زكريا حجر… من هندسة العقل إلى هندسة الردع: كيف هزّ شهيدٌ يمنيّ منظومات الاستكبار العالمي
عدنان عبدالله الجنيد …..
من صعدةَ القرآن إلى بحار العالم: مهندسُ الردع الجديد، وباني سلاح الجوّ المسيّر، ومُغلقُ الممرّات والمطارات، ورجلُ الظلّ الذي نقل اليمن من الحصار إلى كسر الهيمنة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس… شهيدٌ على طريق القدس.
المقدمة :
من يمنِ الإيمانِ والحِكمة، من نَفَسِ الرحمن، ومن صعدةَ التي تُنبتُ القادة كما تُنبتُ الجبالُ الصوان؛ خرج زكريا عبدُ الله يحيى حجر لا ليكونَ اسمًا في سجلٍّ عسكريّ، بل ليكون معادلةً تاريخيةً جديدة.
وُلد من رحم المشروع القرآني، وتربّى في محراب الإمام الهادي، وحمل القرآن في صدره قبل أن يحمل الصاروخ في منصّته، فجمع ما عجزت عنه جيوشٌ جرّارة: العلمُ حين يتعبّد، والجهادُ حين يُفكّر.
لم يكن مجرّد قائد، بل كان عقلَ حربٍ يعمل بصمت، ويدير أخطر التحوّلات العسكرية في زمن الهيمنة؛ فهندس الردع، وبرمج الخوف في منظومات العدو، وحوّل اليمن من ساحة مستهدفة إلى مركز ثقلٍ استراتيجيٍّ عالمي.
زكريّا… حين تحوّل الذِّكرُ إلى مختبر، والعقيدةُ إلى سلاح:
لم يكن إدراج اسم زكريا حجر في قوائم العقوبات عام 2022 إجراءً سياسيًّا، بل اعترافًا استراتيجيًّا بأن هذا الرجل هو أحد أخطر العقول التي أنجبتها مدرسة البحوث والتطوير العسكري في اليمن.
فمراكز البحث والتطوير ليست أبنيةً إسمنتية، بل عقول سيادية، وزكريا كان مهندسها الأول:
كسر احتكار السلاح
حوّل الحصار إلى دافع ابتكار
نقل اليمن من الاستيراد إلى الهندسة العكسية الشاملة
وهنا تلتقي دلالة الاسم بالفعل:
زكريا = ذكرُ الله،وذكرُ الله عنده لم يكن تسبيحًا لفظيًّا، بل بناءَ قوّةٍ تردع الطغيان.
عبدُ الله… العبوديةُ التي أنجبت القدرة:
لم يحمل اسم عبد الله عبثًا؛ فقد كان عبدًا لله في قراره، في علمه، وفي جهاده.
لم يعرف الترف، ولم يسعَ للظهور، بل اختار أن يكون عبدًا للحقّ، وقائدًا في الميدان.
في شخصيته اجتمعت:
الطاعة التي لا تُساوم
الحكمة التي لا تتهوّر
المسؤولية التي لا تتراجع
هكذا صُنعت قيادته: إيمانٌ يضبط القوّة، وقوّةٌ تحمي الإيمان.
يحيى… الذي أحيا الردع فأمات الأساطيل:
لم يكن اسمه يحيى توصيفًا بيولوجيًّا، بل دورًا تاريخيًّا.
أحيا اليمن في زمن كان العالم يراهن على موته.
في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، تحوّل البحر الأحمر، وباب المندب، والمحيط الهندي، إلى خرائط اشتباك يمنية، وأُغلقت الموانئ والمطارات، وسقطت هيبة العبور الآمن.
بقيادة هذا العقل:
أُغلق ميناء إيلات
شُلّت الملاحة الجوية
تغيّرت مسارات التجارة العالمية
لقد أحيا الأمة بالردع، وأحيا غزة بالفعل لا بالبيانات.
حَجَر… حين صارت الصلابةُ عقيدة، والعقلُ حصنًا:
لم يكن لقب حجر مجازًا؛ بل كان تجسيدًا للمنع والحماية والعقل.
هو حجر الزاوية في معادلة الردع الجديدة.
لأول مرة في التاريخ:
صواريخ باليستية تُصيب سفنًا متحركة
حاملات طائرات تُجبر على الانسحاب
منظومات “إيجيس” تُستنزف بسلاحٍ محليٍّ منخفض الكلفة
هنا سقطت أسطورة التفوّق الغربي، وارتجفت البحرية الأمريكية أمام حجرٍ يمنيٍّ صلب.
هاجر… الذي هاجر بالخوف إلى قلب تل أبيب:
باسمه الحركي “هاجر”، أعاد تعريف الهجرة:
لم يهاجر من أرضه… بل هاجر بالرعب إلى عاصمة العدو.
طائرة “يافا” لم تكن مسيّرة فحسب، بل:
اختراقًا استخباراتيًّا غير مسبوق
فضحًا للقبة الحديدية
صفعةً مباشرة لنتنياهو
2000 كلم من البرمجة والإرادة، لتعلن أن تل أبيب لم تعد آمنة.
رجلُ الظل… حين تُكتب الحروب بلغة البرمجة:
كان زكريا حجر يعمل حيث لا كاميرات، ولا خطابات.
في عالم:
الخوارزميات.
التشفير.
الذكاء العسكري
من الصواريخ الفرط صوتية، إلى الرؤوس الانشطارية، إلى إسقاط MQ-9،
كتب اليمن اسمه في تقارير البنتاغون كقوةٍ صاعدة لا تُفهم بالمنطق التقليدي.
هذا هو سرّ الإذهال:
عقلٌ محاصر… يهزم إمبراطوريات مفتوحة.
مدرسة زكريا: العلم الذي لا ينقطع”
لم يكتفِ الشهيد ببناء الصاروخ، بل بنى “الإنسان”؛ فأسس مدرسةً من الكوادر والخبراء الذين تشربوا فنون هندسة الردع.
رحل زكريا كجسد، لكنه بقي كـ “منهجية تصنيع” تسري في عروق القوة الصاروخية، ليكون كل صاروخ ينطلق نحو يافا هو صدىً لعقله، وكل مسيرة تخترق الأجواء هي بصمةٌ من روحه التي لا تغيب.
قافلةُ النور… حين ارتقى القادةُ معًا، وتقدّم الشهداءُ صفًّا واحدًا في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس:
في يومٍ مشهودٍ من أيّام اليمن الخالدة، ودّعت العاصمة صنعاء كوكبةً من قادة الميدان وعقول المعركة، ارتقوا معًا في الصفوف المتقدمة، ليكتبوا بدمائهم فصلًا جديدًا من فصول العزّة والسيادة.
من جامع الشعب، حيث تختلطُ الدموعُ بالعهود، أدّت جموعٌ غفيرة من أبناء الشعب اليمني—يتقدّمهم العلماء والقيادات الرسمية والعسكرية—صلاةَ الوداع على شهداءٍ لم يكونوا أفرادًا في معركة، بل أركانًا في مشروع أُمّة:
الشهيد اللواء زكريا عبد الله يحيى حجر.
الشهيد اللواء محمد خالد الحيفي.
الشهيد العميد أحمد عبد الله حجر.
الشهيد العميد حسين يحيى الهاشمي.
الشهيد العميد عبد الله يحيى حجر.
هؤلاء لم يجتمعوا في الشهادة صدفة، بل اجتمعوا لأنهم اشتركوا في الرؤية، والميدان، والقرار، والمصير.
قادةٌ آمنوا أن الجهاد ليس ردّة فعل، بل خيار أُمّة، وأن معركة الفتح الموعود ليست معركة حدود، بل معركة كرامة ومقدّسات.
انطلق موكب التشييع وصنعاء كلّها تمشي خلف النعوش، لا لتودّع، بل لتُجدّد العهد. كانت الهتافات بيعةً، وكانت الخطوات إعلانًا صريحًا أن دماء القادة لا تُطفئ المعركة، بل تُشعل مراحلها القادمة.
وفي روضة الشهداء بقمة عصر، وُوريت الأجساد الطاهرة الثرى، لتبقى الأرواح حيّةً في الميدان، شاهدةً أن اليمن—شعب الإيمان والحكمة—حين يقدّم قادته، فإنما يقدّمهم ليصنع النصر لا ليؤجّله.
الخلاصة التاريخية: دماءُ تُزهر نصرًا… وأُسرٌ تصنع أُممًا:
رحل الخبيرُ المجاهد زكريا عبد الله يحيى حجر نحو العزّة السرمدية، لكنه لم يرحل إلا بعد أن أعاد تعريف معنى القوّة في زمن الاستكبار.
غادر وقد ترك خلفه منظومات صاروخية، وطيرانًا مسيّرًا، وعقولًا مدرَّبة، ومدرسةً كاملة في تحويل العلم إلى جهاد، والبرمجة إلى ردع.
غير أن عظمة زكريا لا تُختزل في إنجازه الفردي، بل تتجلّى في الجذر الذي أنبته:
إنها أسرة آل حجر… الأسرة التي لم تتعامل مع الشهادة كفقد، بل كاصطفاء.
بشهادته، التحق زكريا بقافلة النور في بيته قبل ميدانه، ليكون الشهيد الخامس في سجلّ أسرةٍ قرّرت أن تدفع ثمن الحرية كاملًا:
الشهيد عبد المطلب.
الشهيد علي.
الشهيد يحيى.
الشهيد محمد.
الشهيد زكريا.
هذه ليست أسماء، بل أركانُ مشروع، ورسالةٌ واضحة بأن السيادة لا تُمنح، وأن طريق القدس لا يُفتح إلا بصفوة الرجال، وأن الأُسر التي تُنجب الشهداء هي التي تحمي الأُمم من الانكسار.
العهد:
نعاهدك يا زكريا—ومعك رفاقك الشهداء—أن ما بنيتموه لن يكون ذكرى، بل عقيدة عمل.
نعاهدكم أن تبقى صواريخكم ومسيّراتكم سارية المفعول، وأن يظل الردع الذي أسّستموه حاضرًا في كل بحر وسماء، وأن تظل دماؤكم الطاهرة هي الوقود الذي يدفع هذه الأُمّة قُدمًا نحو القدس.
نم قرير العين…
فخلفك رجالٌ لا ينامون،وأُسرٌ تُنجب القادة،وشعبٌ قرّر أن يكون في قلب المعركة… لا على هامش التاريخ.
الكاتب من اليمن