حوار الواقع والحوار الافتراضي !!!
المهندس هاشم نايل المجالي ….
لقد كان لتطور التكنولوجيا وظهور وسائل التواصل المتعددة والمتنوعة الاثر الكبير في انفصال كثير من الناس عن الطبيعة، وشعر الجميع بهذا الانفصال، حيث ان هؤلاء الناس اصبح همهم التناغم مع حركة العالم وما يجري فيه من احداث ومتغيرات وازمات .
اي انهم خلقوا لانفسهم كوناً صغيراً لا يمت بصلة الى الكون الأرضي الكبير، حتى انهم اغتربوا عن العلاقات الاجتماعية في مجتمعاتهم بعد ان كانوا جزءاً لا يتجزأ من كل فعالية اجتماعية، بعد ان انفصلوا عن افراح الليل الاجتماعية واستبدلوه بالنور الصناعي، اي انهم انفصلوا عن العالم الواقعي الى العالم الافتراضي .
وانتقلوا من عالم الحوار والانسجام والتناغم المتجتمعي الى عالم الوهم والتزييف والتوجس، الى عالم صنعه الغرب ليلوث عقله ليعيش في غربة المعلومات الغير مؤكدة، وليتوحد مع الذات ويهدر وقته ويشكي قلة العمل ليغطي احتياجاته ومتطلباته المعيشية، ويعيش مع الذات الغارقة في الضمير المستتر الذي لا يقبل حوار العقل، ان الاختلاف في قضايا كثيرة اشكالية كانت وما زالت ترافق الانسان في مشروع بناء الحضارة .
وكثير من النزاعات والصدمات والمهاترات على مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الاعلامية بسبب عدم وجود ثقافة الحوار وقبول الرأي الآخر، رغم ان عملية الاثراء بالحوار للوصول الى تفاهمات مشتركة مقياس لتطور المجتمعات .
والشعوب تقوم على ثقافة الاختلاف للرأي، الا ان انغلاق العقول جعل من الاختلاف خلاف اضعف المجتمعات قال تعالى ( وشاورهم في الامر ) ال عمران في اشارة الى اهمية احترام الرأي والاختلاف للتوصل الى الهدف المنشود .
ان استيراد الافكار والطروحات والمعلومات الغير مؤكدة والملوثة من الخارج دون التحقق منها ستؤدي الى الانفعالات .
فلا بد للنفس البشرية لأي شخص ان يبدأ في مرحلة التغيير الذاتي اولاً ونشر ثقافة احترام الرأي الآخر، والاختلاف من العائلة والمدرسة والمجتمع الى اعلى الهرم، لتزداد ثقته ويحل التسامح والترابط بين مكونات المجتمع، والخروج من ازماتنا وزوال التقاطعات والخلافات والصراعات وازالة الشبهات، وسيادة الرقة لا الغلظة وتنظيم المجتمع بكافة مكونات وفق مرجعيات وطنية، وضبط السلوكيات بما يحفظ امن واستقرار المجتمعات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليس منا من دعا الى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية ) فعلى منطق العقل ان يسود وتنحية كل ما من ما شأنه تضخيم السلبيات والتغني بالنواقص .