أزمة جديدة تطال رواتب “موظفي حماس” بغزة.. و”ضريبة الجينز” تثير خلافات مع القوى الفلسطينية
الشرق الأوسط نيوز : يترقب موظفو القطاع الحكومي في غزة، المعيّنون من قبل حركة حماس، الدخول في أزمة رواتب جديدة، بعدما أعلنت اللجنة الحكومية أنها ستضطر إلى خفض نسبة الرواتب، بسبب انخفاض الإيرادات الشهرية، في وقت يشهد فيه ملف الزيادة الضريبية التي فرضت مؤخرا على بعض السلع اعتراضا من بعض الفصائل.
وقد أعربت نقابة الموظفين في قطاع غزة، عن استغرابها مما وصفته بـ “اللغط” السائد على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض التصريحات الرسمية حول خفض نسبة الدفعة الشهرية من الراتب.
وأكدت، في بيان لها، رفضها بشكل قاطع مجرد مناقشة أي اقتراح بخفض نسبة الراتب، وأعلنت إصرارها على تحسينها مستلهمة ذلك من اللقاءات الإيجابية التي جمعت النقابة برئيس اللجنة الحكومية في غزة عصام الدعليس، لافتة إلى أنها تتواصل مع كافة الجهات من أجل تأكيد موقفها الرافض لخفض النسبة، والإصرار على تحسين النسبة.
وجاء ذلك بعدما تفاقمت خلال الأسابيع الماضية، الأزمة المالية التي تعاني منها الجهات الحكومية في غزة، والتي بدأت منذ أكثر من عشر سنوات، بشكل أكبر مما كانت عليه، وعادت إلى سنوات سابقة، ما يعني أنها ستؤثر على نسبة رواتب الموظفين بشقيهم المدني والعسكري.
وقد أكد عوني الباشا، وكيل وزارة المالية في غزة، وجود أزمة مالية تعاني منها المؤسسة الحكومية في القطاع، لافتا إلى أن وزارته تسعى جاهدة لتجاوزها، وأوضح في تصريح نقله موقع “الرأي” الحكومي، أن أسباب الأزمة هي تحمل الحكومة لعدد من الزيادات في أسعار عدد من السلع وخاصة المحروقات التي تكفلت الحكومة بتحملها للتخفيف عن المواطن، ما أدى لتراكم العجز المالي.
وتجبي الجهات الحكومية في غزة ضرائب تساهم في دفع رواتب موظفيها، من البضائع التي تمر للقطاع من الجانب المصري، كما تفرض رسوماً على بضائع تمر من معبر كرم أبو سالم، الذي يربط القطاع بالجانب الإسرائيلي، وهذه البضائع تدفع رسوماً أخرى للسلطة الفلسطينية، وهو ما يعرف بمصطلح “الازدواج الضريبي” الذي يرفع من سعر السلعة، كما تجبي أيضا ضرائب داخلية، ورسوم خدمات حكومية، غير أن ما يجري جبايته لا يكفي الاحتياجات الشهرية كاملة.
ونفى الباشا الحديث المتداول عن عدم وجود رواتب لهذا الشهر، لكنه أكد أن نسبة رواتب الموظفين ستتأثر نتيجة لانخفاض الإيرادات والأزمة الموجودة، وعبر عن أمله بأن يتم التعافي قريباً والخروج من هذه الأزمة بأقرب وقت.
وأشار إلى أن وزارته اضطرت خلال الشهور الأخيرة للاستدانة من البنوك المحلية حتى تتمكن من صرف الراتب بموعده المحدد.
رسوم جديدة على ملابس الجينز بهدف عودة العمل إلى مصانع كثيرة في غزة أغلقت أبوابها وسرّحت عمالها، لعدم قدرتها على منافسة أسعار السلع المستوردة.
ويقدر عدد الموظفين المعينين في المؤسسات الحكومية في غزة، منذ أن سيطرت حماس على القطاع، بنحو 40 ألف موظف يعملون في الشقين المدني والعسكري.
جدير ذكره أن هناك موظفين آخرين في غزة يتلقون رواتبهم من الحكومة الفلسطينية في رام الله، وهم موظفون مدنيون وعسكريون، عينوا في وظائفهم قبل سيطرة حماس على القطاع منتصف العام 2007، وهؤلاء الموظفون والمتقاعدون منهم، يتلقون منذ بداية العام ما قيمته 80% من رواتبهم، بسبب الأزمة المالية.
وتؤثر عملية عدم حصول الموظفين على كامل رواتبهم على دوران عجلة الاقتصاد في قطاع غزة المحاصر، الذي يعاني من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
وأكد الباشا أن وزارة المالية قد أعدت خطة لتجاوز العجز المالي، ستطال العديد من أوجه الصرف والنفقات مثل الموازنات التشغيلية للوزارات والنفقات الرأسمالية.
