هل النظام الجديد لدوري أبطال أوروبا معقد الى هذا الحد؟
شبكة الشرق الأوسط نيوز :تفاجأ عشاق كرة القدم، بالمراسم المثيرة لقرعة دوري أبطال أوروبا، التي تسببت في حالة اللغط والارتباك لدى شريحة لا يُستهان بها من المشجعين، وبالأخص الذين اعتادوا على نظام دور المجموعات منذ تغيير نظام البطولة ومسماها الحالي في التسعينات، قبل أن يتدخل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) في الوقت المناسب، لانتشال البطولة الأكثر متعة ومشاهدة على هذا الكوكب، من التفكك والضياع، بابتكار طريقة جديدة تحاكي خيال أصحاب فكرة «السوبر ليغ»، ترتكز فكرتها الأساسية على مشاهدة أكبر عدد من مواجهات الأندية الكبرى في الدور الأول، وبنظام مختلف كليا عن العقود الماضية، بعد زيادة الفرق المشاركة من 32 إلى 36 ناديا، من المفترض أنها ستقاتل بشكل عادل في مجموعة واحدة مقسمة إلى 4 أوعية أو تصنيفات بداية من الأول إلى الرابع، بحثا عن تأشيرة التواجد في قرعة دور الـ16، لكن كيف سيحدث ذلك؟ هذا ما سنحاول تبسيطه معا.
الذكاء الاصطناعي
كنا في السنوات الماضية، وتحديدا في فترة ما قبل وبعد إجراء قرعة دور مجموعات الأبطال، نسمع عن أسطورة «الكرات الباردة والساخنة» أثناء توزيع الأندية على المجموعات، وذلك بطبيعة الحال لسهولة إجراء القرعة بطريقة بشرية، حيث كانت الأندية الـ32 مقسمة على ثماني مجموعات، وكل مجموعة تضم 4 فرق من التصنيف الأول إلى الرابع، وهذا ما كان يساهم في انتشار الإشاعات والروايات المحفورة في الأذهان في السنوات القليلة الماضية، من نوعية التشكيك في نزاهة قرعة ريال مدريد، بتواجده دائما في مجموعات من وحي اليوروبا ليغ وبطولة المؤتمر الأوروبي، وبالمثل مانشستر سيتي، والعكس بالنسبة لبرشلونة، الذي نادرا ما ينجو من مواجهة دابته السوداء بايرن ميونيخ وهكذا، لكن الآن وبعد تعديل نظام البطولة لتصبح عبارة عن مجموعة واحدة مكونة من 36 فريقا، كان من الصعب وربما من شبه المستحيل، إجراءها بشكل يدوي، أو بدون تدخل الكومبيوتر، استنادا إلى تبريرات المسؤولين في اليويفا، بأنهم أثناء إجراء الاختبارات بشكل يدوي خلف الكواليس، وجدوا أنهم سيكونوا بحاجة إلى ما مجموعه 900 كرة بالإضافة إلى 4 ساعات كاملة، حتى تتم يدويا بالطريقة المعتادة، ما عجل بنسيان فكرة إجراء مراسم القرعة يدويا، توفيرا للوقت والمجهود، عكس مراسم القرعة القديمة، التي كانت تستغرق نصف ساعة على أقصى تقدير، ولهذا استعان المنظمون بالذكاء الاصطناعي، بعد إدخال المعلومات اللازمة عن توزيع المباريات بين أصحاب المستويات من الأول وحتى الرابع، بناء على نتائجهم في مسابقات اليويفا في السنوات القليلة الماضية.
