دعوة عباس إلى البرلمان التركي ردّ على خطاب نتنياهو
شبكة الشرق الأوسط نيوز : يؤكد محللون ومراقبون في تركيا أن دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لزيارة تركيا، ولإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي (مجلس الأمة الكبير)، تأتي استجابة لرغبة من أنقرة المستاءة جدا من خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي.
وكانت سفارة فلسطين في أنقرة قد أعلنت أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيلبي دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن الاتصالات ما زالت قائمة لتحديد الموعد المناسب لهذه الزيارة من خلال القنوات الدبلوماسية ووفق الأصول.
وحسب السفير الفلسطيني لدى تركيا فائد مصطفى، فإن الاتصالات ما زالت قائمة لتحديد الموعد المناسب لهذه الزيارة من خلال القنوات الدبلوماسية ووفق الأصول.
كما أن عباس تلقى أيضا ـ حسب السفير الفلسطيني – رسالة دعوة من رئيس البرلمان التركي لإلقاء خطاب أمام البرلمان التركي، و»العمل جار على تحديد موعدها».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تحدث بانفعال خلال مشاركته في ملتقى مع ممثلي المنظمات الأهلية في ولاية ريزة شمال شرق تركيا قبل أيام، معلقا على خطاب نتنياهو أمام الكونغرس بالقول: «قبل أيام شاهدنا جميعا تلك المشاهد المشينة في مجلس النواب الأمريكي. بصراحة لقد شعرنا بالخجل نيابة عن الإنسانية مما رأيناه هناك» .
وأكد أن «بسط السجادة الحمراء لشخص مثل نتنياهو والتصفيق لأكاذيبه، يشكل هفوة عقلية كبيرة بالنسبة لأمريكا».
ولم يلبث مجلس الأمة التركي أن أصدر مذكرة رسمية وصف فيها خطاب نتنياهو «بوصمة عار» في تاريخ الديمقراطية، حيث أكدت المذكرة أن نتنياهو نقل الاحتلال الظالم والمتواصل منذ عقود والانتهاكات الجسيمة بحق القانون في فلسطين إلى مستوى غير مسبوق من خلال حملة تطهير عرقي ووحشي في قطاع غزة.
وعبرت المذكرة عن الأسف حيال مقتل ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني، جلهم من الأطفال والنساء في قطاع غزة خلال عشرة أشهر، فيما يواصل الناجون المكافحون نضالهم لتأمين متطلبات الحياة الأساسية في ظل مجاعة غير مسبوقة والحرب الغاشمة المستمرة.
كما لم تغفل المذكرة الاشارة الى الأوضاع الملتهبة في الضفة الغربية والقدس وهجمات المستوطنين على ممتلكات الفلسطينيين وحياتهم.
واعتبر الباحث والمحلل السياسي طه عودة أوغلو في تصريح لـ «القدس العربي»، أن دعوة الرئيس التركي الرئيس الفلسطيني ليلقي خطاباً أمام المجلس التركي، جاءت ضمن الموقف التركي الغاضب من خطاب نتنياهو في الكونغرس الأمريكي.
وأشار إلى ان هذه الدعوة تعد اشارة واضحة للموقف الداعم للقضية الفلسطينية منذ بداية الحرب على غزة.
وقال إن « حكومة أردوغان انتهجت سياسة «تصعيد تدريجي غاضب» للموقف من الهجوم الإسرائيلي على غزة، وانتقاده الشديد لدولة الاحتلال الإسرائيلي ونتنياهو، والتصريحات التي وصلت الى تسمية شخص نتنياهو والتلاسن والتراشق» بين الجانبين التركي والإسرائيلي.
واضاف أن «أنقرة المحورية والعضو في حلف الناتو تريد أن توجه رسالة من خلال هذه الدعوة للولايات المتحدة الداعم الأول لإسرائيل وخصوصاً إلى الكونغرس الأمريكي بعد استقباله نتنياهو، بأن تركيا لديها موقف معارض وتعتبر نتنياهو مجرم حرب من خلال ارتكابه لجرائم إبادة يومية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة».
وكان النائب عن ولاية غازي عنتري في البرلمان التركي عن حزب الهدى (الديني) شيخ زادة دمير، قد طالب عبر منشور على حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي البرلمان التركي بتوجيه دعوة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية لإلقاء كلمة أمام البرلمان التركي.
