إسرائيل هل ستقدم لإجتياح بري على لبنان خلال الأيام القليلة القادمة .. ؟

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات ….

 

أنه على الرغم من إرتفاع حدة التوتر بين إسرائيل وحزب الله خلال الأيام الماضية، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعارض بقوة شن تل أبيب هجوماً برياً على لبنان، فهي لا ترغب في التورط بنزاع جديد في الشرق الأوسط، وتسعى إلى تجنب تورط إيران في صراع أوسع بالرغم من إصابة السفير الإيراني السيد مجتبى أماني بأنفجار جهاز البيجر الذي كان يحمله مع أثنين من مرافقيه، وتركز على أولويات عسكرية أخرى تشمل أوكرانيا وتايوان والفيليبين، لذا يستبعد قيام إسرائيل بعملية برية مشابهة لاجتياح عام 1982 لأنها ستكون مكلفة جدأ وستدفع إسرائيل الثمن باهضاً، وأن الطاقة الأميركية قد تخف تجاه لجم إسرائيل في هذه الفترة، إلا أن المجرم النتن ياهو الذي أرتكبت جريمة الإبادة الجماعية خلال الأيام الماضية في لبنان يدرك تماماً أن تجاوز حدود الحزب الديمقراطي قد يؤدي إلى تعقيدات كبيرة، لا سيما أن إحتمالات فوز المرشحة كامالا هاريس كبيرة، كما أن فريق هاريس يسعى إلى تسوية مع إيران في حال وصولها إلى سدة الرئاسة، مما قد ينعكس على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لذلك فإن تل أبيب ستبقى ملتزمة الحدود ألتى تضمن الحفاظ على علاقتها القوية مع أميركا وعدم تجاوزها في سياق التصعيد العسكري بهدف الحفاظ على إمدادها بالأسلحة والذخيرة، ويبقى تبديل الأفواج العسكرية الذي تقوم به إسرائيل على الحدود البرية مع لبنان خلال 48 الماضية ليس أمراً جديداً أو مفاجئاً، إذ إن الحدود اللبنانية مع فلسطين تمتد على طول 120 إلى 130 كيلومتراً، ولذلك لا يمكن لإسرائيل أن تضع قوى عسكرية تتجاوز ما يمكن أن تستوعبه الجبهة الشمالية خاصة وأنه من الأساس كانت هناك ثلاث فرق عسكرية، ومع تطور الأوضاع تمت زيادة فرقتين إضافتين، ويعدّ هذا النوع من تبديل القوى أو تعزيز الوجود العسكري على الحدود جزأً من الإجراءات الروتينية ألتي تتخذها القوات المسلحة للحفاظ على الجاهزية والأستعداد، وليس دليلاً على تصعيد عسكري وشيك، كما أن الجيش السوري لا يسعى إلى الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل والتورط في النزاع، على رغم الضربات ألتى تطال سوريا وألتى تركز على أهداف تتعلق بـ حزب الله والحرس الثوري الإيراني، مؤكداً أن إسرائيل تتمتع بتفوق عسكري ملحوظ على حزب الله لناحية القوة النارية والقدرات البرية ٢والتكتيك والمناورات، مقابل شبكة أنفاق كبيرة يمتلكها الحزب تحت الأرض وتُعدّ جزأً أساسياً من إستراتيجية الدفاعية وتوفر له القدرة على تنفيذ عمليات عسكرية معقدة ومفاجئة،لذا فإن إسرائيل لن تقدم على إجتياح بري في جنوب لبنان، إنما ستستمر بتوجيه ضربات دقيقة تهدف إلى إحداث أضرار كبيرة في صفوف حزب الله، بما في ذلك شبكات الإتصالات واستهداف مخازن الذخيرة ومراكز تخزين الأسلحة ومراكز تصنيع الأسلحة والطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية، خاصة وأنه وفقاً للمنطق العسكري، والإجتياح البري حسب تقديري سيكون مكلفاً للغاية بالنسبة إلى إسرائيل، إذ سيؤدي إلى تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر بشرية كبيرة وأضراراً جسيمة، خاصة وأن حزب الله كان قد عمل منذ عام 2006 على تحصين الأراضي ألتي يسيطر عليها بإنشاء مراكز رمي للأسلحة المضادة للآليات والدروع، وتوفير مواقع قنص وقواعد لرمي الصواريخ ومراكز إيواء لعناصره وتجهيزها تحت الأرض، بهدف إيقاع أكبر قدر من الضرر بالقوات الإسرائيلية المتقدمة، كما أن إسرائيل ليست مجبرة على تقديم تضحيات أو خسائر بشرية من أجل كسر إرادة حزب الله، ما دام أنها قادرة على تحقيق أهدافها من خلال القصف الجوي واستهداف قدرات الحزب