ماذا حدث لمحمد صلاح في النصف الثاني من الموسم؟

الشرق الأوسط نيوز : اهتزت الأرض تحت قدم السوبر ستار المصري محمد صلاح، بانخفاض ملموس في معدل أهدافه، مقارنة بالوتيرة التي كان عليها حتى بداية العام الجديد، عندما كان يغرد بمفرده على قائمة هدافي الدوري الإنكليزي الممتاز بـ22 هدفا، قبل أن تتبدل الأوضاع في الأسابيع القليلة الماضية، بتقلص الفارق لأربعة أهداف مع جلاد الجلادين كريستيانو رونالدو، واكتملت بزحف الكوري الجنوبي هيونغ مين سون، بوصوله لهدفه رقم 21 في ليلة سقوط آرسنال أمام عدو الشمال توتنهام بثلاثية مذلة في الدربي المؤجل من الجولة الـ22، ليشتعل الصراع على جائزة الهداف، وتبقى المنافسة قائمة ومفتوحة لكل الاحتمالات في الأمتار الأخيرة.

بداية صاروخية

لا يُخفى على أحد، أن صلاح بدأ الموسم بصورة تكاد تحاكي النسخة البراقة التي كان عليها في موسمه الأسطوري الأول في «الآنفيلد»، الذي ختمه بـ44 هدفا في مختلف المسابقات، منها 32 هدفاً على مستوى الدوري الإنكليزي الممتاز، في رقم قياسي لم يحققه هدافو البريميرليغ باسمه ونظامه الجديدين، ووضح ذلك من خلال معدله التهديفي الهائل وتأثيره في نتائج الفريق، لا سيما في مواجهات عطلة نهاية الأسبوع، حتى أنه احتاج تسع مباريات فقط لتسجيل أول عشرة أهداف في الدوري، منها الهاتريك التاريخي في شباك مانشستر يونايتد في كلاسيكو الأسبوع التاسع، لكن بعد ذلك، بدأ في التراجع، الى درجة أنه احتاج ضعفي عدد المباريات لتسجيل عشرة أهداف أخرى، ومن ثم توقف عند هدفه رقم 22 منذ ثنائيته في ضحيته المفضلة مانشستر يونايتد في التاسع عشر من ابريل / نيسان الماضي، فاتحا الباب على مصراعيه أمام شمشون السبيرز، ليقترب رويدا رويدا من «الحذاء الذهبي»، إلى أن تحول الى كابوس حقيقي، بوقوفه على بعد هدف وحيد من قائد الفراعنة، ليس ذلك فحسب، بل واقعيا، أمام سون فرصة ذهبية لرفع غلته التهديفية في آخر نزهتين أمام بيرنلي والهابط نوريتش سيتي، على عكس أبو صلاح، الذي قد يدفع ثمن تفكير المدرب في الرباعية، بالجلوس على مقاعد البدلاء أمام ساوثهامبتون أو ولفرهامبتون، حفاظا على مخزونه البدني وطاقته للمباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، المقررة يوم السبت الموافق 28 مايو / أيار الجاري.

عثرات وإجهاد

بالنظر إلى الأسباب التي ساهمت في هبوط أرقام صلاح في الآونة الأخيرة بشكل أو آخر، مقارنة بما كان عليه حتى بدايات شهر الحب الأخير، سنجد أنها بدأت بتحسره على ضياع كأس أمم أفريقيا مع منتخب بلاده، تلك البطولة التي كان يعول عليها كثيرا، لمقارعة كريم بنزيمة وساديو ماني والبقية على جائزة أفضل لاعب في العالم، ووضح تأثير صدمة الهزيمة أمام المنتخب السنغالي في نهائي الكان، بمروره بأول فترة صيام تهديفي، مكتفيا بتسجيل 5 أهداف، بواقع 4 في الدوري والخامس في شباك الإنتر في ذهاب دور الـ16 لدوري أبطال أوروبا، وما زاد الطين بلة، هزيمته أمام نفس المنافس في فاصلة مونديال قطر 2022، وبنفس طريقة السقوط في النهائي من علامة الجزاء، لتأتي العواقب، بواحدة من أطول فترات غيابه عن شباك المنافسين، باستثناء ثنائيته في شباك «الشياطين الحمر»، ومساهمته في هدفين أمام فياريال بواقع هدف في ذهاب «الآنفيلد» وآخر في اختبار «المادريغال» المعقد. وبين هذا وذاك، اُستنفذ صلاح في رحلات السفر الطويلة من شمال إنكلترا إلى أدغال الماما أفريكا، بخلاف ورطة خوض هذا الكم الهائل من المباريات لمدة 120 دقيقة، في كل إقصائيات مصر في الكان، وفي فاصلة أسود التيرانغا وفي نهائي كأس الرابطة أمام تشلسي. بمعنى آخر، أنه بجمع الدقائق الإضافية التي خاضها في الشهور الماضية، ستعادل مجهوده في مباريات أخرى، ناهيك عن الضغوط والانتقادات التي تعرض لها مع منتخبه، بسبب الأداء الباهت للفراعنة في بداية البطولة الأفريقية تحت قيادة المدرب السابق كارلوس كيروش، ونتذكر كيف تصدى لهذه الحملة الممنهجة بتصريحاته التي جمعت الصفوف مرة أخرى، وغيرها من المواقف واللحظات الصعبة التي أخذت الكثير من مخزونه الذهني والبدني، ليحدث هذا التفاوت بين أرقامه في نهاية الموسم وبين إحصائياته المذهلة وأرقامه القياسية في الشهور الأولى للموسم.

