سُخرية وتصوير للفتيات.. مقاطع “تيك توك” تفجر غضب الأتراك ضد اللاجئين وتُغذي حملات عنصرية

الشرق الأوسط نيوز : تكررت في الأيام الأخيرة حوادث القبض على لاجئين في تركيا واعتقالهم أو ترحيلهم بتهمة تصوير مقاطع فيديو ونشرها عبر منصة “تيك توك” بعدما اعتبرت بمثابة “تصوير سري للفتيات” و”تحرش” وأخرى اعتبرت أنها تحتوي على “سخرية وإهانة” وهو ما فجّر غضباً واسعاً في صفوف المواطنين الأتراك، وغذّى بدرجة كبيرة حملات عنصرية متصاعدة تستهدف اللاجئين من جنسيات مختلفة في تركيا.

ونشر شاب باكستاني مقطع فيديو عبر “تيك توك” يوثق ركوبه سفينة المواصلات اليومية بين ضفتي مضيق البوسفور في إسطنبول، لكن المقطع يُظهر بشكل واضح كيف قام بتصوير الفتيات في السفينة وعمل “زوم” على الفتيات اللاتي يرتدين ملابس قصيرة بشكل خاص، ناشراً مقطع الفيديو مرفقاً بأغانٍ باكستانية، وبعض الكتابات التي قيل إنها “مسيئة وفيها تحرش بالفتيات التركيات”.

المقطع الذي عثر عليه الأتراك وانتشر على نطاق واسع في تويتر، فجّر غضباً واسعاً، وهو ما دفع السلطات التركية لملاحقة صاحبه، حيث أعلن في وقت لاحق عن اعتقال شابين باكستانيين دخلا الأراضي التركية بشكل غير قانوني عبر إيران، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم تمهيداً لترحيلهم خارج البلاد.

ولم تمر ساعات، حتى انتشر مقطع “تيك توك” جديد لشاب باكستاني وهو يصور حركات “ساخرة” مع موظفات الكاشير في محلات السوبر ماركت في تركيا، بحيث يصور الفتيات عن قرب، ويقوم بدفع الحساب بإلقاء العملة المعدنية على مراحل لإجبار الفتيات على جمعها، وهو ما اعتبر بمثابة “تحرش وتعدٍ وتطاول”، وولّد دعوات غاضبة جداً على مواقع التواصل الاجتماعي مجدداً ضد اللاجئين بشكل عام.

 

وفي حادثة ثالثة أيضاً، ينشر شاب قالت مصادر تركية إنه باكستاني جرى اعتقاله، مقاطع فيديو عبر “تيك توك” وهو يتجول في المناطق السياحية بإسطنبول مُركزاً على تقريب “الزوم” على بعض الفتيات اللاتي يرتدين ملابس قصيرة وخاصة في المناطق الساحلية بإسطنبول، حيث تداول الأتراك هذه المقاطع عقب تظليلها ما راكم حالة الغضب المتصاعدة في الأيام الأخيرة على خلفية حوادث مشابهة.

وفي واقعة أخرى، أظهر مقطع فيديو انتشر على “تيك توك” مجموعة من 6 شبان باكستانيين تقوم باحتجاز 9 لاجئين آخرين تحت تهديد السلاح في أحد المباني بإسطنبول بهدف ابتزاز عائلاتهم عقب سرقة أموالهم وهواتفهم الشخصية، قبل أن تعلن السلطات التركية اعتقال 2 من أصل 6 أشخاص ظهروا بالفيديو وتحويلهم للقضاء، حيث طلب المدعي العام أحكاما بالسجن بحقهم تصل إلى 264 عاماً.

 

وفي حوادث أخرى متفرقة، منذ بداية شهر رمضان، أثار أتراك الكثير من مقاطع الفيديو التي نشرها لاجئون من جنسيات مختلفة عبر “تيك توك” والتي تضمنت تصويرا مباشرا بشكل سري للفتيات في أماكن مختلفة لإظهار ما قالوا إنه “اللباس غير المحتشم في رمضان” و”تناول المواطنين للطعام في نهار رمضان”، وهو ما اعتُبر في تركيا بمثابة “تدخل سافر في حياة المواطنين وتحرش ومضايقة للحريات السائدة في البلاد”.

هذه الحوادث المتلاحقة وغيرها، أثارت حالة غير مسبوقة من الاحتقان والغضب الشعبي، طالت بدرجة أساسية سياسات الحكومة التركية اتجاه اللاجئين، وسط اتهامات لها في الاستمرار بالتساهل في ضبط الحدود ومنع عبور اللاجئين إلى تركيا، ووضع حد لهذه الممارسات التي تقوم بها شريحة من اللاجئين والمهاجرين بشكل غير قانوني.

في المقابل، استغل معارضون وشخصيات قومية عنصرية هذه الحوادث كوقود لحملاتهم المتصاعدة ضد اللاجئين وسط حملات إلكترونية متجددة جعلت الوسوم “هاشتاغات” المطالبة بطرد اللاجئين والتضييق عليهم تتصدر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة طوال الأيام الماضية، وسط حالة احتقان غير مسبوقة دفعت كثيرين للتحذير من مخاطر تحولها إلى صدام خطير بين المواطنين واللاجئين.

وفي محاولة لضبط الأمور، كثفت الجهات التركية الرسمية وخاصة وزارة الداخلية ودائرة مكافحة الهجرة وإدارة الهجرة إجراءاتها لملاحقة اللاجئين المتهمين بالتسبب في الحوادث السابقة وغيرها ونشرت صور اعتقالهم وترحيل بعضهم، كما جرى تكثيف الحملات ضد الهجرة غير القانونية والمقيمين بدون أوراق رسمية، في المقابل أعلنت وزارة الداخلية التركية حملة ضد ما قالت إنها حسابات بأسماء تركية “تهدف لإشعال الفتنة” بين المواطنين واللاجئين، وملاحقة أصحابها.

وفي الأشهر الأخيرة، شددت الحكومة التركية من إجراءاتها في التعامل مع اللاجئين أو ما كان يعرف بسياسة “الباب المفتوح” مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، والتي يتوقع أن يكون ملف اللاجئين من أبرز الملفات المؤثرة في توجهات الناخبين، وسط مساعٍ من الحكومة لسحب هذا الملف من يد المعارضة التركية، إلا أن إجراءات الحكومة هذه فتحت الباب أمام انتقادات حقوقية متزايدة حول قانونية الإجراءات ومراعاتها لحقوق الإنسان واللاجئين.

ومن أبرز هذه الإجراءات، تقنين إجراءات منح التأشيرات للكثير من الدول التي يأتي منها اللاجئون، وتعقيد إجراءات منح “الإقامة السياحية” التي يقيم بموجبها أغلب المقيمين في تركيا، وتنظيم حملات أمنية واسعة ضد من لا يحملون الأوراق القانونية اللازمة، كما شملت الإجراءات التشديد ضد اللاجئين السوريين وسط اتهامات من منظمات حقوقية بترحيل عشرات اللاجئين إلى شمال سوريا لأسباب مختلفة.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا