الراعي في إرشاد بطريركي يحذّر من انتخاب أكثرية خلاف الغالبية الشعبية في غفلة من الوعي

الشرق الأوسط نيوز : في ما يشبه الإرشاد البطريركي، حرص البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في رسالة عيد الفصح على تحذير الشعب اللبناني من “انتخاب أكثرية نيابية لا تشبهه ولا تلتقي مع طموحاته، ولا تقدر أن تحل أزماته فتزيد من عزلته ومن انهياره”، معتبراً أنه “ستكون حالة غريبة أن تأتي الغالبية النيابية خلاف الغالبية الشعبية بسبب سوء اختيار الشعب؛ فيضطر لاحقاً إلى معارضة نواب انتخبهم في غفلة من الوعي الوطني”، منبّهاً الشعب بأنه “يجدر به وهو يختار نوابه، أن يدرك أنه يختار أيضاً رئيس الجمهورية المقبل، بل الجمهورية المقبلة”.

وقد استبق البطريرك الراعي برسالته حضور رئيس الجمهورية ميشال عون قداس الأحد في بكركي، وجاءت هذه الرسالة لتذكّر بموقف للبطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير أطلقه قبل انتخابات 2009 وغيّر مجرى التصويت ومنح قوى 14 آذار/ مارس الأكثرية النيابية بعدما رأى “أننا اليوم أمام تهديد للكيان اللبناني ولهويتنا العربية، وهذا خطر يجب التنبه له”، مضيفاً “الواجب يقضي علينا أن نكون واعين لما يُدبّر لنا من مكائد، ونحبط المساعي الحثيثة التي ستغيّر، إذا نجحت، وجه بلدنا”. وكان البطريرك صفير يقصد حزب الله ما اضطر أمينه العام السيد حسن نصرالله للرد واعتبار موقف بكركي بأنه “أخطر من التكليف الشرعي الذي يلزم أبناء الطائفة الشيعية”.

وهكذا فقد خرق موقف البطريرك الراعي عطلة عيد الفصح من حيث تركيزه أيضاً على هوية لبنان بقوله “عندما رأى القديس البابا يوحنا بولس الثاني أن هوية لبنان مهددة، وجّه رسالة رسولية إلى جميع أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في العالم بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر 1989، دعاهم فيها إلى التحرك من أجل حماية لبنان”.

واعتبر “أننا نعيش اليوم ظرفاً مماثلاً، يحملنا على أن نتكلم عن حقيقة لبنان، ونتساءل: أيعقل أن نصبح وطن الانحطاط وقد كنا بلد النهضة التي أسّسناها ونشرناها في لبنان والشرق والعالم؟ أيعقل أن نمسي دولة التسوّل وقد كنا دولة الجود والعطاء؟ أيعقل أن نغدو جماعة التبعية وقد كنا المرجعية والمثال. أيعقل ألا يميّز البعض بين الصح والغلط؟ أيعقل أن نصير مجتمع التناقضات وقد كنا مجتمع التكامل؟ أيعقل أن نضحي شعب القبول بالأمر الواقع وقد كنا شعب الصمود والمقاومة”، مضيفاً “لن نقبل بوقف حركة التاريخ والإنسان لئلا نفقد مبرر وجودنا الخاص والمميز بكل الخصائص في هذه المنطقة، وقد كنا فيها حالة اليقظة والإشعاع”.

ودعا إلى أن “نضع حداً للأمر الواقع الذي يتألم منه الشعب، ويهمّش الدولة الشرعية، ويبعثر وحدتها بين دويلات أمنية ودويلات قضائية ودويلات حزبية ودويلات مذهبية ودويلات غريبة. فبقدر ما يتحرك الشعب ويواجه جدياً هذا الأمر الواقع الكارثي، يتشجع المجتمع العربي والدولي لمساعدته وتوفير إمكانات التغيير ووسائل الإنقاذ. وبقدر ما رحبنا بعودة أصدقائنا العرب إلى لبنان، نتمنى أن يعود اللبنانيون أنفسهم إلى لبنان ويتخلوا عن ولاءاتهم الخارجية وعن انتماءاتهم إلى مشاريع غريبة عن تاريخنا وتراثنا”، لافتاً إلى “أن إنقاذ لبنان بوحدته وتعدديته مرتبط بالتخلي عن الأدوار المصطنعة والمستوردة، وباسترداد دوره الوطني والحضاري وهويته الأصيلة وحياده، وبالولاء المطلق له، وبوحدة الدولة وسلطتها، وباعتماد اللامركزية الموسعة، وبالسيادة والاستقلال وحرية الإنسان”، مؤكداً “أن وحدة لبنان تهاوت عندما اصطدمت بتعدد الولاءات، والانحياز إلى المحاور الإقليمية، والانقلاب على الميثاق الوطني”.

