بنزيمة… هل لك سرُ عند الله؟
الشرق الأوسط نيوز : حصل مقطع فيديو مدته لا تزيد على 20 ثانية، على ملايين المشاهدة في مواقع التواصل الاجتماعي، بتركيب صوت القارئ الكويتي مشاري راشد، في أنشودته المحركة للمشاعر «هل لك سر عند الله»، على أبرز الأهداف المجانية، التي سجلها قائد ريال مدريد كريم بنزيمة، من العدم، إما بهدية من حراس المرمى، وإما بالضغط عليهم لإجبارهم على الوقوع في الخطأ، على غرار هدفه الشهير في نهائي دوري أبطال أوروبا في مرمى ليفربول 2018، وما فعله في المسكين جيجي دوناروما في إياب ثمن نهائي النسخة الحالية، وأهداف أخرى بنفس الطريقة، كنوع من أنواع الإسقاط أو التقليل من قيمة بنزيمة والتحول الكبير في مسيرته الاحترافية، بعدما أثبت بشكل عملي أن الحياة الكروية والنجومية الحقيقية أحيانا تبدأ بعد الثلاثين، وليست بداية النهاية كما تخبرنا الأسطورة القديمة، وفي هذا التقرير، سنستعرض معا إذا كان الجزائري الأصل يعيش على الحظ وهدايا الآخرين، أم أنه فعلا ظاهرة تستحق التأمل والدراسة، مع انتعاش فرصه في الفوز بالكرة الذهبية.
هكذا قالت صحيفة «ليكيب»، قبل حتى توقيع كريم على هدف إقصاء تشلسي من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، استنادا إلى أرقامه وتأثيره على نتائج ريال مدريد على مستوى الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا، ولا ننسى أن الحديث، عن ذاك اللاعب، الذي تعرض لكل أنواع النقد اللاذع، لاسيما في فترة عمله كمساعد للأسطورة كريستيانو رونالدو، بالتحديد في ولاية زين الدين زيدان الأولى، حين قام بتعديل مركز الدون لرقم 9 صريح، بينما أبو إبراهيم، لم يتعرض على توظيفه، كمهاجم متأخر، لخدمة المنظومة الجماعية، حيث كان يتفانى في صناعة الفرص وإيجاد المساحات لصاروخ ماديرا في مربع العمليات، ما أثر بشكل سلبي على شعبيته وأيضا على نظرة الآخرين له، بوضعه دائما في خانة الرجل الثاني أو مساعد البطل، وما كان يضاعف محنته في تلك الفترة الحزينة، حظه العاثر أمام المرمى، بطريقة جعلت الشامتين يتنمرون على الفرص السهلة التي كان يهدرها أمام الشباك، وأغلبها كرات عائدة من الألواح الخشبية، هذا بخلاف معاناته على مدار 5 سنوات، بابتعاده عن تمثيل فرنسا، بسبب قضية ابتزاز فالبوينا في شريط الفيديو الإباحي، إلى أن جاءت اللحظة الفارقة، برحيل الدون في 2018، إثر خلافه مع الرئيس فلورنتينو بيريز على البنود الشخصية في عقده الجديد، ليظهر الوجه الآخر لكريم بنزيمة، ذاك الجلاد الذي لا يعرف معاني الشفقة أو الرحمة داخل مربع العمليات، بقفزات كبيرة في معدل أهدافه من موسم لآخر، والأهم تأثيره النفسي والمعنوي على اللاعبين، باعتباره القائد والملهم والهداف، كما انكشف الفريق بدونه في ليلة فضيحة الكلاسيكو، والعكس بعد عودته أمام باريس سان جيرمان ثم تشلسي، خاصة في مباراة «ستامفورد بريدج».
لغة الأرقام
بإلقاء نظرة على سجل بنزيمة في آخر 5 سنوات، سنلاحظ أنه هبط لأدنى معدلاته على الإطلاق في موسم رونالدو الأخير 2017-2018، بإنهاء الحملة وفي جعبته 12 هدفا في كل المسابقات، آخرها وأكثرها أهمية هدية حارس ليفربول لوريس كاريوس في مباراة النهائي، ما كان ثاني أسوأ مواسمه من حيث الأهداف، بعد حملته الأولى 2009-2010، حين جاء من ليون كشاب يافع بعمر 22 عاما، جنبا إلى جنب مع كريستيانو وكاكا وباقي الصفقات الرنانة التي أبرمها بيريز بعد عودته للرئاسة، لكن بعد تحمله المسؤولية بدون الهداف التاريخي، أثبت كريم أنه أهل لها، بتخطي حاجز الـ25 هدفا في كل موسم، بإجمالي 30 هدفا في أول موسم بدون شريك الأمس، و27 في الثاني و30 في الموسم الماضي، قبل أن تأتي لحظة الانفجار العظيم هذا الموسم، بمساعدة من كارلو أنشيلوتي، الذي وظف الفرنسي بالطريقة التي انفجر بها رونالدو معه ومع زيدان، فيما ذهب دور مساعد البطل لفينيسيوس، الذي يلعب دورا محوريا في توهج كريم هذا الموسم، آخرها العرضية السينمائية التي حولها القائد بضربة الرأس التي خطفت تأشيرة اللعب في نصف النهائي من تشلسي، موقعا على هدفه الشخصي رقم 38 في مختلف المسابقات هذا الموسم، بالإضافة إلى 13 تمريرة حاسمة، باصما على أفضل حصيلة تهديفية خلال موسم واحد طوال مسيرته الاحترافية، أو بلغة الأرقام المفضلة للجمهور المدريدي، كسر حاجز الـ50 هدفا في مجمل التسجيل وصناعة الأهداف، كأول لاعب يفعل هذا الأمر منذ أيام الدون، وأول من يسجل هاتريك في مباراتين في مراحل خروج المغلوب منذ كريستيانو، بل أول لاعب في تاريخ النادي يتكفل بتسجيل أهداف الفريق الستة في مباراتين على التوالي على مستوى الأبطال، وغيرها من الأرقام، التي تدعم رأي «ليكيب»، حول ابتعاده بمسافة آمنة عن كل المرشحين للفوز بالكرة الذهبية هذا العام.
