قصة وعبرة…

محمود الدباس ….

 

يحكى أن فلاحا اراد بيع عنزاً وبعض السمن لحاجته للمال..
فركب حماره الذي ربط العنز به.. ووضع جرسا في رقبتها.. وكان قد حمل السمن على جانبي الحمار..
وبينما هو في الطريق الى السوق.. لمحه ثلاثة لصوص.. فتشارطوا على ما سيسرقونه منه..

فقال الاول.. انا سأسرق العنز بالرغم من الجرس المعلق في رقبتها..
فقال الثاني.. انا سأسرق حماره بما يحمل على الرغم انه يركبه وومسك برسنه..
وقال الثالث.. سرقتكم سهلة.. اما انا فسأسرق ثيابه التي يلبسها..

فانطلق الاول خلف الفلاح.. وبخفة اليد.. فك الجرس من رقبة العنز.. وفك العنز من الحمار.. وربط الجرس بطرف الحبل مع الحمار.. وبقي الجرس يقرع.. والفلاح يغني..

وبعد برهة من الزمن.. ظهر اللص الثاني الى الفلاح.. وقال له.. عجباً.. اول مرة ارى شخصا يضع جرسا للحمار..
فالتفت الفلاح واذا بالعنز قد سرقت..
فنزل ينظر يمينا وشمالا وهنا وهناك..
فقل له اللص.. ما بك؟!..
فقال لقد سرقت عنزي..
فرد عليه.. وهل مواصفتها كذا وكذا..
فأجابه بلهفة.. نعم نعم..
فقال له اللص.. لقد شاهدت احدهم يحملها باتجاه الغابة.. واظنك ان ركضت خلفه ستنال منه.. وانا سأمسك لك الحمار في ظل تلك الشجرة حتى تعود..
وبالفعل ترك الحمار مع اللص.. وذهب يركض..
وعندما شعر بانه لن يجد اللص عاد الى حماره.. فلم يجده..
وهنا علم بانه سُرِق ايضا..

فقرر متابعة سيره الى المدينة.. لعله يعثر بحماره والسمن الذي على ظهره.. او عنزه في سوق الحلال..

وعندما اقترب من السوق.. كانت هناك بركة.. ويجلس على حافتها شخص يبكي ويلطم..
فتوقف عنده.. وسأله.. ما بك؟!..
فقال له.. لقد كلفني سيدي بان احمل كيسا في ذهب الى الصائغ.. وبينما جلست لاستريح هنا.. وقع الكيس في البركة..
فقال له.. لماذا لا تنزل وتخرجه؟!..
رد عليه وهو يبكي.. والدموع تنهمر من عينيه.. انا اخاف الماء..
واذا اخرج احد الكيس.. سأعطيه خمس قطع ذهبية..
هنا دخل السرور الى قلب الفلاح.. وقال في نفسه.. يبدو ان الله عوضني بدل عنزي وحماري وسمني خيرا..
فنزع ثيابه.. وقفز في البركة.. وبحث في كل الارجاء.. ولم يجد الكيس..
وعندما خرج من البركة ولم يجد الرجل ولا الثياب..

لو نظرنا الى هذه القصة.. لوجدناها قد اشتملت على ثلاثة حالات نتعرض لها فتؤذينا دون ان ننتبه..
▪︎اولى الحالات كانت طعنة من الخلف.. في لحظة أمان وغفلة.. وكم نؤمِّن للكثيرين.. وتكون طعناتهم في الظهر قاتلة..
▪︎الثانية.. فهي تعرضك لحالة الشخص المرشد لك.. بثوب الناصح الامين.. واذا نظرت لفعله.. تجده يدس السم في الدسم.. بعد ان تخيلت انه يريد بك خيرا..
▪︎اما ثالث الحالات.. فهي حالة من تسبق دمعته كلامه.. فتجدك تتأثر من ذلك الموقف.. ولن تصحو من حالتك تلك.. الا بعد ان كنت قد تعاطفت معه وانخدعت وتأذيت..
ولم يخطر ببالك ان كثيرين من امثال هؤلاء.. حتى وان كانوا يمرون في مأزق.. فان طبعهم يسبق تطبعهم..

– فما بالنا لو زدنا من درجة مستوى حرصنا ولو شيئا يسيرا؟!..
– وما بالنا لو وضعنا بالحسبان احتمالا بسيطا.. ان من نقابلهم ونتعامل معهم قد يكونوا بوجهين او اكثر؟!..
– وما بالنا لو تعاملنا مع كل شيء بمهنية عالية راقية.. ولا نترك الامور للصدف؟!..

ابعدنا الله واياكم عن امثال هؤلاء..
محمود الدباس – أبو الليث..
😇🙏🌷

قد يعجبك ايضا