26 طبيباً من فلسطينيي الداخل يزورون غزة للمرة الأولى بعد العدوان الإسرائيلي ويقدمون مساعدات مكثفة
الشرق الأوسط نيوز : للمرة الأولى منذ انتهاء الهجمة الإسرائيليّة الأخيرة على غزّة، زارها وفد أطباء من فلسطينيي الداخل بواسطة جمعية أطبّاء لحقوق الإنسان. وتبرعت الجمعيّة الحقوقية بمعدات طبيّة وأدوية تزيد قيمتها عن مليون شيكل (نحو 300 ألف دولار)، وتفتتح ثلاثة مراكز طبيّة جديدة.
وخلال الزيارة أجرى أطباء الوفد 26 عمليّة جراحيّة معقدة، وقدموا العلاج لأكثر من 500 مريض. وطبقاً لجمعية أطباء من أجل حقوق الإنسان جاءت الزيارة بهدف القيام بنشاط طبّي، والوقوف عن كثب على تداعيات العدوان الإسرائيليّ على سكان القطاع. وقد مكث الوفد في القطاع مدة أربعة أيام، وتضمن أيضاً خبراء في مجالات الصحة النفسيّة، وترأس الوفد صلاح حاج يحيى، رئيس الوفود الطبّيّة الخاصة بالجمعيّة إلى كلّ من قطاع غزّة والضفّة الغربيّة.
وقد عمل الوفد في مجال الصحة النفسيّة، برئاسة الاختصاصيين النفسيين، محمد منصور، ومحمود سعيد، ومرسي حبيب الله، وأمجد موسى، على مرافقة عائلات شهداء الهجمة الأخيرة في منطقتي رفح وجباليا، وعلى معالجة الصدمات النفسيّة التي يعيشونها. وتم التركيز على العلاج النفسي للأطفال الذين قتل أصدقاؤهم قريبا من مقبرة الفالوجة.
وعلى التوازي، استمرّت الدورات التأهيليّة الشاملة لطواقم الصحة النفسيّة الفلسطينيّة. ونوهت الجمعية بأن هذا نشاطٌ مشتركٌ ما بين أطبّاء لحقوق الإنسان، ومركز غزّة للصحة النفسيّة، ووزارة الصحة، بتمويل الاتحاد الأوروبيّ. كما تم عقد دوراتٍ تأهيليّةٍ إضافيةٍّ بإشراف د. هشام بواقنة في مستشفى الصحة النفسيّة في مدينة غزّة. كما جرى خلال الزيارة، وبحضور الوفد، افتتاح مركز طبّي جديد لمعالجة ضحايا الصدمة في مدينة غزّة، والذي يعمل بالتعاون مع أطبّاء لحقوق الإنسان، وتحت إشراف ورقابة خبراء صحة نفسيّة من جانب الجمعيّة. وقد أقيم المركز بمساعدة التبرّعات التي تم جمعها من المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل، بواسطة الطبيب النفسي محمود سعيد، المتطوع في جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان.
كما قام أعضاء الوفد، في المستشفى الأوروبي في خان يونس، وبحضور المدير العام للمستشفى، د. يوسف العقّاد، بتدشين جهازٍ جديدٍ لإجراء عمليات المياه البيضاء في العيون من طراز “بيكو “. جهاز تبلغ كلفته 60 ألف دولار، قامت جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان بشرائه بواسطة أموال قامت الجمعيّة بجمعها من فلسطينيي الداخل. وطبقا لجمعية أطباء لحقوق الإنسان يحتاج أكثر من 1200 مريض في قطاع غزّة إلى الخضوع لجراحة الساد (المياه البيضاء)، والآن، بعد توفر الجهاز الجديد، سيكون بإمكانهم الخضوع للعمليّة. يُذكر أن أطبّاء لحقوق الإنسان قد اشترت مؤخرا جهازا جديدا للعمليات، بكلفة إجماليّة تبلغ 80 ألف دولار، ومن المرتقب أن يتم إرسال هذا الجهاز للمستشفى خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وأجرى فريق الجرّاحين التابع للوفد 26 عمليّة جراحيّة في ثلاثة مشافٍ: مستشفى الشفاء، مستشفى ناصر، والمستشفى الأوروبي. وقد شملت العمليات عمليات استبدال المفاصل والركبة، وجراحة المجازة المعديّة، وجراحات الصدر والأوعية الدمويّة. وقد قام الأطبّاء الجرّاحون في إطار زيارتهم بتسليم معدات طبّيّة تبلغ قيمتها 400 ألف شيكل، لغرض استخدامها في غرف العمليات في المستشفيات الثلاثة.