وقال دمير في البيان نفسه إنه «وفي ظل الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، تتم مكافأة مجرم الحرب (نتنياهو) الذي أظهر تصميمه على مواصلة الإبادة الجماعية بالشراكة مع الولايات المتحدة والصهيونية، وإن الفضيحة التي شهدناها في الكونغرس، هي تأكيد للشراكة بين العصابة الصهيونية وأمريكا، وإن أفضل رد على هذه اللامبالاة هو دعوة إسماعيل هنية للتحدث أمام الجمعية الوطنية التركية الكبرى نيابة عن شعب غزة المضطهد».
وفي السياق نفسه، شدد رئيس حزب المستقبل ورئيس الوزراء التركي السابق «أحمد داوود أوغلو» في تدوينة له باللغة العربية على منصة «إكس» على ضرورة توجيه دعوة لزعيم حركة حماس «إسماعيل هنية» لإلقاء خطاب في البرلمان التركي.
ويقول طه عودة أوغلو، الباحث والمحلل السياسي لـ»القدس العربي»، «إن الحرب التي تقودها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة «حماس»، سببت انقساما في الداخل التركي تمثل بمطالب أعضاء في البرلمان التركي، وبعضهم نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم نفسه، حول دعوة هنية لإلقاء خطاب أمام مجلس الأمة التركي، بينما توجهت الحكومة التركية «والتي تريد بتصوري الشخصي» تجنب الاصطدام المباشر مع الغرب والولايات المتحدة، من خلال توجيه دعوة رسمية للطرف الفلسطيني الرسمي المتمثل بالرئيس محمود عباس لإلقاء خطاب أمام البرلمان».
وكانت أنقرة قد وجّهت الدعوة لهنية في الأشهر الأولى للحرب لزيارة تركيا، كما تم استقباله رسميا من قبل الرئيس التركي لتقديم واجب العزاء له بعد اغتيال إسرائيل لعدد من أبنائه وأحفاده في مخيم الشاطئ للاجئين في نيسان/أبريل الماضي، لإظهار دعمها المتواصل لغزة خلال هذه الحرب، وإعلان تركيا منذ بداية الأزمة استعدادها للتوسط في مفاوضات تبادل الأسرى بين الجانبين.
ويلفت مراقبون إلى أن المواقف القوية التي صدرت عن الرئيس التركي في الأسابيع الأولى للحرب، ورفضه إدانة هجمات السابع من أكتوبر أو اعتبار «حماس» تنظيما إرهابيا، ووصفه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه قاتل ومجرم حرب، كانت سببا في قيام واشنطن بتحييد أنقرة وإبعادها عن أي جهود سياسية او دبلوماسية وتغييب دورها الإقليمي في الأزمة، بل إن استقبال أردوغان لهنية دفع، حسب مراقبين، واشنطن إلى تأجيل زيارة أردوغان التي كانت مقررة الى البيت الأبيض مطلع أيار/ مايو الماضي.
وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني المزري في غزة.
واعتبر طه عودة أن الموقف التركي الداعم للقضية الفلسطينية، بدأ يتحرك في إطار اتصالات مكثفة تجريها أنقرة مع دول المنطقة العربية، وفي مقدمتها مصر وقطر، لا سيما بعد فشل الجهود الأمريكية والغربية حتى الآن في إرغام نتنياهو على التوصل الى تسوية للأزمة وإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشه في القطاع.
وبينما تجنبت حركة «حماس» حتى الآن التعليق على دعوات نواب في البرلمان التركي لرئيس مكتبها السياسي لإلقاء كلمة في البرلمان التركي، نقلت وسائل إعلام عن مصادر دبلوماسية أن جهود أنقرة تنصب في هذه المرحلة على تنسيق المواقف وتكثيف الاتصالات بين الأطراف الفلسطينية في محاولة لجمع عباس وهنية في تركيا لأول مرة منذ اندلاع الحرب في غزة، والخروج بموقف فلسطيني موحد، ردا على خطاب نتنياهو، وإيصال رسالة قوية لواشنطن بأن تركيا ليست طرفا يمكن تهميشه في هذه الأزمة.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.