الحاجة الاقتصادية تدفع أمريكا لتوسيع الحرب في المنطقة. من سيساهم في تمويل خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بفعل الطوفان؟. أمريكا تتصرف كما تشاء – والآخرين يدفعون فاتورة الحساب
*كتب: المحامي محمد احمد الروسان* ……
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*
الحاجة الاقتصادية تدفع أمريكا لتوسيع الحرب في المنطقة.
من سيساهم في تمويل خسائر الاقتصاد الإسرائيلي بفعل الطوفان؟.
أمريكا تتصرف كما تشاء – والآخرين يدفعون فاتورة الحساب.
قلنا مراراً وتكراراً، أنّ الاقتصاد الأمريكي، اقتصاد قائم على الحروب، فأينما وجدت المصالح الامريكية، ومخازن ومصادر، رفاهية الشعب الأمريكي، خليط الأصول والفروع – بعناوين اليانكيّة الأمريكية، وتناكحها مع الأنجلو – سكسون، تجد الجيش الأمريكي ومن خلفه الإنجليز، بعتاده وعديده واستخباراته هناك، ولهذا: فانّ حاجة الاقتصاد الأمريكي، لتوسيع الحرب في المنطقة الشرق الأوسطية مؤكدة بالمطلق، وفي ذلك مصلحة انجليزية مستترة، عبر توريطهم لليانكي في حروب وجبهات، كون الأمريكي تلازمه عقدة التفوق على سكّان العالم، وكأنّ أمريكا قدراً(وهي ليست كذلك بالنسبة لي)، فتجد لندن تستثمر وتولف وتوظف هذه العقدة، في محركات وميكانيزميات القرار الأمريكي في الحرب، كون الصراع البريطاني الأمريكي الساكن والمتفاقم، ومن تحت الطاولة عميق، ولندن من تدير واشنطن وليس العكس – آخر مثال حيوي: المسألة اليمنية، والعدوان والحرب على غزة، وجلّ الشعب الفلسطيني، وقبلهما الحرب والعدوان على سورية وما زالت، وليبيا وما زالت.
وعلى أساس السابق ذكره، لا بدّ أولاّ: الاشتباك في هذه الأفكار التي سأسردها:
بلا شك: لا يمكن أن تفصل الاقتصاد عن السياسة، وعلاقة ذلك: في التوازن بين المدني والعسكري، فالمحرك الرئيس، في الحرب والعدوان على غزة ومنطقتنا، هو الاقتصاد السياسي ومسنناته، وكما شرحنا وعلى مدار أربعة أشهر خلت، في أكثر من تحليل ومقابلة تلفزيونية لنا، يقوم التوازن المدني – العسكري في منطقة الشرق الأوسط، على أساس الازدواج الثنائي القيمي، لاعتبارات الأمن والتنمية، وعلى هذا النحو تشكلت في منطقة الشرق الأوسط النخب الحاكمة، التي تصدت لقيادة الدولة في مرحلة ما بعد الاستقلال، التي امتدت طوال فترة السبعين عاماً الماضية، حيث بدأت فكرة العلاقات المدنية العسكرية تظهر أكثر فأكثر، خلال فترة الامبراطورية البروسية، وذلك عندما برزت للوجود ظاهرة العسكري المحترف، والفصل بينه وبين المدني المحترف، وأعقب ذلك تطور هذه الاحترافية ضمن النظم السياسية الأوروبية الغربية، وصعود أنظمة الحكم الليبرالية القائمة، على الأحزاب، والانتخابات، وحرية التعبير الليبرالي.
أمّا في البلدان العربية، فقد كانت معطيات خبرة التطور التاريخي مختلفة عن التجربة الأوروبية، وذلك بسبب ارتباط نمط القيادة العسكرية بالقيادة السياسية والدينية، في المراحل المختلفة، التي تشكلت وتبلورت عبرها القيم السياسية العربية، فقد كان على سبيل المثال: خالد بن الوليد قائداً عسكرياً وسياسياً ودينياً في وقت واحد.
وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وتفكك الكتلة الاشتراكية، شهد النظام الدولي حالة من السيولة الشديدة، أدت وقادت إلى الكثير من الاضطراب، في الأنساق الدولية الرئيسية والفرعية، وحاولت الولايات المتحدة، الانفراد بقيادة النظام الدولي، بما يؤسس نمط القطبية الواحدة، في تسيير وتوجيه العلاقات والتفاعلات الدولية.