هذا، وقد قام أطبّاء الوفد خلال زيارتهم بتشغيل عيادتين متنقلتين: إحداهما في المستشفى التابع لجمعيّة الخدمة العامة، جنوبي مدينة غزّة، حيث شارك أطبّاء العائلة، والعظام، والأطفال، بفحص 303 مريضا؛ في حين تمت إقامة العيادة الثانية التي تخصصت في طبّ النساء، في مركز د. فيصل الطبّي التابع لجمعيّة “قلوب رحيمة” في بلدة بيت لاهيا، شمالي القطاع، حيث تم فحص 150 سيدة.
وشارك أطبّاء الوفد في حفل تدشين مركز ابن سينا الطبّي الجديد في بلدة بيت لاهيا، الذي يعمل بالتعاون مع أطبّاء لحقوق الإنسان. وقد تمت إقامة المركز بتوصية من أطبّاء الجمعيّة، برئاسة المختص في طبّ عظام الأطفال، د. ياسر خطيب، الذين شخّصوا الحاجة إلى مثل هذا المركز لدى سكان المنطقة، وبعد تجنيد الأموال المخصصة لهذا الغرض. ويشمل المركز عيادتي أسنان، وعيادة نساء، وأطفال، وقلب، وقسم داخلي، وطبّ عظام. وستقدم الخدمات في المركز لقاء سعر رمزي يتمثل ببضعة شواكل.
في إطار هذه الزيارة، التقى أعضاء الوفد بكبار المسؤولين في وزارة الصحة، ومن ضمنهم وكيل وزارة الصحة د. يوسف أبو الريش، ود. منير البرش، ود. عبد اللطيف الحاج. وقد أشار مسؤولو الوزارة أمام ممثلي الوفد بأنّه، ولدى انتهاء العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة، كان أطبّاء لحقوق الإنسان هم أول الجهات التي قدّمت الأدوية والمعدات للجهاز الصحي. وقد أعلم رؤساء وفد أطبّاء لحقوق الإنسان مسؤولي الجهاز الصحي أن الجمعيّة قد قامت خلال الأسابيع الماضية الأخيرة بإرسال أدوية ومعدات طبيّة إلى مستودعات وزارة الصحة الفلسطينيّة في قطاع غزّة بتكلفة تزيد عن 700 ألف شيكل، قامت الجمعيّة بجمعها من متبرّعين أفراد في المجتمع العربيّ الفلسطيني في إسرائيل.
في هذا المضمار يوضح صلاح حاج يحيى، رئيس الوفد الطبي التابع لأطباء لحقوق الإنسان إلى قطاع غزّة، أن البعثة الطبية ترى أن الهجمة الإسرائيليّة قد تركت، إلى جانب الخسائر الفادحة في الأرواح، مئات العائلات في حالة صدمة شديدة، وهي صدمة ستستغرق وقتا طويلا إلى أن يتمكّنوا من التغلب عليها، هذا إن تمكّنوا من الأمر أصلًا. تضاف هذه الجريمة إلى الجريمة المستمرة والمتمثلة في الحصار الإسرائيليّ الذي يخنق قطاع غزّة منذ أكثر من عقد من الزمن، ويحول تماما دون تمكّن سكّانه من العيش حياة إنسانيّة أساسيّة. وتابع حج يحيى: “التقينا بمئات السكان اليائسين، الذين يعانون من الفقر، وتدهور الحالة النفسيّة، وغياب الأمل، وهو أمر لا يمكن النظر إليه إلا بوصفه نتيجة مباشرة للسياسات الإسرائيليّة”. منوها بأن الجمعية ستواصل العمل بجميع الوسائل المتاحة لها من أجل تقديم العون لسكان غزّة من ناحية طبيّة، كما ستواصل، على التوازي، النضال من أجل تغيير السياسات الإسرائيليّة تجاه القطاع”.
المصدر : القدس العربي
