هل معارضة تعديلات قانون الجرائم الثأرية خيانة
بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .…….
بادئ ذي بدء يجب أن نعترف كلنا بأن المعارضين والمؤيدين للتعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية متفقون كلهم بأنهم ضد الإساءات الشخصية سواء أن كانت سبّا وشتِما ونعتا بأوصاف غير لائقة أو التدليس والكذب وتشويه الحقائق ونقل الأخبار الكاذبة أو نعت المؤسسات الوطنية بأوصاف سيئة وانه يجب أن يكون على من يرتكبها عقوبات مناسبة و رادعة وليست ثأرية قاتلة أو مدمرة ، ولأننا كلنا نعلم بأن الغاية من المنظومة العقابية هو الردع للفاعل وغيره من ارتكاب مثل هذه الأفعال مستقبلا ومحاسبة مرتكبيها بحيث لا يعودون لمثلها مرة أخرى .
ولكننا نجد أن في التعديلات على قانون الجرائم الإلكترونية عقوبات ثأرية وحاقدة الغاية منها ليس الإصلاح وإنما الدمار وخراب البيوت وزيادة الحقد على الدولة ومؤسساتها .
إن المعارضين المصلحين يريدون وضع النقاط على الحروف وعدم فتح مجال لأي مسؤول متنفذ أن يستغل التأويلات في التعديلات على التشريعات للانتقام الثأري من خلال استخدام مصطلحات فضفاضة وغير محددة قد تنطبق على أي نقد لأي إجراء قد يتم اتخاذه من قبل مسؤول أو وزارة إلا إذا كان هناك قناعة تامة بأن هؤلاء المسؤولين ومؤسساتهم معصومون عن الأخطاء ومثاليون لدرجة أنهم قد تجاوزوا قدسيات الأنبياء والرسل وأولياء الله تعالى .
ولنأخذ مثالا على العقوبات والحدود في شريعتنا الإسلامية حيث كان من الممكن أن يكون هناك عقوبة لمن يسرق وهي أن يقتل أو يعدم ولكن الشريعة اقرّت حدّ قطع اليدّ وليس كل اليدّ وإنما الكفّ فقط، وهذا ما يسمى بتناسب العقوبة مع الجرم المرتكب ، فهذا مقبول عقليا ومنطقيا عند العامة وعند السارق نفسة ،ولكن ما جرى في التعديلات الأخيرة أن العقوبات المقررة عقوبات مدمرة ليس لمرتكبها فقط وإنما لكل أهله وأولاده وأسرته حيث صارت أثار هذه العقوبات يعاني منها ليس الفاعل فقط وإنما كل الناس المنتفعين منه ، وصاروا هؤلاء المظلومون معاقبين مع أنهم لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم انجبوا هذا الفاعل أو أنه أحد أفراد أسرتهم .
كذلك فإن الفلسفة والغاية من العقوبات ليس إرهاب المجتمع وتهديده وزعزت أمنه واستقراره وإنما إصلاحه وتصفيته من المجرمين الذين هم مواطنون بالأصل وكان من المفترض أن يتم العمل على اصلاحهم من خلال تنفيذهم لعقوباتهم وإعادة دمجهم بالمجتمع مرة أخرى لكي يساهموا في بنائه وتطوره .
وأخيرا لا يعقل ان يؤخذ بقانون يعارضه أكثر 98% من الشعب ويتفق معه ويدعمه أقل من 1% وهم الوزراء العاملون والسابقون الذي تجاوزت أعدادهم عن بضعة آلاف نتيجة كثرة التعديلات الوزارية والواسطات والمحسوبيات في التعيينات لهؤلاء الجونيات والذين من مصلحتهم إرهاب الرقابة الإعلامية والمجتمع الإكتروني من البحث في كيفية أدائهم لواجباتهم ومسؤولياتهم وكشف أخطائهم قبل وبعد وقوعها .
اتقوا الله في الشعب الذي لم يجد حلولا للشباب من شبح البطالة مع تخرج سنويا أعداد هائلة من الجامعات والقادرين على العمل ولم تجتهد الحكومة بإيجاد فرص عمل لهم يعيشون منها ويجاهدون للبحث عن فرصة عمل يقتاتون منها لقمة عيش يأكلونها أو مبلغ مالي يدفعون منه فاتورة للكهرباء أو المياه نتيجة قطعها عنهم أو لتأمين معالجاتهم المرضية .
أين قوانينكم وتشريعاتكم من البطالة وفساد منظومة التعليم وأخطاء التوجيهي والإهمال الصحي وغياب الإستثمار وانعدام الجذب السياحي وغياب الحكومات الإلكترونية في المعاملات والخدمات الرسمية والمشاريع الفاشلة على الدوار السابع والباص السريع والعطارات للصخر الزيتي .
أين قوانينكم وتشريعاتكم عن تغول البنوك التجارية على الشعب والتي صارت تدمر المدينين وتحجز وتبيع كل ممتلكاتهم وتحبسهم على قروض مالية تم سدادها لهم بعشرات الأضعاف لأصل القرض .
وأخيرا لتعلموا أن العقوبات الشديدة يجب أن تكون لمن يخون الوطن ويسرق ويدمر الممتلكات و الأموال العامة ويلعب بقوت الشعب ويفسد تعليمه وصحتة ويدمرها ، لا أن تكون العقوبات شديدة على كلام يكتب أو يقال على الفضاء الإلكتروني ويكون الغاية منه الإصلاح في الوطن .
أذا أردنا أن نحقق الأمن والأمان فعلينا البحث عن وسائل وطرق تبحث في أسباب الجنوح للجرائم ومعالجتها اولا ،فلا يمكن لنا منع السارق من سرقة الأكل والكهرباء والمياه اذا كان السارق جائعا وبردانا وعطشانا .
اتقوا الله في شعبكم وسعيكم ولأن أعماركم قد قاربت على النهاية فإن ما تشرعونه اليوم سيكون ألة دمار للأجيال السابقة من أولادكم واحفادكم الذين سيلعنونكم وانتم جاثمون في قبوركم، فتدراكوا وأصلحوا وكونوا سببا في نهضة ورقي هذا الشعب،وليس معولا لهدمه وخذلانه.