وقال بطريرك الموارنة “نراهن مع المواطنين ذوي الإرادة الحسنة على حصول الانتخابات النيابية في موعدها، ومن بعدها الرئاسية. فإنها فرصة التغيير. إذا لم يتنبه الشعب إلى خطورة المرحلة ويقدم على اختيار القوى القادرة على الدفاع عن كيان لبنان وهويته، وعلى الوفاء لشهداء القضية اللبنانية، وعلى إعادة علاقات لبنان العربية والدولية، فإنه، هذا الشعب نفسه، يتحمل هو، لا المنظومة السياسية، مسؤولية الانهيار الكبير. ومن حظ لبنان أن التغيير فيه لا يزال ممكناً ديمقراطياً. فلا تعطلوا أيها اللبنانيون هذه الوسيلة الحضارية السلمية الأخيرة. إن نتائج الانتخابات النيابية تتوقف على المشاركة فيها. فلا يوجد خاسر سلفاً ولا رابح سلفاً. لبنان يحتاج اليوم وكل يوم إلى أكثرية نيابية وطنية، سيادية، استقلالية، مناضلة، مؤمنة بخصوصية هذا الوطن والدولة الشرعية والمؤسسات الدستورية وبالجيش اللبناني مرجعية وحيدة للسلاح والأمن، وبوحدة القرار السياسي والعسكري”.

وعلى خط مواز، رفع عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب وائل أبو فاعور نبرته في وجه حزب الله و”الرئيس القوي” والبعث السوري، رافضاً في خلال إعلان لائحة “القرار الوطني المستقل” في دائرة راشيا – البقاع الغربي التخوين من قبل حزب الله، وسأل “أينَ كنتم عندما كان أبناء البقاع الغربي وراشيا يقاتلون مع الثورة الفلسطينية والحركة الوطنية بقيادة كمال جنبلاط؟، أين كنتم عندما كانت ابنة القرعون تقدّم نفسها شهيدةً ضدّ العدو الإسرائيلي؟ أين كنتم عندما كان ابن جب جنين يقاتل مع الثورة الفلسطينية في عام 1936؟، أين كنتم عندما كان ابن كامل اللوز يقدّم نفسه شهيداً مع المقاومة الوطنية اللبنانية؟”.

أبو فاعور يتوعّد بكسر الحصار عن المختارة ويسأل حزب الله “أين كنتم” داعياً لدفن العهد الأسود

وقال “نحن الذين صنعنا فكرة المقاومة في هذا الوطن، كمال جنبلاط هو من صنع هذه الفكرة، ونحن الذين نحافظ على هذه المقاومة وابناء البقاع الغربي وراشيا ولولا دماؤنا لكان هذا الوطن محمية اسرائيلية”.

وأضاف “لبعض أهل الخارج نقول، مهما دسستم من دسائس، وحكتم من مؤامرات في فهذه المنطقة لن تعود إلى وصايتكم، هذه المنطقة أسقطت الوصاية عندما انحازت إلى جانب كمال جنبلاط في رفضه للسجن العربي الكبير، وإلى دم الشهيد رفيق الحريري في عام 2005”.

وتابع “تريدون اليوم محاصرة هذه المنطقة عبر أحصنة طروادة من بيروت إلى الشوف وعاليه والبقاع الغربي وكل المناطق، حاصرونا إن استطعتم، حاصروا المختارة أن استطعتم فالمختارة هي التي ستحاصركم، وستكسر حصاركم، المختارة والبقاع الغربي وراشيا سينشدون في الانتخابات النيابية نشيدَ محمود درويش، “أنا احمد العربي فليأت الحصار، جسدي هو الممر فليأت الحصار”.

ورأى أنه “إذا كان البعض اليوم يحلم بإعادة إنتاج هذا العهد عبر مرّشح جديد وعبر وجهٍ جديد، فأنى لكم أن تعيدوا هذا العهد الأسود”.

وتوجّه إلى أهل البقاع الغربي وراشيا بالقول “ادفنوا هذا العهد الأسود بأصواتكم في 15 أيار/ مايو، ادفنوا إمكانية إنتاج هذا العهد الأسود بأصواتكم الحرّة والديمقراطية، فنحن جزء من المعركة الوطنية الكبرى وإذا ساد هذا العهد أو فكرته أو حلفاؤه، فعدوا أنفسكم أننا مع موعد مع سنوات طويلة عجاف ومع العتمة فأي عهد تريدون إعادة إحيائه؟ أي عهدٍ تعيدون اللبنانيينَ به؟”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا