الصناعات العسكرية الإيرانية أصبحت في المرتبة الـ16 عالمياً

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات … 

 

أن التهديدات الأميريكية لإيران مع مرور الزمن أظهرت بأنها شكلية وإعلامية فقط وليست حقيقة، وأن هناك صعوداً سريعاً لإيران كمورد عالمي للأسلحة يثير غضب الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، خاصة بعد تطور الصناعات العسكرية الإيرانية وأحتلالها المرتبة الـ16 عالمياً، وأصبحت من بين أكبر بائعي الأسلحة في العالم لعام 2022، وقد تصدرت إيران مرتبة متقدمة كمورد عالمي للسلاح، وفي معرض تحليل مصلحة إيران من إضطرابات أمن البحر الأحمر بفعل هجمات الحوثيين كان قد نشر تحليل بتاريخ 27 كانون ثاني/ جانيوري 2024 تحت عنوان رقصة عسكرية إيرانية أمام البوابة الجنوبية للبحر الأحمر تناول هذا التحليل دعم إيران لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر للترويج لصناعتها العسكرية لا سيما وأنها تستعد لدخول سوق السلاح الدولي بعد رفع مجلس الأمن الدولي قيود حظر إستيراد وتصدير الأسلحة عنها في تشرين أول/أكتوبر 2023، وهنا تثار الأسئلة حول ما الذي ساعد على وصول طهران إلى مرتبة تجارة الأسلحة وبخاصة الأسلحة منخفضة التكلفة وألتى لديها نوعان من العملاء إما دول أو ميليشيات مسلحة، وما هو تأثير قيام إيران بدور مورد الأسلحة في الشرق الأوسط ..؟ ولماذا تركز إيران على نوعية الأسلحة غير التقليدية، أي ما هي العقيدة العسكرية ألتي دفعت طهران للتقدم في هذا المجال ..؟ أي كيف شهدت صناعة الأسلحة الإيرانية نمواً سريعاً، مما أدى إلى تحولها إلى دولة مصدرة واسعة النطاق للأسلحة منخفضة التكلفة وعالية التقنية.
بداية تركزت العقيدة العسكرية الإيرانية منذ النظام الإيراني المؤسس قبل 45 عاماً على أساس التحايل على العقوبات المفروضة من الغرب وألتى منعت النظام من إقتناء قدرات عسكرية متطورة، ولتلافي القدرات العسكرية القديمة ألتي ورثها الإمام الراحل الخميني عن نظام الشاه المخلوع بخاصة مع تهالك جزء كبير من تلك القدرات خلال الحرب العراقية – الإيرانية، كان على النظام الإيراني تغيير العقيدة العسكرية لتتماشى مع كون إيران غير قادرة على الدخول في أي مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل ومن ثم عليها رفع تكلفة أي مواجهة ضدها وخارج أراضيها، ولتحقيق هذين الهدفين، أي تطوير قدراتها العسكرية في ظل العقوبات والحظر الدولي من جهة، ورفع تكلفة أي مواجهة ضدها، كان على إيران أن تعتمد على التصنيع المحلي للأسلحة، ومن ثم عملت على تعديل وتطوير نماذج الأسلحة ألتي حصلت عليها من الصين وروسيا، ومن جهة أخرى كان على إيران أن تدعم تشكيل جماعات وفصائل مسلحة لتعزيز الحروب اللامتماثلة أو الحروب الهجينة، وهو نمط من الحروب يعتمد على قيام الجماعات المسلحة بإستخدام الأسلحة التقليدية وغير التقليدية بتكتيك حروب الشوارع، إنتشر نمط الحروب اللامتماثلة مع الغزو الأميركي للعراق عام 2003 وتفكك الدولة العراقية وظهور الجماعات العراقية المسلحة، وقد أنتشر نمط الحروب اللامتماثلة في الشرق الأوسط بعد حرب تموز / يوليو 2006 بين ” حزب الله ” اللبناني وإسرائيل ثم حروب حركة ” حماس ” وإسرائيل، وكانت النتيجة تركيزاً أعمق على الأساليب غير المتماثلة في الهياكل التنظيمية والمعدات، وأخيراً عملت إيران على نقل تلك التقنيات إلى الحوثيين في هجماتهم على السفن ألتي لها علاقة مع إسرائيل والمارة في البحر