فمثلاً: فشل المختبر السياسي الأمريكي في العراق وفي تجربة التغذية العكسية، ولم يكن التغيير من النموذج القائم في العراق إلى النموذج الأنجلوسكسوني الجديد سهلاً، وسلساً كما توقعت الإدارة الأمريكية، وذلك لأنه عندما قامت قوات الجيش الأمريكي بغزو واحتلال العراق، والقضاء على(عسكره)، اصطدمت بالمدنيين العراقيين، والذين تحولوا إلى(عسكر) عراقي جديد، ألحق خسائراً بالقوات الأمريكية تفوق ما ألحقه (عسكر)النظام السابق، الأمر الذي أدى إلى إفشال مشروع المختبر الأمريكي، لبناء النظام الليبرالي الانجلوسكسوني في المنطقة العربية.
وحاولت مراكز الدراسات الأمريكية، الترويج لأطروحة إمكانية التسويق للتجارب السابقة، التي تمخضت عن احتلال القوات الأمريكية لليابان وألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وما أعقب ذلك من تنمية اقتصادية سياسية، أدت إلى نشوء أنظمة رأسمالية ليبرالية، في كل من اليابان وألمانيا.
وتحت ضغوط ومرارة تجربة الـ(مختبر)السياسي الأمريكي في العراق، اصطدمت الإدارة الأمريكية بـ(التغذية العكسية) والتي أدت إلى نشوء المزيد من الضغوط داخل أمريكا، على النحو الذي دفع الإدارة الأمريكية، إلى محاولة ردع هذه الضغوط، عن طريق إصدار القوانين الصارمة، والحد من الحرية الليبرالية الموجودة داخل أمريكا، وبالفعل أصدرت الإدارة الأمريكية قانون الأمن الوطني، ومررت قانون التنصت على المكالمات، والبريد داخل أمريكا، بدون إذن قضائي، أي تحويل أمريكا إلى دولة شمولية، وهذا معناه بكلمات أخرى، التراجع عن النمط الانجلوسكسوني القائم على الفصل، بين الاعتبارات العسكرية والاعتبارات المدنية.
وبالمجمل نقول: تهدف المثالية السياسية إلى تخطيط وإعداد النماذج الاستراتيجية، وفرضها على الواقع، وتهدف الواقعية السياسية إلى استخدام المعطيات القائمة في عملية بناء النماذج الاستراتيجية، وتأسيساً على ذلك نقول: إن خطأ الإدارة الأمريكية وحلفائها يتمثل: في عدم إدراك أنصار المثالية السياسية، لطبيعة مدخلات النموذج الذي يحاولون فرضه على منطقة الشرق الأوسط.
والإدارة الأمريكية – أيّاً كانت هويتها السياسة(جمهورية أم ديمقراطية)، يسيطر عليها اللوبي الإسرائيلي، الذي يسيطر أيضاً، على المجمّع الصناعي الحربي، والمجمع الصناعي الخدمي المالي، وتتم آلية التأثير على عملية اتخاذ القرار، عن طريق عملية صنع القرار.
فعندما يريد اللوبي الإسرائيلي(الايباك، الجمعية الأمريكية الصهيونية، المعهد اليهودي لشؤون الأمن الوطني… وغيرها)، تبدأ لعبة الدومينو الإسرائيلية على النحو الآتي:
المجمعات الصناعية والمالية توفر التمويل، مراكز الدراسات التابعة للمحافظين الجدد تكتب وتنشر، وسائل الإعلام تسوّق وتروّج، اليمين المسيحي الصهيوني يطالب، نواب مجلسي النواب والشيوخ يتبنون العرائض، وأخيراً: يصدر الأبيض قراره – أقصد البيت الأبيض، وهو أسود نتن في العمق.
أتقن اللوبي الإسرائيلي لعبة الـلعب بسياسة وسياسيي أمريكا، والآن، يحاول هذا اللوبي ممارسة لعبة السيطرة على العالم، بحيث تصبح خارطة العالم، تحت السيطرة والتحكم.