وكانت وزارة المالية في غزة تحافظ طوال الفترة الماضية على صرف الرواتب بشكل دوري، بعد أن نجحت في رفع الدفعة المالية بنسبة 60% وبحد أدنى 1800 شيكل “الدولار الأمريكي يساوي 3.47 شيكل”.
ملابس الجينز
يشار إلى أن الأزمة المالية الجديدة التي أعلن عنها في غزة، ترافقت مع قرارات جديدة اتخذتها السلطات الحاكمة، تمثلت في فرض ضرائب جديدة على بعض الألبسة المستوردة.
وبسبب حالة الرفض لمثل هذه الضرائب التي ترفع أسعار السلع، والتي عبّر عنها المواطنون والفصائل، أعلنت وزارة الاقتصاد في غزة، عن عقد لقاء مع قيادة الفصائل، أطلعت فيه القوى على إجراءاتها في مراقبة ومتابعة الأسعار والمحافظة على المخزون السلعي للمواد الأساسية في ظل الارتفاع العالمي للأسعار، وإجراءاتها في إدارة أزمة الأمن الغذائي.
وأشار بيان الوزارة إلى أن قرار فرض الرسوم على بعض السلع، يهدف بالدرجة الأولى إلى زيادة الحصه السوقية وزيادة القدرة التنافسية مع الأصناف المستوردة، وزيادة عدد المنشآت الصناعية وتوسعة المصانع القائمة، الأمر الذي يساهم في الحد من مشكلة البطالة.
وذكر البيان أن لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية أشادت عقب هذا اللقاء بكافة الجهود التي تساهم في التخفيف من أعباء المواطن ودعم صموده ودعت لإسناد الفئات المهمشة والفقيرة وموظفي القطاع العام الذين يتحملون آثار هذه الأزمة.
وجاء ذلك بعد أن كانت الجهات الحكومية في غزة فرضت قبل أيام رسوماً جديدة على سلع مستوردة، أبرزها ملابس الجينز، وبررت قرارها بأنه يهدف إلى عودة العمل في مصانع كثيرة في غزة، أغلقت أبوابها وسرحت عمالها، لعدم قدرتها على منافسة أسعار السلع المستوردة.
وعقب القرار، أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن دعم المنتج المحلي في الحالة الفلسطينية، لا يتطلب زيادة الضرائب والجمارك، وقالت “إن زيادة نسبة الضرائب على البضائع المستوردة لا يمكن أن تعتبر من ضمن التدابير اللازمة لحماية المنتج المحلي غير القادر على سد حاجة السوق المحلية نوعًا وكمًا”، لافتة إلى أن حماية ودعم المنتج المحلي يتطلب سياسات وإجراءات تستند بفلسفتها لثقافة اقتصاديات الصمود في مواجهة اقتصاديات السوق التي تعظم من مصالح وأرباح شريحة قليلة من المنتفعين وتجار الأزمات على حساب الشريحة الأكبر من الشعب الفلسطيني.
وأكدت الجبهة أن ممارسات الاحتلال والأزمة العالمية تلقي بآثار إضافية على الشعب الفلسطيني، بسبب تكاليف الانقسام السلطوي واقتصاديات السوق الريعي وإكراهات القانون الجمركي المزدوج والمركب على كافة السلع لا سيما الأساسية منها.
ورأت الجبهة أنّ فرض المزيد من الضرائب والرسوم الجمركية والازدواج الضريبي على البضائع والسلع المستوردة “يزيد من حدة الاهتزازات السعرية الناجمة عن الأزمات العالمية المختلفة مما زاد من حدة الأزمات والتدهور الاجتماعي بفعل زيادة الأسعار وتآكل القدرة الشرائية للفئات المهمشة والفقيرة، بديلاً عن حقها بالدعم والبرامج الحكومية”.
كذلك أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين رفضها لخطوة اللجنة الحكومية في قطاع غزة زيادة قيمة الضرائب والجمارك على البضائع المستوردة، وقالت إن ذلك “يزيد من أعباء المواطنين ويرهق حياتهم بدلاً من حمايتهم ودعم صمودهم على أرضهم في وجه الاحتلال الإسرائيلي”، وأشارت إلى أنه لا يعقل زيادة قيمة الضريبة على السلع والبضائع المستوردة “تحت دعاوى دعم وحماية المنتج الوطني”، لافتة إلى أنه في ظل الانقسام، بات القطاع الخاص يعاني من “ازدواجية الضرائب”.
ودعت الجبهة الجهات الحكومية لاتباع سياسة اقتصادية بديلة يشكل محورها الرئيس “الانتقال من الاقتصاد الريعي الربحي إلى منظومة سياسات اقتصادية تعتمد على الموارد والأيدي العاملة المحلية وزيادة الإنتاج الغذائي المستدام”، وطالبت الجبهة النقابات والاتحادات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني برفع الصوت عالياً في مواجهة زيادة الضرائب والغلاء الفاحش في الأسعار، وإيجاد آليات جادة لحماية ودعم الفقراء من الآثار السلبية لذلك.
المصدر : القدس العربي