الملف الشائك

سبب آخر يصعب غض النظر عنه، هو احتمال انشغاله بملف تأمين مستقبله في الجزء الأحمر لمدينة نهر الميرسيسايد، في ظل الغموض الكبير لآخر تطورات مفاوضات تجديد عقده، وبالأحرى منذ توقف الحديث عند رفض طلبه، بالحصول على راتب أسبوعي يُقدر بنحو نصف مليون جنيه إسترليني، بخلاف حوافر الفوز ومساهمته في الانتصارات ومكافآت الجوائز الفردية، وهو ما فتح وما زال يفتح الباب على مصراعيه للتكهن حول مصيره ومستقبله الموسم المقبل، ما بين تقارير ترجح سيناريو عرضه للبيع في الميركاتو الصيفي، لعدم رغبة الإدارة الأمريكية في خسارته بدون مقابل بعد انتهاء عقده منتصف 2023، ومصادر أخرى لا تستبعد حدوث اتفاق في الوقت المناسب، بخلاف التحديثات التي لا تتوقف عن ربط اسمه بعمالقة أوروبا وإسبانيا، كل هذا في كفة، وما يفعله وكيله رامي عباس في كفة، بإصراره دائما، على إثارة الجدل والقيل والقال حول مستقبل موكله، لإظهار تباعد المسافات مع الإدارة على طاولة المفاوضات، لعل آخرها تفاعله عبر «تويتر» على خبر يتعلق باهتمام بايرن ميونيخ ورغبته في ضم ساديو ماني، وترحيب الأخير بالفكرة برمتها، وسبقها مناكفات ورسائل رمادية كثيرة لوضع إدارة الريدز في مرمى نيران الجمهور، وطبيعي أن يزداد انشغال صلاح ووكيله بملف عقده الجديد، كلما اقترب موعد العد التنازلي لموسمه الأخير، من دون أن يتوصل إلى اتفاق مع المسؤولين، كسبب محتمل لتراجع نسبة أهدافه ودقة لمسته أمام المرمى في الأسابيع الماضية.

الرسالة الأخيرة

تفاجأ النقاد والمتابعون، بالنبرة المختلفة في حديث محمد صلاح، بعد الفوز على فياريال بثلاثية مقابل اثنين في ملعب «لا سيراميكا»، متعمدا استفزاز ريال مدريد، بتصريحات ثأرية لرغبته في رد الدين القديم في مباراة نهائي 2018، التي بكى خلالها إثر إصابته بخلع في الكتف بعد اشتراك عنيف مع قائد الملكي السابق سيرخيو راموس في أول نصف ساعة، ولم يتوقف عند هذا الحد، بل رفع حدة التهديد والوعيد في تغريدة، ملوحا بما وصفه «حسابات قديمة»، كاشفا نسخة مختلفة عن التي رسمها لنفسه، كنجم عالمي يتحلى بالحد الأقصى للدبلوماسية في حديثه أمام الشاشات، ويترك الجميع يتحدث عن إبداعاته وأرقامه القياسية، وليس التفاخر بأنه «الأفضل في العالم بالأرقام، ولا أنظر لما يُقال عني»، كما جاء على لسانه في حديثه مع ريو فرديناند وبيتر كراوتش بعد مواجهة الغواصات الصفراء، ما جعل البعض، يفسرها على أنها «حيلة» من النجم المصري، ليس فقط للتغطية على هبوط نسبة أهدافه، بل أيضا لخلق حالة من الإثارة، ليتصدر عناوين الصحف والمواقع الرياضية والسوشيال ميديا، وبالتبعية يحصل على جرعة ثقة وتفاؤل قبل المحطات النهائية في موسمه، ليعود لممارسة هوايته المفضلة، بالاحتفال بهز شباك الخصوم، لضمان جائزة «الحذاء الذهبي» للمرة الثالثة في مسيرته، وأيضا للإبقاء على فرص الفريق في إزاحة مانشستر سيتي من صدارة البريميرليغ، والأهم أن يصدق في وعيده لكريم بنزيمة وباقي رفاقه في نهائي «سان دوني»، ولا تكون النهاية حزينة، أن تأتي رسائله النارية بنتائج عكسية، وتكون سببا في إثارة حماس رجال كارلو أنشيلوتي، أو دافع للتعامل معه بمنتهى الحدة والقسوة من قبل المدافعين ولاعبي الوسط، والسؤال الآن: هل سيختتم صلاح الموسم بنفس القوة التي بدأ بها… أم يستمر على وضعه الحالي؟ هذا ما سنعرفه في نهاية الشهر.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا