لحكومة إسرائيل: حرب لبنان ستكون باهظة.. فلا تحلمي بإمبراطورية من الليطاني إلى فيلادلفيا

سيفر بلوتسكر  ….

سنوات طويلة بين خمس وست على الأقل، أعدت قيادة حماس في غزة، بقيادة يحيى السنوار، الهجوم على إسرائيل. غير أنه في نهاية نحو سنة من اليوم الأسود إياه، في 7 أكتوبر، قد نجمل الأمر على النحو التالي: “حماس تكبدت فشلاً مطلقاً. أحد الإخفاقات الكبرى في تاريخ منظمات الإرهاب في العالم الحديث”.

جميع سكان قطاع غزة تحملوا ثمن فشله. عشرات الآلاف منهم قتلوا، وعشرات الآلاف جرحوا، ومئات الآلاف نزحوا. أصبحت غزة جزر خرائب، قطعة أرض محروقة، مكاناً غير مناسب لسكن الإنسان. ستمر عشرات السنين إلى أن يعاد بناء القطاع، إذا ما أعيد بناؤه أساساً – وسنوات إلى أن يتمكن من أن يكون تهديداً عسكرياً على بلدات الحدود، إذا ما تمكن أصلاً. حماس، يقولون لنا، لا تزال “تحكم في غزة”. أي حكم بالضبط؟ لا يعمل أي جهاز مدني هناك، ويكفي قرار إسرائيلي واحد كي يختفي تفوق حماس في توزيع المساعدات الإنسانية التي ليست هي من توفرها.

لقد بنى السنوار استراتيجيته الهجومية على حرب دعم عربي شامل ضد إسرائيل، وأخطأ مرة أخرى. فلم تنضم أي من الدول الإسلامية إلى حربه ضدنا؛ فقد فضلت عدم التورط. جربت إيران ضرب إسرائيل لمرة واحدة، لكن ليس كثأر على قتلى غزة، بل لتثأر على تصفية قادر كبار في حرسها الثوري.

يبقى حزب الله. مثلما قللت المؤسسة الأمنية السياسية الإسرائيلية من قدرات حماس الإرهابية في الماضي، فهي الآن تبالغ في قدرات حزب الله. المواجهة العنيفة التي يقودها ضدنا زعيم المنظمة نصر الله هي بالإجمال تبجح شخصي هدفه التكفير عن هزيمته في حرب لبنان الثانية. لكن نصر الله لن يكفر عنها. مقدراته تنفد، ليس له دولة من خلفه – الناتج المحلي اللبناني نحو 5 في المئة من الناتج الإسرائيلي – وقد ورط بلاده في حرب استنزاف زائدة لا تخدم أي مصلحة لبنانية. ويتصرف كمقامر يزيد رهانه مع كل خسارة.

من هنا، فعلى حكومة مسؤولة النظر جيداً فيما إذا كانت ستفتح حرب لبنان الثالثة الآن. السياسة الحالية، سياسة الامتصاص، والاحتواء الجزئي والرد المقنون ولكن القوي، هي المرغوب فيها. هي تستشرف المستقبل وتتناسب مع احتياجات إسرائيل، بشرط أن توفر الدولة المساعدات المادية والاجتماعية والتعليمية للسكان المخلين غصباً وطوعاً. بالمقابل، فإن الدخول إلى حرب في لبنان بحجم كامل سيكون باهظاً جداً بالمقدرات (الولايات المتحدة لن تمولها لنا) وستكون هدامة للشمال الإسرائيلي بلا مقايسة مع الوضع الصعب الحالي. كما ستؤدي إلى ضرر كبير بالعلاقات مع هذه الإدارة الأمريكية أو تلك، ستعظم صورتنا الدولية السلبية، وستسحق قدرة الجيش القتالية في غزة، وقد تؤدي إلى تجديد “الحزام الأمني” اللعين في جنوب لبنان.

في حساب عام للكلفة مقابل المنفعة، ليس مجدياً وليس صحيحاً أن تعود إسرائيل لتحكم جنوب لبنان وغزة، لا عسكرياً ولا مدنياً. إذا كان الغزيون مستعدين للعيش تحت نظام رعب لحماس، واللبنانيون تحت نظام “حزب الله” الفاسد، فهذه مشكلتهم وليست مشكلتنا.

مرغوب فيه بالتالي التخلي عن الأحلام الهاذية والخطيرة عن إقامة الإمبراطورية الإسرائيلية من جديد من الليطاني حتى فيلادلفيا، والتركيز على إعادة المخطوفين إلى الديار بلا تأجيل آخر ربما يكون فتاكاً لهم.

 يديعوت أحرونوت 16/9/2024

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.