256 قتيلا محصلة كارثة السيول في تسع محافظات يمنيّة منذ بدء أغسطس
أعلن مكتب «أوتشا» عن تأثر ما يقرب من 562 ألف شخص بالفيضانات الشديدة والعواصف في اليمن. ودعت المنظمة الدولية للهجرة، إلى مواصلة تقديم الدعم والمساعدات العاجلة المنقذة للحياة.
شبكة الشرق الأوسط نيوز : : أسفرتِ الفيضانات والسيول التي ضربت معظم محافظات اليمن منذ أواخر تموز/يوليو، وبناء على الإحصاءات الصادرة عن لجان الطوارئ والسلطات المحلية والأمم المتحدة، والتي اعتمدت عليها «القدس العربي» عن مقتل 256 شخصًا في تسع محافظات، بالإضافة إلى أكثر من نصف مليون متضرر في جميع المحافظات المتأثرة بموجة الأمطار الغزيرة الناجمة عن تأثر البلد بمتغيرات مناخية.
وتسببت موجة الأمطار العزيزة والصواعق الرعدية، التي ما زالت مستمرة حتى الآن هناك، في وفاة 95 شخصاً في محافظة الحُديد وفق لجنة الطوارئ، و39 في محافظة حجة وفق لجنة الطوارئ، و30 في محافظة ذمار وفق السلطة المحلية، و36 في ملحان محافظة المحويت بمن فيهم 13 مفقودًا، وفق مكتب الصحة، و6 (أسرة كاملة) في مديرية الخبت في ذات المحافظة، وفق السلطة المحلية، و15 في محافظة تعز وفق السلطة المحلية، و8 في محافظة مأرب وفق الأمم المتحدة، و9 في مخيمات النازحين في ذات المحافظة وفق وحدة إدارة مخيمات النازحين هناك، و3 في محافظة صعدة وفق الأمم المتحدة، و9 في محافظة إب وفق الأمم المتحدة، و6 في محافظة ريمة وفق السلطة المحلية. وهناك عشرات المصابين في جميع المحافظات المتأثرة.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» مؤخرًا، «تأثر ما يقرب من 562 ألف شخص بالفيضانات الشديدة والعواصف العنيفة في اليمن».
ودعت المنظمة الدولية للهجرة، «إلى مواصلة تقديم الدعم والمساعدات العاجلة المنقذة للحياة للأسر المتضررة من الكارثة».
وأشارت الأمم المتحدة إلى أكثر من 38 ألف أسرة يمنية تضررت بالفيضانات وبحاجة للمساعدة، منها حوالي 19.575 أسرة في حجة والحُديدة، و9.769 أسرة في مأرب، و5.321 أسرة في تعز، و3.620 أسرة في صعدة. كما تهدمت مئات المنازل، وصار هناك مئات الأسر بلا مأوى، وانقطعت عشرات الطرقات، وانجرفت مساحات كبيرة من الأراضي والمدرجات الزراعية.
وكانت مخيمات النازحين من أبرز مَن تضرروا جراء السيول؛ ففي محافظة مأرب تسببت السيول في وﻓﺎة 9 أشخاص وإصابة 35 آخرين، وتضرر عدد 19.795 أسرة نازحة، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ 3.450 أسرة ﺗضررت ﻛﻠﻴﺎ ًو16.345 أسرة ﺗضررت جزئياً.
ملحان
تمثل مديرية ملحان في محافظة المحويت (شمال غرب) التي شهدت كارثة إنسانية جراء السيول في 27 آب/أغسطس، ومديرية وصاب السافل في محافظة ذمار(وسط) التي شهدت هي الأخرى كارثة مماثلة في 30 آب/أغسطس آخر المناطق في اليمن حتى اليوم تأثرًا بشكل قاس بفيضانات الأمطار، وما تزال المأساة حاضرة هناك بقوة، وخاصة في ملحان بالمحويت، التي شهدت وفاة 21 طفلا، و 9 نساء، و6 رجال منهم 13 ما زالوا في عداد المفقودين.
يقول أمين عام جمعية الهلال الأحمر اليمني بالمحويت، الصحافي سعد الحفاشي، لـ«القدس العربي»: «ما خلفته السيول في مديرية ملحان ربما هو أكبر مما يمكن التعبير عنه، فالكارثة كبيرة والحاجة إلى المساعدات والإنقاذ ما زالت قائمة وبنسبة كبيرة أيضًا. يكفي القول إن الواقع المأساوي ما زال قائمًا وماثلاً، ويمثل تحديًا إنسانيًا أكبر من القدرات المتوفرة، على الرغم مما يبذله الجميع من جهود مساعدة وإنقاذ، ويكفي أن أقول لك إن هناك 13 مفقودًا ما زالوا حتى اليوم تحت الأنقاض، بعد أسبوع من الكارثة».
ويقول تقرير للهلال الأحمر اليمني بشأن أضرار السيول في ملحان صدر نهاية الأسبوع الأولى من أيلول/سبتمبر، إن «العمل ما زال جاريا من أجل إعادة فتح الطرق، أو حتى التمكن من إيجاد منافذ مناسبة للمشاة للوصول إلى معظم قرى ومحلات المناطق المنكوبة بالأمطار والسيول والفيضانات المدمرة، التي اجتاحت مديرية ملحان الجبلية، حيث لا تزال بعض المناطق في عزلة القبلة وعزلة همدان مغلقة على نفسها رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات لأجل فتح الطرق بسبب صعوبات العمل والطبيعة الجبلية القاسية، وما ألحقته السيول من دمار في الطرقات».