رجل المواعيد الكبرى
صحيح صاحب الـ34 عاما، يجلس في المركز الثاني في صراع الهدافين على مستوى القارة، بـ38 هدفا في 38 مباراة، خلف جلاد الجلادين روبرت ليفاندوسكي، الذي هز شباك خصوم بايرن ميونيخ في 47 مناسبة من مشاركته في 41 منذ بداية الموسم، إلا أن كريم، يبقى الرجل الأكثر حسما وتأثيرا على نتائج فريقه على الصعيدين المحلي والقاري، كيف لا وهو «عراّب» لقب الليغا الـ35، بجلوسه على عرش هدافي الليغا برصيد 24 هدفا، بفارق 9 أهداف عن أقرب مطارديه، وكذا في دوري الأبطال، نجح في تقليص الفجوة مع قائد بولندا، بفضل أهدافه السبعة في آخر ثلاث مباريات، ليرفع رصيده لـ12 هدفا، بفارق هدف وحيد عن ليفا، لكن لا ننسى أن الأخير لن يظهر مرة أخرى في البطولة، بعد خروج بايرن ميونيخ على يد فياريال في كبرى مفاجآت ربع النهائي، بينما كريم، ما زالت أمامه الفرصة، لإزاحة هداف البايرن من صدارة الهدافين، وبالتبعية الاستمرار في المضي قدما نحو البالون دور، وهذا سيتوقف على تأثيره وبصماته في اختبار الثأر من مانشستر سيتي في نصف نهائي الكأس ذات الأذنين، إما بقيادة الفريق للنهائي وملامسة الكرة الذهبية، أو الخروج من البطولة الأوروبية، والتخلي عن الجائزة لمنافس آخر.
معايير الكرة الذهبية
حتى هذه اللحظة، تظهر المؤشرات أن معايير اختيار أفضل لاعب، تنطبق على كريم بنزيمة أكثر من أي لاعب آخر، لاسيما بعد التعديلات الأخيرة في التصويت لاختيار أفضل لاعب من مجلة «فرانس فوتبول»، أو بالأحرى، العودة إلى الأصول التي تسببت في ارتفاع شعبية الجائزة ووصولها للمكانة التي تبدو عليها الآن، أبرزها تقييم اللاعبين بناء على الأداء والتأثير خلال الموسم واستبعاد كأس العالم من درجات التقييم، وليس على مدار العام أو ترك الأمر للمجهول، كما جرت العادة في عصر خضوع الجائزة للثنائي الفضائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، وبالنظر إلى قائمة المنافسين المحتملين لكريم في القائمة المختصرة لأفضل لاعب في العالم، بعد تراجع فرص ليفا، وطبقا للمعايير التي سيؤخذ بها في تصويت العام الحالي، سنجد أنه السنغالي ساديو ماني، لدوره البارز في فوز منتخب بلاده في الفوز بكأس أمم أفريقيا، ثم بإقصاء ضحيته في النهائي، المنتخب المصري من فاصلة مونديال قطر 2022، وبدرجة أقل تأثيره مع ليفربول، بتواجده في المركز الثالث خلف محمد صلاح وديوغو جوتا في قائمة الهدافين في مختلف المسابقات، ما يرجح كفة بنزيمة، إذا سارت الأمور كما يخطط لها، برد الدين القديم لمانشستر سيتي في معركتي نصف النهائي، لينتظر بعد ذلك الفائز من فياريال وليفربول في نهائي باريس الشهر المقبل، فهل سيحدث هذا السيناريو وتصدق توقعات خضوع البالون دور لبنزيمة؟ أم يكون عام الحظ لساديو ماني بعد تأثر صلاح بخسارة نهائي أفريقيا والإخفاق في التأهل للمونديال؟ أم ستكون هناك مفاجأة أخرى خارج التوقعات؟ دعونا ننتظر، لكن الشيء المؤكد أننا تأكدنا من المرشح المفضل أو على أقل تقدير واحد من القائمة المختصرة الثلاثية.
المصدر : القدس العربي