الرأي العام العالمي، مشدود إلى أخبار الحرب والعدوان على غزة، وفي الضفة الغربية المحتلة، وما يجري من اعتداءات انجلوسكسونية على اليمن، بحجة حماية الملاحة في البحر الأحمر، وهو حمايةً لظهر العدو الإسرائيلي، ومشدود أيضا الى أخبار جبهة الأسناد الأهم لغزة في جنوب لبنان، والاعتداءات المشتركة للعمليات المخابراتية القذرة، للندن وواشنطن، في وعلى العراق المحتل، وبينما الجميع يتابع مسار هذه التطورات والمراحل الميدانية للصراعات العسكرية، ومتابعة العالم لكأس آسيا الرياضي(هذه المرة الكأس عربي وعروبي – أيّاً كان الفائز: الاردن أم قطر؟ فالانتصار داخل البيت العربي، وتحت السقف العربي)، وما يجري في الدوحة من حدث رياضي، تقوم الإدارة الأمريكية ومفاصلها وتمفصلاتها، وبدفع من عميق الدولة الخفية وجنين حكومتها والبلدر – بيرغ، بعمليات حربية نوعية أخرى، تشبه حروبها في غزة المحاصرة، وجلّ فلسطين المحتلة عبر مستعمرتها “إسرائيل”، وحروبها في أفغانستان – رغم إعادة انتشارها هناك، وفي شبه القارة الهندية لا انسحابها من هناك، وحروبها في العراق المحتل، والخفية والسريّة في لبنان المصادر، من اغتيالات معلنة وصامتة، ولكن لا تشبهها في آن معاً، كيف ذلك؟
ويمكن توضيح السابق ذكره، على ضوء الحقائق الآتية: وهذه الفواتير ليست وهماً، أو أكاذيب، أو افتراضات، فقرّر المحافظون الجدد، في عميق الحكومة الخفية، عدم الانسحاب من العراق وأفغانستان، ومن التنف السوري المحتل، وجلّ شرق الفرات، والاكتفاء بإعادة الانتشار العسكري في تلك الساحات والمساحات، مع توسيع الحرب في المنطقة، واتفقت أمريكا مع مستعمرتها على كلّ شيء، في العدوان على غزة ومنذ أربعة أشهر وما زال، بدأ الهجوم الجوي، والمدفعي، والبحري، وأخيراً البري وما زال مستمراً، وها هي المعركة في رفح الان، وبضوء أخضر أمريكي سكسوني صرف، وأمريكا وبريطانيا، تعرقلان عملية وقف إطلاق النار، وارتفع سعر برميل النفط، وهناك مؤشرات بالمزيد من الارتفاع، وأصبح الاقتصاد الأمريكي مهدداً بتزايد معدلات التضخم والبطالة، والتي ظلت بالأساس مرتفعة، وبدأت الآن في أمريكا عملية تنفيذ خطة نوعية جديدة، تهدف إلى نقل الضغوط التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي إلى خارج أمريكا، وإلقاء حملها على الاقتصادات الأخرى.
أي أنّ الاقتصاد الأمريكي، يعاني من العجز المزمن، جرّاء ارتفاع النفقات(نفقات على الحروب، تمويل إسرائيل، تمويل أوكرانيا، تمويل تايوان، تمويل غزو الفضاء، تمويل الرفاهية…الخ)، وقلة الإيرادات، ولمّا كانت الوسائل الاقتصادية الأكثر جدوى في هذه الحالة، تتمثل في القيام بعملية تقليل النفقات، وزيادة الإيرادات، فإنّ الإدارة الأمريكية، لم تلجأ لذلك، لأن تقليل النفقات معناه: تقليل دعم إسرائيل، وتقليل دعم أوكرانيا، وتقليل الرفاهية، وغير ذلك… وتقليل وتقليل … الخ، واختارت الإدارة الأمريكية بدفع عميق حكومتها الخفية، في دولتها العميقة، طريقه تقوم على مبدأ: أن تتصرف أمريكا كما تشاء، وعلى الآخرين دفع فاتورة الحساب.
ونحن في العالم العربي، أصبحنا ننقسم إلى مجموعتين اثنتين لا ثالث لهما: الأولى: تتكون من الذين يرفضون الهيمنة الأمريكية، ويقولون: لا بحجم المعمرة، بكل وضوح وكرامة، وأمّا الثانية: فتتكون من الذين يقومون سلفاً بدفع فاتورة حساب أمريكا، مثل فاتورة تدمير غزة وشطبها، وفاتورة إعادة تعمير غزة، وفاتورة تدمير أفغانستان، وفاتورة إعادة تعمير أفغانستان، فاتورة تدمير العراق، وفاتورة إعادة تعمير العراق، وفاتورة تدمير لبنان، وفاتورة إعادة تعمير لبنان….. الخ.
فالأمريكيون أنفسهم يعترفون بذلك، فكما شكر الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، ووجّه الثناء الشخصي بوقته(موثّقاً بالصورة والصوت)للزعماء العرب، الذين دعموا مسيرة(أمريكا في تحرير أفغانستان وتحرير العراق.. على حد وصفه هذا المخبول السكّير)، إضافة إلى تأكيده لهؤلاء العرب باحترام وامتنان أمريكا لهم، وبأنّ أمريكا سوف تحتاج إلى وقوفهم معها، في المرات القادمة أيضاً، فانّ الرئيس الخرف جو بايدن، سيفعل فعله، ويشكر بعض العرب، على وقوفهم معه، في تحرير غزة من “الإرهاب” المزعوم، وكما زعم ويزعم، هذا الرئيس الخرف، وهو بلا ذاكرة.
الآن الآن وليس غداً، بدأت الإجراءات والترتيبات، لجعل هؤلاء الحلفاء والأصدقاء المخلصين لأمريكا، يدفعون تلقائياً خسائر أمريكا، لا في عمليات(التدمير)و(إعادة البناء والتعمير)، وإنما في كل شيء، وحتى لا تقوم أمريكا بتجميعهم كل مرة فيما يعرف بــ(مؤتمرات المانحين)، ثم يقوم الرئيس الأمريكي، بالطلب منهم تقديم التبرعات، فهذه المرة يقوم السيناريو على حفظ ماء وجه الرئيس الأمريكي من كثرة السؤال.
في المعلومات: بنك الاحتياطي الأمريكي، (فيدرال ريسرف)، مع(وزارة الخزانة الأمريكية)، يعدون العدة، لإطلاق برنامج نقدي يهدف إلى(شفط) رؤوس الأموال من أصدقاء وحلفاء أمريكا، وعدم استرداد أي شيء منها بسهولة، كذلك عندما تريد أمريكا شراء السلع أو الخدمات من الآخرين(كالنفط مثلاً)، فإنّ على الآخرين أن(يكسروا)لها الأسعار، وقف السعر الذي تحدده أمريكا، ومن يريد شراء شيء من أمريكا، فعليه أن يقبل بالسعر الذي تحدده أمريكا، ولا داعي لأن يدفع شيئاً يذكر، لأنّ أمواله بالأساس موجودة في بنوك أمريكا.
وبالنتيجة المطلقة هنا بالذات: مؤشر الهيمنة الأمريكية يؤكد ذلك، من يريد التأكد، عليه مراجعة: أجندة منظمة التجارة العالمية، أجندة قمة السبعة الكبار – بعد أن تم اخراج روسيّا منها، السياسة النقدية والائتمانية التي أصدرها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، السياسة المالية لوزارة الخزانة الأمريكية.
دول المنطقة العربية، التي سارت في ركب العولمة الأمريكية المتفاقمة، وفتحت اقتصادياتها دون ضوابط تذكر، هي التي سوف تساهم بقدر كبير في تمويل خسائر الاقتصاد الإسرائيلي، وبالتالي فإنّ اقتصاديات هذه الدول العربية، هي التي سوف تدفع نيابة عن أمريكا لإسرائيل في نهاية الأمر.
معادلات المنطق الاقتصادي: هكذا تقول: ويؤكد منطق المبادلات التجارية، غير المتكافئة وغير المتوازنة، بين هذه الاقتصاديات العربية، والاقتصاد الأمريكي، ما داموا يقبلون البيع لأمريكا بأرخص الأسعار، والشراء منها بأغلى الأسعار.
عنوان قناتي على اليوتيوب حيث البث أسبوعياً عبرها:
https://www.youtube.com/channel/UCq_0WD18Y5SH-HZywLfAy-A
[email protected]
منزل – عمّان : 5674111 خلوي: 0795615721
سما الروسان في 10 – 2 – 2024 م.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.