النظام والشروط
قبل إعطاء الضوء الأخصر للكومبيوتر، لبدء توزيع مباريات دوري المجموعة الواحدة، أولا يتم تحديد فرق الصفوة أو الثمانية أصحاب التصنيف الأول، وبالمثل يكون هناك ثمانية في التصنيف الثاني، وهكذا في المستويين الثالث والرابع، ثم بعد ذلك، يُطلب من الكومبيوتر تحديد 8 مباريات لكل فريق، مقسمة على النحو الأتي، مباراتان مع نظرائه من التصنيف الأول، ومثلهما مع أصحاب التصنيف الثاني وهكذا أيضا مع فرق التصنيف الثالث والرابع، لكن بشرطين ربما أحدهما سبب إشكالية بالنسبة لبعض المشجعين في استيعاب نظام القرعة، الأول وهو التقليدي، ألا يتقابل فريقان من نفس البلد في الدور الأول، بينما الشرط الثاني، أن يخوض كل فريق مباراة على أرضه وأخرى خارج القواعد في كل تصنيف، بمعنى أكثر بساطة، أن ناديا مثل ريال مدريد، لم يخض مباراتين على ملعبه «سانتياغو بيرنابيو» أمام فرق التصنيف الأول، بل سيلعب واحدة في أرضه، والأخرى في الخارج مع المنافس الآخر من نفس الفئة، وهكذا مع باقي التصنيفات، إلى أن يتم احتساب النقاط مع صافرة نهاية الجولة الثامنة، التي ستشهد حدثا تاريخيا، بإقامة كل مباريات الجولة في نفس التوقيت يوم 29 يناير/كانون الثاني المقبل، لضمان أعلى معايير العدالة والشفافية وتحقيق جزء كبير من مبدأ تكافؤ الفرص وتحسين جودة المنافسة، تماما كما يحاول الاتحاد الأوروبي، تسويق روايته عن المكاسب المنتظرة من ثورة التغيير في بطولاته القارية هذا الموسم، على أن ينتهي الدوري، بضمان وصول أصحاب المراكز الثمانية الأولى إلى دور الـ16 بشكل مباشر، وفي عالم مواز، سيتقاتل أصحاب المراكز الـ16 التالية في دور إقصائي بنظام الذهاب والعودة، من أجل اللحاق بركب المتأهلين للدور ثمن النهائي، وكل ما سبق، يبدو مختلفا 180 درجة عن النظام القديم، الذي كان يكتفي خلاله كل فريق بخوض 6 مباريات في الدور الأول، من أجل الحصول على تذكرة اللعب في مراحل خروج المغلوب، بينما في النظام الجديد، سيكون الحد الأدنى للوصول إلى مراحل خروج المغلوب، هو جمع أكبر عدد ممكن من النقاط في ثماني مباريات، وتبقى مرشحة للزيادة مباراتين، في حال أنهى سباق دوري المجموعة الواحدة في المركز التاسع في ما أقل.
تأثير السوبر ليغ
اتفق العديد من النقاد والمتابعين، على أن نظام دوري المجموعات القديم، وصل بالفعل إلى قمة الملل الكروي، وفي رواية أخرى، مباريات شكلية أو اقتصادية بالنسبة لفرق الصفوة، التي كانت تتجنب المواجهات المبكرة، إلا في بعض الاستثناءات التي كانت تعرف في الماضي القريب بـ«مجموعات الموت»، التي كانت تضم أكثر من اثنين من أندية النخبة في الدوريات الخمسة الكبرى، لكن في الشكل أو التوزيعة الجديدة، يبدو بالنسبة للبعض، أنها أكثر عدالة ومنطقية من السابق، كون الطريقة الحالية، ستضع بعض الأندية الكبيرة في مواقف صعبة ومعقدة، أبسطها توابع الهزيمة في المواجهات الكبرى المباشرة، التي ستصب في المقام الأول في مصلحة الأندية صاحبة التصنيف الثاني وما يتبعها، وهذا لم يكن يحدث في النظام القديم، نظرا لندرة مواجهات الأندية الكبيرة معا، وبالمثل الأندية المتوسطة والصغيرة، هي الأخرى كانت تُحرم من ميزة الحصول على منافسة عادلة مع فرق من نفس المستوى، وبالأخص أصحاب التصنيف الرابع، وهذه الأمور تعطي مؤشرات مسبقة إلى