وأشار التقرير، إلى «أن السيول قد تسببت في تهجير مئات الأسر من ديارهم في ملحان إلى المناطق المتاخمة لهم في أطراف المديرية ومديرية الخبت، ولجأت إلى بعض المدارس في مديرية الخبت كمأوى مؤقت».
ولفت إلى «أن المساعدات ما زالت غير كافية لسد حاجة النازحين والمهجرين، خاصة أن النازحين من المناطق المنكوبة في تزايد مستمر بسبب تهديدات استمرار الأمطار، ما اضطر فرق الهلال الأحمر اليمني إلى القيام بإنشاء مخيمات ايواء إضافية من الخيام في مناطق هباط وهمدان».
ولفت إلى أن واقع المتضررين يتجاوز بكثير الأرقام المعلن عنها إلى الضعف، حيث تشير الإحصاءات المحلية إلى أن ما لا يقل عن 40 منزلًا دُمرت بشكل كامل ونحو 250 منزلًا تضررت بشكل جزئي، ونفوق نحو 200 رأس من المواشي والأبقار، وحدوث دمار كبير في المدرجات الجبلية الزراعية، وانقطاع الطرقات الرئيسية، وتضرر عدد من المدارس، فضلًا عن مضاعفات الوضع الصحي والتأزم النفسي الشديد الذي خلفته الكارثة على أبناء المناطق المنكوبة.
وقال إن المشكلة الآن هي في المحاصرين في القرى، والذين استنفدت مؤنهم وأتلفت الأمطار ما كان بحوزتهم من طعام، ما يضطر فرق الهلال الأحمر ورجال الأمن والجيش إلى نقل المساعدات على ظهورهم وإيصالها لتلك المناطق.
وصاب
كما شهدت عزلتا بني موسي ووادي الخشب في مديرية وصاب السافل بمحافظة ذمار كارثة مماثلة نجم عنها عشرات القتلى والمصابين وخسائر في الممتلكات أبرزها 30 وفاة وستة مصابين.
يقول الصحافي عبدالله حمود الفقيه، من أبناء المديرية متحدثًا لـ«القدس الغربي» عن طبيعة الكارثة هناك: «كانت الساعة التاسعة ليلًا من يوم الجمعة 30 آب/أغسطس حين بدأت فصول المأساة في قرية الجُرف بعزلة بني موسى التابعة لمخلاف قوير في مديرية وصاب السافل- محافظة ذمار، حيث تشبعت المدرجات الزراعية بمياه الأمطار الغزيرة المتواصلة منذ الرابعة عصرًا، وانهارت لتتحول إلى مجرى سيل عارم تدفق فجأة ليجرف منزلًا كبيرًا تابعًا لأسرة الحاج وليد طالب، الذي نجا هو وزوجته فيما فقد 7 من أبنائه إضافة إلى محل تجاري ومعمل معاوز (مآزر) كان فيه 17 شخصًا، وبجوارهم نحو 4 سيارات، انجرفوا جميعًا تجاه الوادي أسفل القرية. وبالتزامن كانت السيول تجتاح عزلة وادي الخشب، التابعة لذات المخلاف (العزلة والمخلاف من مسميات إدارية قديمة للمناطق في اليمن) وجرفت العديد من المنازل وسكانها وممتلكاتهم، وبينهم أسرة خالد محمد ثابت الذي كان مسافرًا في مصر لعلاج ورم في الغدة الدرقية، بينما حرمته الأمطار حتى من رؤية جثث والده ووالدته وزوجته وأطفاله، وإلقاء تلويحة الوداع الأخيرة».
وأضاف: «عمليات الإنقاذ، التي بدأت منتصف ليلة الجمعة واستمرت إلى عصر يوم الأحد، كانت محفوفة بمصاعب شتى، خاصة بالنسبة للمفقودين من أبناء قرية الجرف، نظرًا للمنحدرات التي يتدفق السيل فيها متجها للوديان، فالسيارات لم يتبق منها سوى قطع متناثرة، فما بالك بالإنسان! بعكس وادي الخشب المنطقة المنبسطة، التي سرعان ما تم العثور على معظم المفقودين، وكانت العملية تتم في البداية بجهود فردية من أبناء تلك العزل، قبل أن تصل المعونة من مركز المديرية».
وتابع: «بالإضافة إلى القتلى والمصابين دمرت السيول ما يربو على 23 منزلًا بين كلي وجزئي، إضافة إلى أضرار كبيرة في المزارع والمواشي وغير ذلك من ممتلكات مواطنين غارقين في مآسيهم جراء الكارثة التي سلبتهم ما أبقت عليه الحرب والأزمات».
لم تكن الأمطار والسيول وحدها هي السبب في الكارثة التي يتجرعها اليمن حاليًا، إذ يتحمل المواطن والحكومة جزءًا من المسؤولية؛ منها البناء في مجاري السيول وعدم التزام قدر معين من المأمونية في نظم البناء التقليدية علاوة على تجاهل السلطة لالتزاماتها في ضمان ممرات آمنة للسيول ومعالجة جوانب القصور قبل بدء موسم الأمطار. وقبل ذلك وبعده يمكن القول إن الحرب خلال السنوات العشر الماضية قد أفقدت الناس والسلطات القدرة اللازمة على الإيفاء بالالتزامات تجاه تأمين الحياة الكريمة والآمنة هناك، وخاصة في مواجهة كوارث الطبيعة وتأثيرات المتغيرات المناخية، التي يعاني منها اليمن كثيرًا، وتمثل هذه الأمطار الغزيرة جانبًا من جوانب تأثيرها.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.