الشتاء النووي

سعاد فهد المعجل ………

 

مع ارتفاع وتيرة الحرب في أوكرانيا، وفي ظل التهديدات النووية المُتَبادلة بين القوى العظمى التي تحرّك العالم، وتحدّد مناطق النزاع والحروب فيه، في ظل هكذا أوضاع متوترة يتساءل الكثير منا عما إذا كانت هذه مؤشرات على قرب نهاية العالم فوق الكوكب الأزرق.

0 seconds of 0 secondsVolume 0%
نهاية العالم تناولتها أساطير كثيرة، وروتها أديان سماوية وغير سماوية، ونشط العرّافون في البحث عن خيوطها ومعالم بداياتها، الكل يبحث ويتساءل عما إذا كانت نهاية العالم قد أصبحت قريبة.

أشهر تلك التنبّؤات كان تقويم المايا، وهو نظام فلكي تم وضعه لمعرفة نشأة الكون ومراحل تطوّره، وهو بالتحديد ما أثاره المتداولون لتلك التنبّؤات في عام 2012، حين أكّدوا أن نهاية الكون ستكون في ذلك العام وفقاً لتقويم المايا.

كذلك كانت لظواهر فلكية، كالقمر الدموي والنيازك المتطايرة في الكون، نصيب من نبوءات نهاية العالم، ويَستَلهم المتأثّرون بهذه النظرية فكرتهم هذه من اصطدام كويكب بحجم مدينة كاملة قبل 66 مليون سنة، والتي على إثرها انقرضت الديناصورات.

تفاوتت إذاً نظريات ونبوءات نهاية العالم من ثوران بركاني، الى نيازك، وكويكبات واحتباس حراري يدمّر الحياة وغيرها. لكن أقربها اليوم أصبح باحتمال نشوب حرب نووية تدمّر كل معالم الحياة على الأرض، خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب في أوكرانيا والتهديد باستخدام السلاح النووي، الذي ورَدَ على لسان أكثر من طرف من أطراف هذه الحرب.

في السابق، وخاصة بعد التكلفة البشرية والبيئية التي سبّبها استخدام السلاح النووي في الحرب العالمية الثانية، والذي طال مدينتي هيروشيما وناغازاكي، تصوّر الكثير من الناس أن العقل البشري أصبح أكثر إدراكاً وخشية من أن يُكرّر التجربة، خصوصاً أن الدمار الذي يسبّبه السلاح النووي سيعم كل بقعة على الأرض، ولن يستثني صنفاً من الأحياء، بشراً كانوا أم نباتاً أم حيواناً. والحقيقة المُقلقة اليوم أن مئات الرؤوس النووية قد أصبحت جاهزة للإطلاق في دقائق محدودة مع اقتراب العالم من أحرج حقبة توتّر منذ الحرب العالمية الثانية.

أصبحت العديد من المواقع العلمية تنشر تفاصيل عن آثار أي تفجير نووي قد يحدث، حيث من شأنه أن يتَسَبّب في معدّل وفيات يتراوح بين %80 و%95 في منطقة الانفجار، التي قد يمتد نصف قطرها الى 4 كيلومترات، لكن ما يُثير القلق كذلك هو ما يُعرَف بالشتاء النووي، الذي قد يَنجم عن الانفجار، وهو أثر بيئي افتراضي يُعبّر عن حالة الطقس التي يُمكن أن تَعقِب أي حرب نووية، ويحدُث هذا عندما تُغطّي سحب الغبار والدخان المُنبَعثة الأرض وتحجب الشمس، مما يتَسَبّب في انخفاض درجات الحرارة ربما لسنوات.

في بداية الحرب الأوكرانية، أثار هنري كيسنجر الدهشة والجدل بتصريح أدلى به في منتدى دافوس، اقترح فيه أن تتنازل أوكرانيا لروسيا عن الأراضي التي احتلتها، ودعا الى ضرورة عدم إذلال بوتين وروسيا أو التسبّب بهزيمته، لأن ذلك سَيَجلب عواقب وخيمة على أمن أوروبا. الكثير فسّر تعليق كيسنجر بكونه تَضامناً ودعماً لبوتين، حتى أن الرئيس الأوكراني شَن هجوماً عليه. لكن اليوم تَتّضح معاني ذلك التصريح، فمع تعرّض الجيش الروسي لانتكاسات في أوكرانياً، تزداد وتيرة المخاوف من اندلاع صراع نووي لأول مرة منذ عام 1945 بعد أن هدّد بوتين بأنه سيستخدم جميع الوسائل المُتاحة، بما في ذلك ضربات نووية تكتيكية. فهل ستكون نهاية العالم روسية بامتياز وعلى يد بوتين؟

***

خطاب سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في مجلس الأمة كان وثيقة العهد الجديد، حيث أعاد التذكير بما ورد في خطابه السابق من إرشاد ومتابعة القيادة السياسية. خطاب إنساني مؤثر يضع لبنات العمل في المرحلة المقبلة.

حفظ الله الكويت وشعبها دائماً.

سعاد فهد المعجل

 

قد يعجبك ايضا