الأحمر، وتماشياً مع هذا في عامي 2007 و2015، فرض مجلس الأمن الدولي حظرين على إيران لتقييد قدرتها على إستيراد وتصدير الأسلحة، في 18 تشرين أول/ أكتوبر 2020، إنتهى الحظر لعام 2007 أو القرار 1747 حيث سمح إنتهاء الصلاحية لإيران بإستيراد وتصدير الأسلحة التقليدية، علاوة على ذلك إنتهاء صلاحية القرار رقم 2231 في 18 تشرين أول/أكتوبر 2023، وهو القرار الذي فرض قيوداً على إستيراد وتصدير إيران لمكونات الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار، من دون أن يثير مخاوف المجتمع الدولي من إمداد إيران تلك الأسلحة لبعض الأنظمة والجماعات والفصائل المسلحة في الشرق الأوسط، على رغم أنه كان يمكن للولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة الدول الموقعة على خطة العمل الشاملة المشتركة أن تحيل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمجلس الأمن الدولي والذى يفيد بأن إيران إنتهكت التزاماتها بالإتفاق النووي مما يعيد فرض العقوبات الأممية مرة أخرى على إيران، وتقوم إيران بتصدير الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية إلى التنظيمات والفصائل المسلحة في الشرق الأوسط، مثل حزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله في العراق، وحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة، والحوثي في اليمن، وفي عام 2017، قامت إيران بتزويد الحوثيين في اليمن بعشرة صواريخ باليستية قصيرة المدى من طراز قيام ـــ1، ومنذ عام 2018 تلقت قوات الحشد الشعبي في العراق، صواريخ باليستية قصيرة المدى من طهران، بما في ذلك صواريخ فاتح 110 وذو الفقار، ويتم إستخدام الطائرات من دون طيار في الهجمات على القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسوريا، وعلى الرغم من مواجهة عقوبات شديدة، تمكنت إيران من بناء صناعة أسلحة مزدهرة على مدى العقد الماضي، تقدمت في إنتاج الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار وقد أثار هذا النمو قلق واشنطن والغرب مع إمداد إيران روسيا بالمسيرات في الحرب الأوكرانية، مما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على الكيانات والأشخاص الإيرانيين المرتبطين بتلك الصناعات، في الوقت الذي فشلت فيه إدارة جو بايدن في تقييد مخزون إيران من الصواريخ الباليستية، والذي تعهد بتقييدها عبر إتفاق مع إيران أقوى وأشمل من خطة العمل الشاملة المشتركة، العقوبات ألتي فرضها الإتحاد الأوروبي وواشنطن في أعقاب إمداد روسيا بالمسيرات هي محدودة إقليمياً ولا تحمل نفس وزن القيود ألتي ينفذها مجلس الأمن الدولي، بل تباهت إيران بأن هناك نحو 22 دولة أبدت إهتماماً بالحصول على المسيرات الإيرانية، ومما يزيد من تفاقم قضية توريد إيران لتلك الأسلحة هو قرار طهران بعدم التوقيع على معاهدة تجارة الأسلحة، ألتي تهدف إلى تنظيم وتقليص تجارة الأسلحة غير المشروعة، وتعد عمليات الإنتشار العسكري سبباً لتوتر الإستقرار والأمن الإقليمي وتعزيز الحروب اللامتماثلة في مواجهة الدول، ومن خلال تلك التطورات تسعى إيران إلى لعب دور رئيسي في الشرق الأوسط واستخدام القدرات العسكرية وتوريد الأسلحة كأداة رئيسية لتحقيق هذا الهدف، وستبقى الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستمرة في مجال التسلح النووي من أجل إثبات وجودها كلاعب رئيسي في المنطقة.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
لبنان – بيروت 2024/2/24

قد يعجبك ايضا