليها “كلنا فداك يا أقصى”، كما ردد المشاركون هتافات حماسية ضد الاحتلال، وصدحت مكبرات الصوت بأغان وطنية حماسية.

تحذير من استمرار الانتهاكات

وشهدت المسيرة تحذير الفصائل المشاركة للاحتلال، من مغبة الاستمرار في العدوان على القدس واستباحة المسجد الأقصى، وقال منسق لجنة المتابعة للفصائل والقوى الوطنية والإسلامية خالد البطش “إنّ جماهير غزة تخرج اليوم لتعلن دعمها وإسنادها لأهلنا في القدس وجماهير شعبنا في الضفة ومقاومتنا فيها”، مؤكدا أن الفصائل لا يمكن أن تقبل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ضد القدس والأقصى، محذرا من التمادي من أي خطوة كـ “ذبح القرابين”.

وقال “يد المقاومة طويلة في غزة وجنين ونابلس، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الاستفزازات، نقول للعدو إن معركة سيف القدس كانت لأسباب أقل بكثير مما يجري اليوم”، وأضاف “نقول للعدو وللمراقبين أسرعوا الخطى لوقف العدوان على بيت المقدس قبل فوات الأوان”. وطالب الدول العربية والإسلامية بأخذ دورها بالدفاع عن المسجد الأقصى وحمايته، كما دعا جامعة الدول العربية وعلماء الأمة لـ “التحرك ووقف الانتهاكات الإسرائيلية بحق القدس والأقصى”.

جاء ذلك بعد الهجمات التي طالت المصلين في المسجد الأقصى، والتي أدت لإصابة أكثر من 160 منهم بجراح، واعتقال عدد كبير، والذي ترافق مع فرض سلطات الاحتلال إغلاق تام وشامل على مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، يستمر حتى فجر الأحد، بسبب حلول “عيد الفصح” اليهودي، حيث أكد الاحتلال أن فرض الاغلاق جاء “في ظل تردي الأوضاع الأمنية”، وأنه من المقرر أن تقعد جلسة تقييم للأوضاع من جديد بناء على التطورات الميداني، لتقرر فيما إذا سيتم تمديد الإغلاق.

هنية: قرارنا الدفاع عن الأقصى مهما كان الثمن… والخارجية تحمل إسرائيل مسؤولية “الانفجار الكبير”

من جهتها أدانت وزارة الخارجية والمغتربين، “الجريمة البشعة” التي ارتكبها قوات الاحتلال في باحات المسجد الأقصى المبارك ضد المصلين والمعتكفين المدنيين، مؤكدة أن ما تعرض له المسجد الأقصى والمصلون “يكشف حقيقة نوايا الاحتلال الرامية لفرض السيادة الإسرائيلية على الأقصى وتقسيمه”، مشيرة إلى أن الهجوم “يكذّب ادعاءات بينيت وهرتسوغ بشأن الحفاظ على الوضع القائم”، وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجريمة ونتائجها، واعتبرتها “اختبارا لمشاعر المسلمين قبل الإقدام على الانفجار الكبير”.

وأكدت أن المجتمع يتحمل المسؤولية عن نتائج صمته وتجاهله لما يتعرض له الشعب الفلسطيني عامة، والقدس ومقدساتها والأقصى بشكل خاص، وقالت إن الاحتلال يوظف الأعياد اليهودية لتنفيذ مخططاته الاستعمارية للقدس والأقصى.

وقال وزير الخارجية رياض المالكي، إن هناك جهودا متواصلة على المستويات الدولية كافة لحماية المسجد الأقصى، وأشار إلى أهمية التنسيق الفلسطيني الأردني لتعميق الحراك السياسي والدبلوماسي على المستويات كافة، لحماية المسجد الأقصى من خطر التهويد، لافتا إلى ان سلطات الاحتلال تستغل ازدواجية المعايير الدولية لتكريس احتلالها واختطافها للقدس.

والمعروف أن احتفالات إسرائيل بـ “عيد الفصح” التي بدأت الجمعة، تستمر لمدة أسبوع، وسط مخاوف فلسطينية بأن تشهد أيام العيد، تصعيدا في هجمات قوات الجيش والمستوطنين.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في تعقيبه على الأحداث في القدس “إن هناك خيارين فقط أمام العربدة الصهيونية واقتحام المسجد الأقصى المبارك؛ إما الاحتلال والبطش والقرابين في المسجد الأقصى، أو الرباط وترسيخ إسلامية القدس ومسجدها الأقصى”، وأضاف “نحن الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية من يقرر، وقرارنا الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايته مهما كان الثمن، فلا مكان للغزاة في قدسنا وأقصانا، وسوف ننتصر في صراع الإرادة والهوية مهما طال الزمن”.

