وزيرالسياحة الإسرائيلي في الرياض للمشاركة في مؤتمر دولي للسياحة

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …

 

الإقبال العربي على التطبيع مع إسرائيل يبقى مستمرا، أقول ذلك كمراقب ومتابع في ظل الزيارة ألتي يقوم بها وزير السياحة الإسرائيلي إلى المملكة العربية السعودية وألتي ستستمر ليومين بالتزامن مع وجود السفير نايف بن بندر السديري غير المقيم في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وكان وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس خلال مشاركته في المؤتمر الدولي للسياحه في العاصمة الرياض في أول زيارة علنية إلى المملكة العربية السعودية يقوم بها مسؤول إسرائيلي على هذا المستوى، حيث وصل وزير السياحة الإسرائيل حاييم كاتس إلى الرياض للمشاركة في مؤتمر دولي لمنظمة الأمم المتحدة يتعلق بالسياحة العالمية، وتعد هذه هي أول زيارة علنية إلى السعودية يقوم بها مسؤول على هذا المستوى، بالتزامن مع محادثات إقامة العلاقات بين البلدين، ويعد كاتس هو أول وزير إسرائيلي يترأس وفداً رسمياً إلى السعودية للمشاركة في حدث لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في الرياض، وسيعقد إجتماعات مع نظرائه من دون تحديد الدول ألتي ستشارك في هذه اللقاأت، وكان قد أعرب الوزير الإسرائيلي عن رؤيته للدبلوماسية السياحية مصرحا السياحة هي جسر بين الأمم، والشراكة في قضايا السياحة لديها القدرة على التقريب بين القلوب والأزدهار الإقتصادي، وسأعمل على خلق تعاون لتعزيز السياحة وعلاقات إسرائيل الخارجية.
وتأتي زيارة كاتس التاريخية إلى الرياض، ألتي تستمر يومين، بالتزامن مع وجود السفير السعودي نايف بن بندر السديري غير المقيم في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وتعتبر زيارة السفير السعودي إلى رام الله وألتي تستمر ليومين أيضاً، الأولى منذ إتفاق أوسلو للسلام في عام 1993، الذي سمح بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، والتقى السديري في رام الله الرئيس محمود عباس الذي تسلم أوراق إعتماده سفيراً للمملكة العربية السعودية، ووزير الخارجية رياض المالكي ومسؤولين آخرين. وقال السفير نايف بن بندر السديري في منشور عبر حسابه على منصة إكس : من دولة فلسطين الحبيبة، أرض كنعان، أجمل التحيات مقرونة بمحبة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد. وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قد صرح قائلا نقترب كل يوم من إقامة علاقات مع إسرائيل، يا ترى هل ستزعزع علاقات إسرائيل التجارية مع الصين تعاونها الأمني مع واشنطن ..؟ وزيارة السفير السعودي تأتي وسط مساعاً دبلوماسية للتوصل إلى إتفاق بين السعودية وإسرائيل قد يشمل تنازلات للفلسطينيين، بعد أن صرح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن جهوداً جارية من أجل التوصل إلى إقامة علاقات بين البلدين، وسبق وأن كان قد كشف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي بأن السعودية تقترب كل يوم من إقامة علاقات سلام مع إسرائيل، لافتاً في الوقت ذاته إلى مركزية القضية الفلسطينية وإقامة دولتها المستقلة، وتسهيل حياة الفلسطينيين.
ومنذ أشهر يتكاثر الحديث عن إحتمال إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل ألتي توصلت في عام 2020 إلى تطبيع علاقاتها مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب ضمن ” اتفاقات أبراهام ” بوساطة الولايات المتحدة الأمريكية. وستستضيف السعودية نهاية الأسبوع الجاري يوم السياحة العالمي للمرة الأولى، ويأتي اليوم العالمي للسياحة 2023 تحت شعار السياحة والإستثمار الأخضر، وبمشاركة أكثر من 500 مسؤول من 120 دولة، لتعزيز التعاون العالمي لدراسة الفرص لتعزيز مرونة القطاع السياحي، ودفع عجلة النمو نحو مستقبل يقوده الإستثمار ويركز على الإستدامة، كما ستتمحور جلسات الحوار حول عدد من المواضيع المهمة، ومنها الإنسان وكوكب الأرض والأزدهار والتنمية، ودور القطاع الخاص في مد الجسور بين الثقافات، والحفاظ على البيئة النظيفة، والإستثمار في الكوادر البشرية، والتحديات والحلول لتحقيق مستقبل مستدام، والأبتكار وتعزيز ريادة الأعمال، والسفر السلس والشامل، ويذكر بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز كان قد تطرق أخيراً خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة فوكس نيوز الأميركية، إلى تطورات السياحة بالسعودية، كاشفاً عن إرتفاع نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي من ثلاثة إلى سبعة في المئة، وسيظل التطبيع مع إسرائيل مستمراً في الإنتظار للدول العربية التي ستعلن عن نيتها في التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية، ومن رام الله أكد السفير السعودي غير المقيم لدى فلسطين نايف بن بندر السديري أن مبادرة السلام العربية هي الأساس لأي إتفاق محتمل لإقامة علاقات بين بلاده وإسرائيل، في ظل ترحيب رسمي فلسطيني بالزيارة الأولى من نوعها بعد أسابيع على تعيينه في منصبه، وكما أراد الفلسطينيون، شدد السديري على تمسك السعودية بمبادرة السلام العربية كأساس لحل القضية الفلسطينية، بإعتبارها النقطة الأساس في أي أتفاق مرتقب، في إشارة إلى المفاوضات الجارية للتوصل إلى إتفاق لإقامة علاقات سعودية ـــ إسرائيلية.
