لا للتنمر
أخصائية الطفولة ولاء زيتون …
إن خطْ مسار حياة أطفالنا يبدأ في المنزلِ والمدرسةِ وبعدها ينطلقون الى المجتمعِ. وهذا المسار مليئ بالفرص التعليمية التي يتعلم من خلالها أطفالنا، ولكن هناك العديد من المخاطر، التي قد يتعرض لها أطفالنا في هذا المسار، واليوم سوف نتحدث عن أحد هذه الأخطار وهو خطر التنمر .
يعدُّ التنمر من السلوكيات غير الإنسانية التي يتعرض لها أطفالنا، وتؤثر على نفسياتهم وشخصياتهم وتجعل منهم أطفال ضعاف الشخصية انطوائين لايحتكون بالآخرين، أو قد يجعل منهم أطفال عدوانين، عنيفين على غيرهم من الأطفال .
ويعرف التنمر :- بأنَّه أحد اشكال العنف النفسي والجسدي التي يمارسها فرد أو مجموعة أفراد على فرد آخر أو مجموعة أفراد آخرين، ويكون عادةً الشخص الذي يمارَس عليه التنمُّر أضعف من الشخص المسيء أو المتنمّر، حيثُ يتبع المتنمر أساليب عديدة للتنمر، أهمها السخرية والاستهزاء من الشخص الآخر، والإساءة إليه باللفظ، ومحاولة الحطِّ من شأنه بشكل متكرر بألفاظ خادشة ومستفزة وجارحة ومهينة، كما يلجأ المتنمِّر إلى مختلف وسائل الإيذاء كالتحرَّش الجسدي أو الضرب أو الإيقاع بالشخص الآخر بهدف إفساد حياته وجعله يشعر بالضعف والاهانة.
ومن معايير ظاهرة التنمر أن تكون مقصوده، ومتكرره، وعدم تكافئ القوه. فإذا توافرت هذه المعايير فإن ذلك يعتبر تنمر .
تبدأ مشكلة التنمُّر غالبًا من البيت ومن الاسرة نفسها، لأنها هي الأساس المتين الذي يتعلم من خلالها الأطفال جميع السلوكيات، حيثُ يتحمل الأهل مسؤولية كبيرة تجاه أبنائهم لأنهم القدوة والأساس الذي يتعلم من خلالهم أطفالهم ويقلدوهم بجميع التصرفات، فالأهل كالمرآة لأطفالهم فيجب عليهم الاهتمام بهم والتعرف على أفعالهم وسلوكياتهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية وتقييمها، ومعرفة ما يتعرضون له من إساءة أو ما يمارسونه على غيرهم من الأطفال، فإذا عرفَ الأهلُ الأسبابَ التي دفعت الطفل لممارسة التنمر استطاعوا أن يتخلصوا من هذه المشكلة بطريقة أسهل، وأن يخلِّصوا ولدهم من ذلك السلوك المؤذي، فقد تؤدي مشاهدة العديد من المقاطع التي تحتوي على عنف سواء في الأفلام أو مقاطع برامج الأطفال التي لا تناسبهم إلى تقليدهم وممارسته لأن التنمر هو سلوك متعلم.
يمكن تقسيم التنمر إلى أنواع حسب الوسيلة التي يلجأ إليها المتنمر نذكر منها:
التنمر اللفظي
التنمر الجسدي
والتنمر العاطفي.
أولا التنمر اللفظي: هو الذي يستخدم فيه المتنمر الألفاظ وعبارات السخرية والشتائم للاستهزاء من الطرف الآخر،
أما التنمر الجسدي فهو أقسى أنواع التنمر, حيث يلجأ فيه المتنمر إلى ايذاء الشخص المتنمَّر عليه جسديًا سواءً بضربه أم التعدي عليه بمختلف الوسائل، مثل إلقاء القمامة عليه أو دفعه في الطريق وغير ذلك.
والتنمر العاطفي هو الذي يقوم على الاستهزاء من عواطف ومشاعر الطرف الآخر ووضعه في موقف محرج يبدو فيه سخيفًا وضعيفًا.
من المؤكد أنَّ ظاهرة التنمُّر تعود على الجميع بآثار سلبية كثيرة، لا تقتصر على الأذى الجسدي إن وجِدَ، وإنَّما تشمل مشاعرَ الاكتئاب والتوتر والقلق التي تسببها على كلِّ من يتعرض لتلك الظاهرة الشنيعة، لأنَّه يشعر الشخص المتنمر عليه بأنَّه مضطهدٌ ومعذَّب ومنبوذ لصفةٍ معينة فيه، وهذا ما يدفعه إلى العزلة التامَّة والابتعاد عن الناس من حوله نتيجة التأثر النفسي الذي حصل عليه، وبالتالي تدفع بهِ إلى الانتحار، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنَّ التنمر يؤدي إلى زيادة حالات الانتحار في المجتمع، وقد يلجأ الشخص المعرَّض للتنمر إلى أساليب دفاعية عدوانية تزيد من حدوث المشاكل بين أفراد المجتمع.
إنَّ التنمُّر من الظواهر التي يجب على المجتمع أن يسعى إلى علاجها بمختلف الوسائل الممكنة، والتي تبدأ من بناء الأجيال على الأخلاق الحميدة والقيم الحسنة والمساواة بين الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم، وبثِّ تلك القيم والأخلاق بين مختلف أفراد المجتمع، إضافة إلى توجيه حملات التوعية بشكل مستمر تبيِّن مخاطر التنمُّر وتحذِّر الناس من مختلف أساليب العنف الجسدي أو اللفظي. ويجب تجريم فعل التنمُّر من خلال القوانين الرادعة وإعلاء الثقة بالنفس عند الأطفال.
انتظرونا في المقال القادم، للبحث عن طرق علاج التنمر بين الأطفال، وتقوية شخصيتهم .
أخصائية الطفولة ولاء زيتون 🌸