اليوم الوطني السعودي 93 إنجازات ومكتسبات وتستمر المسيرة

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات .. 

 

ابتداءاً كل عام والقيادة الحكيمة في المملكة العربية السعودية وشعبها الأصيل بألف خير بالذكرى 93 لتأسيسها على يد الراحل المغفور له بإذن الله عبدالعزيز آل سعود، فالمملكة العربية السعودية لم تستثمر اليوم في كرة القدم فقط : ومن الخطأ قول ذلك بعد أن كثر الحديث عن الإستثمارات الضخمة السعودية في كرة القدم، لكن اليوم وأنا أتجول في شوارع الرياض النظيفة والمنظمه وأشاهد فنادقها ومطاعمها ومقاهيها الجميله والحديثه، وأسواقها ومولاتها الكبيرة، وجامعاتها ومستشفياتها الحديثة والمشاريع الضخمه ألتي تنشأ كأعادة تأهيل حي ( الدرعية ) الذي ولد منه أول نظام سياسي للسعودية ، وحديقة الملك سلمان الضخمة ألتي سيزرع بها مليون شجرة للمحافظة على البيئة وتظم كل المرافق الترفيهية، تبين لي بأن المملكة العربية السعودية لم تستثمر فقط في القطاع الرياضي وبالضبط في الساحرة المستديرة كرة القدم، وإنما تقود المملكة العربية السعودية اليوم بفكر وتوجيه مباشر من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه قطاراً تنموياً فائق السرعة يمد يده للجميع ويحتظن الجميع ايضاً، ويبقى ينظر إلى رؤية السعودية 2030 منذ إعلانها للمرة الأولى في نيسان / أبريل 2016، ليس بإعتبارها رؤية سعودية محضة، بل لكونها تتعدى الجغرافيا السعودية لتمتد بعيداً شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، ينتشر خيرها ليعم على شعوب المنطقة والعالم، وربما كان خير دليل على ذلك تلك النظرة الأستشرافية لمهندس الرؤية المستقبلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حيث أكد في عام 2018، أن السعودية ستكون أجمل دول الشرق الأوسط وستكون أوروبا الجديدة، في وقت كان العالم ينظر بإستغراب نحو هذه التصريحات ألتي تتناول منطقة تعيش حالة عدم إستقرار وتوتر مقلق، والمملكة العربية السعودية ترى بأن دول الخليج والأردن ومصر والعراق، وغيرها من دول المنطقة التي ستنضم تباعاً، إنطلاقا من منتدى مبادرة مستقبل الإستثمارات في السعودية في تشرين أول/ أكتوبر 2018، على موعد مع عقود ثلاثة من التنمية غير المسبوقة وتلاشي مسببات عدم الإستقرار، ستفضي لبروز قطب إقليمي عالمي الأبعاد يعيد التوازن المختل في العلاقات الإقتصادية والتجارية والسياسية الدولية.
وها هي اليوم السعودية تستمر المسيرة العطرة بها، وتقود قطاراً تنموياً فائق السرعة، وهي تمد يدها للجميع حلفاءاً وخصوماً للألتحاق بركب العطاء والخير، ولي العهد المحبوب ذلك المقاتل الشرس الذي يقف على قمة جبل شاهق، فيرى آفاق الرؤية تتحقق بشكل أوضح، في معركة إستعادة روح المنطقة المسلوبة من قوى الظلام ألتي يقودها التطرف والإرهاب وحكم الميليشيات والعصابات ألتي كبحت النزعات التجارية والأقتصادية الفطرية لشعوب المنطقة، ودفعت بها نحو التدمير والفوضى والتشريد والفقر والجوع، وتبقى تأمل المملكة العربية السعودية في هذه المعركة جعل الشرق الأوسط على رأس الدول المتقدمة، وكان ذلك قراراً إستثنائياً أعاد به المملكة العربية السعودية روح الملك المؤسس المغفور له بإذن الله عبد العزيز وروح المملكة التي قامت من أجل خير شعوب الجزيرة العربية وما وراءها، لتضرب بيد من حديد الفكر الظلامي والتطرف والغلو والتشرذم، الذي عاد لاحقاً ليتفشى في المنطقة بعد عقود عبر الإرهاب القاعدي والداعشي والميليشيات الطائفية مسبباً كثيراً من الآلام لشعوبها، وهدراً لمقدراتها، وهكذا تعيد الأنطلاق من تلك اللحظة التاريخية، من إرث الملك المؤسس رحمة الله عليه رحمة واسعة، وبعد إسبوع من أقامتي في العاصمة الجميلة والمنظمة والنظيفة الرياض، خرجت بأنطباع، أنها اليوم تشهد المستقبل يقبل على المنطقة بوتائر غير مسبوقة، فما كان بالأمس يصنع في عشرات السنين بات اليوم يتحقق في ومضة من الزمن، إنها وبصدق ورشة عمل على مدار الساعة لا تتوقف، تشكل قطب جذب خلاق لكل الإستثمارات من كل حدب وصوب، حقاً أنها أوروبا الجديدة تتخلق من بين الرمال لتعانق عنان السماء، وهكذا كان إنطباع المملكة العربية السعودية بعد إعلان الرئيس الأميركي في العاصمة الهندية نيودلهي في قمة ال20 مشروعاً ضخماً يرتبط بمنطقتنا والعالم ضمن مبادرة الشراكة من أجل البنية التحتية العالمية والإستثمار المتمثل في بناء ممر أقتصادي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وهو المشروع الذي تقف المملكة العربية السعودية في القلب منه، ويشمل التعاون مع الهند والإمارات والأردن والإتحاد الأوروبي، وتحديداً دول مثل قبرص واليونان وألبانيا والبوسنة والهرسك وكرواتيا والمجر والنمسا والتشيك وألمانيا لتحقيق أزدهار أقتصادي مستدام لكل الدول المشاركة، بإعتباره شريان حياة لربط القارتين الآسيوية والأوروبية عبر التصنيع والتجارة والتصدير وإمدادات الطاقة النظيفة وضمان سلاسل التوريد على مستوى المنطقة والعالم، ويتسق مشروع الممر الإقتصادي مع رؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان 2030، ويعكس أبعاد الرؤية السعودية إقليمياً ودولياً، بخاصة أنها وضعت مئات من المشاريع الإستراتيجية قيد التنفيذ على الأرض، بما يهيئ جهوزية السعودية للعب أدواراً متعاظمة في شراكات متعددة الجنسيات، كما يتسق مشروع الممر الإقتصادي مع مشروع الإتحاد الأوروبي الذي أطلق في 2021 المعروف باسم ” البوابة العالمية ” وخصص له ( 300 ) مليار دولار، وجاء إعلانه بهدف كبح التأثير السلبي لمبادرة الحزام والطريق الصينية على أوروبا، وتحديداً ما يتصل بسلاسل الإمداد.
ويقال اليوم بأن الرؤية السعودية والمبادرة الأوروبية والممر الإقتصادي هي مبادرات تكاملية تقوم على تعظيم الفوائد المشتركة، على العكس من المبادرة الصينية التي باتت تكبل الدول الفقيرة في فخ الديون، وإن البيت الأبيض لم يخف هدفه من أن مشروع الممر الإقتصادي يهدف إلى مواجهة نفوذ الصين المتزايد في المنطقة، فالجميع في أميركا والإتحاد الأوروبي والهند يدركون أهمية مواجهة مبادرات الصين في الساحة الدولية، وتحديداً الحزام والطريق والتنمية العالمية التي أطلقتها الصين قبل عامين في الأمم المتحدة، ومبادرة الأمن الدولي والحضارة العالمية ضمن حزمة مبادرات سياسية صينية تدعي في ظاهرها الدفاع عن دول الجنوب، فيما سجل مشاريعها في أفريقيا وآسيا واضح للعيان. وأيضاً ضمن جهود المملكة العربية السعودية لقيادة دول المنطقة في مشاريع تنموية طموحة تعظم مصالحها وتكاملها ورخاءها المشترك، فإنها تدرك تعقيدات وأبعاد الأجندات السياسية الدولية المتقاطعة والمتضاربة في سعيها إلى الإنتفاع البناء منها جميعاً بما يتفق مع مقاربتها الإستراتيجية، فها هي الهند الحليف الذي تزداد أهميته بالنسبة إلى الغرب الذي يراهن عليه في مواجهة التوسعية الصينية، ونقض إدعاءاتها بتمثيل مصالح دول الجنوب، تعمل وفق فلسفة ” الأستقلال الإستراتيجي ” الذي طورته في ضوء نظرتها التاريخية لعدم الإنحياز، فلا تحالف مطلقاً لديها، ولا صداقة دائمة، ولا عداوة دائمة، إنما هي لغة المنافع والمصالح المتبادلة.