وأدان الناطق باسم حركة حماس فوزي برهوم، بشدة “الاعتداءات الوحشية” لجنود الاحتلال الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى، وحمل الاحتلال كل ما يترتب على ذلك من مخاطر تمس بمشاعر الشعب الفلسطيني وأهل القدس الذين قال إنهم ” يخوضون معركة حقيقية في الدفاع عن المسجد الأقصى”، مشيدا بصمود سكان مدينة القدس المحتلة والمرابطين في المسجد الأقصى لدفاعهم عن المسجد، وتصديهم البطولي لجنود الاحتلال. وأضاف “أن مشاهد البطولة للمصلين والشبان المقدسيين وهم يتصدون للجنود الصهاينة، تعيد للأذهان مشاهد البطولة في مقاومة وإفشال مخططات البوابات الإلكترونية التي تصدى لها أهلنا في القدس والداخل الفلسطيني المحتل”، وتابع “أهلنا في القدس ليسوا وحدهم في معركة الأقصى بل معهم كل شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة وقواه الحية ومن خلفهم أبناء الأمة الأحرار”.

من جهتها قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن الشعب الفلسطيني الذي يقف صفاً واحداً في مواجهة العدوان والإرهاب، “سيدافع بكل بسالة عن القدس والمسجد الأقصى، وسيبقى المقاتلون والمجاهدون في كل مكان في حالة استنفار وتأهب لردع العدوان والقيام بواجبات المقاومة دفاعاً عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا”، ودعت الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم لإعلان النفير العام والاشتباك مع العدو”، كما دعت الفلسطينيين لـ “شد الرحال” للمسجد الأقصى، والتصدي لأي محاولة لاقتحامه من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال.

وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن ما يجري من عدوان على المسجد الأقصى، يمثل “تصعيدا خطيرا يتطلب أعلى إسناد للمعتصمين في المسجد ولأهل القدس وإلى أعلى وأوسع وحدة ميدانية، وإشعال النار في وجه الاحتلال على امتداد فلسطين التاريخية”. وأشادت الجبهة بسكان القدس ومناطق الـ 48 الذين يتصدون بإرادة وعزيمة لقوات الاحتلال التي اقتحمت الأقصى، ولكل أشكال الاعتداءات والممارسات الصهيونية، وقالت “هذه الجماهير التي أثبتت بجدارة أنها الحارس الأمين للمقدسات والهوية الوطنية الفلسطينية”.

وأشارت إلى أن صمت المجتمع الدولي بمؤسساته ومنظماته المختلفة عما يجري من هجمة متواصلة على الشعب الفلسطيني وخصوصاً في مدينة القدس “يشجع الاحتلال على التمادي في الانتهاكات والاعتداءات على شعبنا”، وطالبت الشعوب العربية إلى التحرك الفوري والعاجل لنصرة مدينة القدس والمسجد الأقصى وإسناد نضال الشعب الفلسطيني.

واستنكرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية ما وصفتها بـ “الأعمال الإجرامية المتواصلة” التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في البلدات والمدن الفلسطينية، والتي تشمل “إعدامات ميدانية”، وتهويد وفرض سياسة “التطهير العرقي” وهدم المنازل، مؤكدة على حق الشعب الفلسطيني في “الكفاح الوطني المشروع كونه حقا أصيلا ومكفولا بكل القوانين الدولية”، مشيرة إلى أن ما تمارسه القوة القائمة بالاحتلال “هو أحد أشكال إرهاب الدولة المنظم”، وقالت محذرة من خطوة الأوضاع “ما يجري حرب مفتوحة تتطلب توفير حماية دولية فورية للشعب الفلسطيني”.

تنديد عربي ودولي

وأكدت على ضرورة تفعيل جميع الأدوات القانونية المتاحة بما فيها العمل على الإسراع في فتح تحقيق دولي من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ومجلس حقوق الإنسان، والمؤسسات الحقوقية، والعمل على تقديم قادة الاحتلال للمحاكم الدولية، وقالت “استمرار الصمت الدولي من شأنه أن يشجع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الجرائم بما فيها جرائم المستوطنين بحق أبناء الشعب الفلسطيني”.

وطالبت بضرورة الشروع في حوار وطني شامل يضم جميع المكونات السياسية والمجتمعية وكافة القطاعات، والعمل كذلك على اتخاذ خطوات جدية تنهي الانقسام الفلسطيني، وبما يمكنه من مواجهة التحديات في إطار نظام سياسي ديمقراطي تعددي.

يشار إلى أن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، حذر من إشعال الموقف في المسجد الأقصى، حيث حمل المسؤولية لقوات الاحتلال الإسرائيلي التي قال إنها “تمارس عدوانا خطيرا على الشعب الفلسطيني ضد حقه في إقامة الشعائر داخل الأقصى في شهر رمضان”، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته إزاء هذه التصرفات غير المسؤولة من قبل حكومة الاحتلال.

من جهته قال المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، معلقا على أحداث القدس “إن الاستفزازات في الأماكن المقدسة يجب أن تتوقف الآن”، وقد عبر عن قلقه إزاء الأحداث المتصاعدة في المسجد الأقصى، وقال “نشعر بقلق عميق إزاء تدهور الوضع الأمني في القدس”، مطالبا القادة السياسيين والدينيين من جميع الأطراف بالمساعدة في تهدئة الأوضاع. وأكد أن الأمم المتحدة على اتصال وثيق مع كل الأطراف وشركائها الأساسيين في المنطقة لتهدئة الأوضاع.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا