الديانات السماوية مكملة لبعضها البعض وتقوم على المحبة والسلام والتعايش والأخوة الإنسانية تحت مبدأ: لكم دينكم ولي دين

بقلم د. تيسير فتوح حجه  …..

الأمين العام لحركة عداله.
عبر التاريخ الإنساني، لم تكن الديانات السماوية يومًا مشاريع صدام أو أدوات إلغاء للآخر، بل جاءت في جوهرها رسالات هداية، تهدف إلى بناء الإنسان، وترسيخ قيم العدل، ونشر المحبة والسلام بين البشر. فاليهودية والمسيحية والإسلام تشترك في المصدر الإلهي، وتلتقي في القيم الأخلاقية الكبرى، وتتكامل في رسالتها الإنسانية، مهما اختلفت الشرائع والتفاصيل.
لقد أكدت الديانات السماوية جميعها على كرامة الإنسان باعتباره خليفة في الأرض، وعلى ضرورة احترام النفس البشرية، وحرمة الدم، وصون الحقوق، ونبذ الظلم والعدوان. ولم يكن الاختلاف الديني يومًا مبررًا للكراهية أو الإقصاء، بل كان – في أصله – مساحة للتعارف والتكامل، كما جاء في قوله تعالى:
“وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا”.
إن مبدأ “لكم دينكم ولي دين” ليس شعارًا للانفصال أو القطيعة، بل قاعدة راسخة للتعايش واحترام الخصوصية الدينية، وهو تعبير عميق عن الإقرار بحق الآخر في الإيمان والاختيار، دون إكراه أو استعلاء. فهذا المبدأ يرسّخ التعددية الدينية، ويؤسس لعلاقة إنسانية قائمة على الاحترام المتبادل، لا على الصراع أو الهيمنة.
وفي السياق الفلسطيني، حيث تعايش المسلم والمسيحي والسامري عبر قرون طويلة، تتجسد هذه القيم عمليًا في نسيج اجتماعي واحد، أثبت أن الانتماء الوطني والإنساني أسمى من أي توظيف ديني ضيق. ففلسطين كانت وما زالت نموذجًا حيًا للأخوة الإنسانية، رغم كل محاولات التفتيت وبث الفتن.
ومن هنا، تؤكد حركة عداله أن الدين يجب أن يكون عامل وحدة وبناء، لا أداة تحريض أو تكفير أو استغلال سياسي. وترفض الحركة رفضًا قاطعًا استخدام الدين لتبرير العنف أو الإقصاء أو انتهاك حقوق الإنسان، وتدعو إلى خطاب ديني عقلاني، أخلاقي، يعيد للديانات السماوية رسالتها الحقيقية القائمة على المحبة والعدل والسلام.
إن العالم اليوم، وهو يرزح تحت أزمات الحروب والكراهية والتطرف، أحوج ما يكون إلى استحضار الجوهر الإنساني للديانات السماوية، وإلى إعادة الاعتبار لقيم التعايش والأخوة الإنسانية، بعيدًا عن التعصب وسوء الفهم. فالدين، في جوهره، دعوة للسلام، ورسالة للإنسان، وجسر للتلاقي لا ساحة للصراع.

الكاتب من فلسطين

قد يعجبك ايضا