وقد أعطت الهند دليلاً على ممارستها لفلسفة ” الأستقلال الإستراتيجي ” أثناء قيادتها لمفاوضات الوثيقة النهائية لأجتماعات نيودلهي لمجموعة الـ 20 ، بعدم ذكر الإجتياح الروسي لأوكرانيا على رغم أن قمة العام الماضي لمجموعة الـ20 في بالي جاءت على ذكره.
هذا وتبقي الهند على أبواب مصالحها مشرعة شرقاً وغرباً على رغم أنها في ” عداءاً ” مع الصين، ومن هنا تدرك دول المنطقة أهمية الإبقاء على شعرة معاوية مع الجميع، وإن كانت ترجح كفة طرف على الآخر، لكنها لا تقطعها تماماً كما يتصورها مهندس الرؤية السعودية صاحب السموا الملكي الأمير محمد محمد بن سلمان، وبنظر عديد من المراقبين شكل أتفاق الشراكة لبناء الممر الإقتصادي علامة قلق لأولئك الذين كانوا يروجون لفكرة الخروج الأميركي من المنطقة، الذين بنوا على هذا الأفتراض جازمين بأن الأمور تتجه شرقاً إلى الصين، وفيما ينتظر الجميع رؤية مشروع الممر الإقتصادي بضخامته وبتفاصيله التنفيذية خلال الشهرين المقبلين، سيكون بوسع الجميع داخل المنطقة وخارجها التحقق من أن هذا المشروع سيضع نهاية لحال التشوش في العلاقات الأميركية – السعودية وعودة تعافيها الإستراتيجي.
وعلى الطاولة السعودية ثمة مئات المشاريع الإستراتيجية الإقتصادية والتجارية والعسكرية والعلمية الطموحة مثل تطوير السعودية لتصنيعها العسكري، والحصول على التكنولوجيا النووية للأستخدامات السلمية، والتحول إلى مركز دولي للأمن السيبراني والذكاء الإصطناعي والتصنيع، والسعي إلى ضمان حصولها على المواد الأولية مثل الليثيوم ومعادن أخرى مهمة للصناعات السعودية المتقدمة، وهناك مشاريع ستفاجئنا بها الرؤية السعودية تباعاً، وربما تقودنا التفاعلات الإيجابية الجارية خلال الأشهر المقبلة لتحقيق صفقة تاريخية تعيد الألق للعلاقات الإستراتيجية السعودية ـــ الأميركية، وتجدد عهد ( كوينزي ) بين الملك الراحل المؤسس والرئيس روزفلت بعد قرابة ( 80 ) سنة من حدوثه، وإيجاد توجهات قوية لحل القضية المركزية القضية الفلسطينية، عبر تفعيل النفوذ السعودي المتعاظم في الساحة الدولية، والمملكة العربية السعودية تقوم بتقدم مشاريع كبرى وجديدة للنهوض بإقتصادها وسياساتها وفي جميع المجالات ألتي تخدم مستقبلها، وبعد 93 عاماً على تأسيس المملكة العربية السعودية تستمر المسيرة في العطاء والإنجازات العظيمه ألتي كان شعب المملكة العربية السعودية يتطلع إليها، وما رافق تلك الإنجازات من قيمة أقتصادية وصحية وتعليمية وثقافية وإجتماعية وحتى ترفيهية حققت الكثير من المنافع على الصعيد الداخلي، فتلك الإنجازات في هذا الصدد حدث ولا حرج وشاهدتها على أرض الواقع وبأم العين خلال أقامتي لمدة أسبوع في العاصمة الجميلة والمنظمة والنظيفة الرياض، وأختيار شعار اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية الشقيقة لهذا العام 2023 ” همة حتى القنة ” الذي تم إستلهامه من مقولة معبرة جدأ من صاحب السمو الملكي الأمير المحبوب محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه والذي كنت أتطلع إلى اللقاء به والتشرف بالسلام عليه أثناء أقامتي في الرياض.
وفي هذا المقام يطيب لنا أن نبارك للمملكة العربية السعودية الشقيقة وشعبها الأصيل والطيب والكريم، واسأل الله العلي القدير الأمن والأمان والأستقرار والأزدهار للمملكة العربية السعودية الشقيقة، وللقائمين عليها طول العمر وموفور الصحة والعافية.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
الأردن – عمان 2023/9/16

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.