ومنذ إنطلاق تلك المفاوضات، ينخرط كبار المسؤولين الفلسطينيين في إتصالات مستمرة مع نظرائهم السعوديين بهدف تأكيد أن اتفاقاً سعودياً إسرائيلياً وأميركياً سيكون ضمن مبادرة السلام العربية ألتي طرحتها الرياض قبل أكثر من 20 سنة، وخلال كلمة السعودية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، شدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن ” أمن منطقة الشرق الأوسط يتطلب الإسراع في إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يبنى على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية “.
ويقال اليوم بأن المملكة العربية السعودية تجدد رفضها لجميع الإجرأت الأحادية التي تعد أنتهاكاًً للقانون الدولي وتسهم في عرقلة مسار الحلول، وكان قد دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي النتن ياهو إلى عدم منح الفلسطينيين حق الإعتراض على أي أتفاق سلام إسرائيلي ــــ سعودي وأشار إلى أن ” الجهود الماضية باءت بالفشل لأنها أستندت إلى فكرة خاطئة مفادها أنه ما لم نتوصل إلى إتفاق سلام مع الفلسطينيين فإن أي دولة عربية أخرى لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل”، وكان رد الرئاسة الفلسطينية بأن محاولات النتن ياهو ستفشل في إلغاء حق الإعتراض الفلسطيني على التوصل للسلام بالمنطقة، وأن حق الإعتراض الفلسطيني يستند إلى الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومدعوماً من العرب، وأن السلام في المنطقة لن يكون بأي ثمن، ولن يتحقق إلا بإستعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة، وبعد ( 46 ) يوماً على تعيين السعودية سفيراً لها فوق العادة وغير مقيم لدى فلسطين وقنصلاً عاماً في القدس، سلم السديري أوراق إعتماده رسمياً إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مقر الرئاسة برام الله خلال زيارة هي الأولى من نوعها منذ أحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، ويقال اليوم بأن العلاقات مع فلسطين بدأت في عهد الملك الراحل المغفور له بإذن الله عبدالعزيز آل سعود، لتصل إلى ما وصلت إليه في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظه الله ورعاه، وسيتم الحرص على تطويرها، حيث إعتبرت حركة فتح بأنها لحظة تاريخية في العلاقات المميزة بين البلدين، وبأنها ستعمل على تقريب البلدين والشعبين والقيادتين، وتعكس عمق العلاقات التاريخية بينهما، وأن هذه الزيارة لن تكون الأخيرة لكنها ستكون البداية لينطلق السفير السعودي في عمله بتطوير العلاقات بين البلدين بإعتبارها مسؤولية كبرى، هذا وسيعمل السفير السعودي المخضرم السيد نايف بن بندر السديري لدى فلسطين من أجل مهمته الأساسية وهي إبقاء القضية الفلسطينية مركزية ومحورية لكل العرب، وللمملكة العربية السعودية وألتي تحظى بإهتمام خاص من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان.
وبتعيين المملكة العربية السعودية سفيراً غير مقيم لدى فلسطين، وقنصلاً عاماً بالقدس في خضم المفاوضات السعودية ــــ الأميركية تكون قد بعثت برسالة سياسية تترجم تصريحاتها العلنية الداعمة لحل القضية الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية.
ويبقى يستبعد التوصل لأتفاق سعودي ــــ إسرائيلي قريباً في ظل وجود حكومة إسرائيلية دينية متطرفة ترفض تقديم أي شيء للفلسطينيين، وحتى وقف الإستيطان في الضفة الغربية، وهناك من يرى بأن القيادة الفلسطينية برئاسة السيد محمود عباس قد تسرعت في دخول أزمة مع الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين إثر عقدهما علاقاتهما مع إسرائيل بعد أن كان قطار العلاقات إنطلق، ويصعب عليه إيقافه، لذا تغير موقف الرئيس الفلسطيني من معاداة السلام مع إسرائيل إلى محاولة الإستفادة منه لمصلحة القضية الفلسطينية وينتظر من السعودية الحصول على إمتيازات سياسية، وكانت المملكة العربية السعودية قد طمأنت الفلسطينيين بأنها لن تقيم علاقات مع تل أبيب بأي ثمن، ولذلك فإن الرئيس محمود عباس مرتاح من الموقف السعودي، ولم تكن السعودية ضد العلاقات مع إسرائيل منذ عقدين على الأقل حين أطلقت مبادرة السلام العربية، ولكنها وضعت شروطاً للقيام بذلك وهو إنهاء الأحتلال الإسرائيلي، وقيام دولة فلسطينية معترف بها، لذا فإن القيادة الفلسطينية ستتعامل مع ما تقوم به السعودية حالياً، وما ستعلنه عند أنتهاء المفاوضات .
وكانت زيارة السفير السعودي تهدف إلى الإطلاع على الأوضاع الميدانية واستكمال الحوار الفلسطيني ــــ السعودي الذي بدأ في العاصمة الأردنيه عمان قبل 44 يوماً ثم إنتقل إلى الرياض منذ نحو شهر، ويعتبر السفير قناة من قنوات الحوار الرسمية بين الدول في ظل وجود تنسيق شبه يومي بين الرياض ورام الله بشأن الإتفاق السعودي – الإسرائيلي – الأميركي .
وتبقى القيادة الفلسطينية تعمل على ” التواصل مع المملكة العربية السعودية لضمان أن تأخذ المصلحة الفلسطينية في أي أتفاق مقبل، وتبقى تصريحات المسؤولين السعوديين تشير إلى أن السعودية لا تزال على موقفها المبدئي والتاريخي الداعم لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل عقد علاقاتها مع إسرائيل.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
الأردن – عمان 2023/9/27

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.