احتمال تعرض بعض العمالقة والأثرياء لفترات صعبة ومحرجة، في ظل وصول طموح الأندية البسيطة إلى عنان السماء، مع محاولات من المسؤولين عن اليويفا، بشراء ولاء ريال مدريد واتباعه الطامحين في إقامة بطولة «السوبر ليغ»، من خلال الاستجابة للشروط والتحديات التي دفعت فلورنتينو بيريز وبعض رؤساء الأندية الكبرى للتفكير في إقامة بطولة أخرى أكثر جذابية من الأبطال، مثل تحسين التوازن التنافسي، وزيادة عدد المباريات وبالتبعية عوائد بث المباريات، وقبل هذا وذاك، ضمان مشاهدة العديد من النهائيات المبكرة، وهذا ما سنشاهده في الدور الأول، من خلال معارك بحجم ميلان ضد ليفربول في «سان سيرو» ومانشستر سيتي ضد الإنتر في ملعب «الاتحاد» الجولة الأولى، وآرسنال ضد باريس سان جيرمان في ملعب «الإمارات»، وريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في «سانتياغو بيرنابيو»، وبرشلونة ودابته السوداء بايرن ميونيخ في الملعب «الأولمبي» في الجولة الثالثة، وفي الجولة التالية سيكون الريال على موعد ميلان، وأيضا الإنتر سيستضيف آرسنال، وأتلتيكو مدريد سيحل ضيفا على ملعب «حديقة الأمراء» لمقارعة سان جيرمان في نفس الجولة، وفي حقيقة الأمر، هذه في حد ذاتها ميزة أو رفاهية، لم تكن متاحة في النظام القديم.
مكاسب جماعية
بعيدا عن حملات التشكيك في الطريقة الجديدة أو الجدل الدائم في عالم «الساحرة المستديرة»، فهناك مكاسب مادية بالجملة تنتظر كل الأندية بوجه عام، والأندية الأكثر حظا التي ستتمكن من الذهاب إلى أبعد ما كان في البطولة، إذ يترقب أصحاب القرار في الاتحاد الأوروبي زيادة ملموسة في المكاسب المالية تُقدر بنحو 25% مع نهاية النسخة المستحدثة للكأس ذات الأذنين، أو حد أدنى من الأرباح بقيمة 2.5 مليار يورو من البطولة بوجه عام، وذلك بعد القفزة الهائلة في عدد المباريات من 96 في النظام القديم إلى 144 بداية من الموسم الجديد، ما يمثل زيادة بنحو 50% في عدد مباريات البطولة، مع توقعات بأن يساهم هذا الكم الهائل من النهائيات المبكرة، في ارتفاع حصيلة الأرباح المتوقعة في يونيو/حزيران المقبل، لكي يحقق اليويفا الهدف المنشود، بإعطاء الحيتان الكبرى مبالغ ضخمة، لصرف أنظارهم عن فكرة «السوبر ليغ»، أما على المستوى الفني وما ينتظره الجمهور من إثارة وتشويق، فقد أظهرت آخر محاكاة افتراضية، أن مهمة الحصول على واحد من المراكز الثمانية الأولى، لن تكون مفروشة بالورود، في ظل مشاركة أكثر من 10 أندية من أصحاب الوزن الثقيل في البريميرليغ وأوروبا، من نوعية حامل اللقب ريال مدريد، وغريمه الأزلي برشلونة، وبايرن ميونيخ، وبوروسيا دورتموند، وليفربول، مانشستر سيتي، وآرسنال، وباريس سان جيرمان، ويوفنتوس، وميلان، والإنتر، وأتلتيكو مدريد، ما يعني أن الجولات الأخيرة، ستشهد معارك لا تقبل القسمة على اثنين، من أجل تأمين أحد المراكز الثمانية المؤهلة بشكل مباشر إلى مراحل خروج الملعب، أشبه بصراع الجبابرة في البريميرليغ من أجل تأمين المركز الرابع المؤهل للكأس ذات الأذنين. والسؤال الآن لك عزيزي القارئ: هل تعتقد أن الاتحاد الأوروبي سينجح في تحقيق أهدافه برفع مستوى وجودة المنافسة داخل المستطيل الأخضر وتعظيم الأرباح المادية خارجه؟ شاركنا برأيك.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.