العسكرية، بالتالي من المتوقع أن تزيد من قصفها الجوي وتكثف إستهدافاتها لمراكز الحزب القيادية واللوجستية، إضافة إلى ملاحقة قياداته أينما وجدوا في لبنان أو في سوريا، وإذا أضطرت إسرائيل إلى الدخول برياً في جنوب لبنان، فلن تقوم بذلك إلا بعد أتباع سياسة الأرض المحروقة بصورة شاملة، مما يتضمن قصفاً مكثفاً وتدميراً لجميع الأنفاق القتالية ألتى تختلف في حجمها عن الأنفاق الكبيرة ألتي ظهرت في عماد 4″ ، ولكنها تعتبر أكثر تعقيداً وصعوبة، وتمتلك إسرائيل اليوم 23 فرقة عسكرية ويتكون جيشها من نحو 150 ألف عسكري مقاتل، إضافة إلى 450 ألف عسكري إحتياط، ويتماشى هذا مع العقيدة العسكرية الإسرائيلية ألتي تعتمد على وجود جيش مقاتل صغير نسبياً مقابل جيش إحتياط كبير، بالتالي فإن إسرائيل تمتلك قوة عسكرية هائلة لن تتأثر بصورة كبيرة بالصراع في غزة، كما أن الأستهداف الإسرائيلي لمخازن الذخيرة والأسلحة ومعامل التصنيع، إضافة إلى إستهداف شحنات الأسلحة ألتى تنقل من سوريا إلى لبنان وتفجير الشاحنات المحملة بالأسلحة، قللت بصورة كبيرة من قدرة حزب الله على تعزيز عتاده العسكري، ومع ذلك لا تزال لديه قوة بشرية قادرة على مجابهة أي إجتياح بري محتمل، كما أن الأشتباك بات في مرحلة نزاع عسكري منظم، وعلى رغم التقارير ألتى تشير إلى إحتمال دخول القوات الإسرائيلية إلى الأراضي اللبنانية، يبدو أن هذا الخيار مستبعد لأسباب عدة، أبرزها الكلفة البشرية العالية ورفض الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا فكرة الأجتياح البري، إلا أن النوايا الحقيقية للمجرم النتن ياهو غير واضحة، إذ إنه لا يشارك معلوماته مع أحد، حتى مع حلفائه الأوروبيين والولايات المتحدة الأمريكية مما يجعل من الصعب التنبؤ بخطواته المستقبلية، فإسرائيل ستواصل تنفيذ ضربات نوعية وأستراتيجية في الضاحية الجنوبيه، وهي منطقة حساسة نظراً إلى تجمع قيادات حزب الله هناك، إضافة إلى ذلك ستشمل الضربات مناطق في البقاع وأجزاء من العمق السوري، إذ تعتمد تل أبيب على إستراتيجيات دقيقة لإصطياد أهداف ثمينة من دون أي إعتبار للمكان أو الأبعاد الأخرى كما حصل في حي الجاموس أول أمس الجمعه بمنطقة القائم ما يجعل الصراع يبدو كحرب وجودية بين الأطراف المتنازعة، وبذلك سيكون هناك في نهاية المطاف منتصر وخاسر، كما أنه لا مجال للتسويات. كما أن إيران تواجه صعوبة في تقديم الدعم لـ حزب الله بسبب وجود شبكة من العملاء داخل صفوفه، مما ساعد إسرائيل على تنفيذ عمليات استباقية، بما في ذلك اغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر، مشيراً إلى أن طهران في وضع معقد وتواجه تحديات متزايدة في دعم حزب الله، وحتى حركة حماس قد تكون الطرف الخاسر، بخاصة أنها لم تتلقَّ أي دعم عسكري من إيران منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر واقتصرت المساعدة على الدعم اللفظي واللوجستي، وأن الأجتياح البري قد يكون مكلفاً للغاية، خاصة وأن حزب الله يمتلك شبكة دفاعية معقدة بالأنفاق تحت الأرض، يبقى من المرجح أن تركز إسرائيل على الضربات الجوية لتقليل قوة الحزب، وكانت قد تصاعدت المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل بصورة لافتة، لا سيما بعد التفجيرات ألتي طالت الأجهزة وشبكة الإتصالات اللاسلكية العسكرية ألتي يدير الحزب من خلالها نشاطه العسكري، مما أثار مخاوف من إحتمال إندلاع حرب شاملة، وتشهد الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية حشوداً عسكرية غير مسبوقة، كان آخرها نقل الفرقة 98 ألتى تشمل وحدات المظليين والقوات الخاصة من الجبهة الجنوبية إلى الشمال في إطار إستعدادات متزايدة لمواجهة حزب الله، بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن حرب برية على لبنان لتغيير الوضع في الشمال وإعادة المستوطنين النازحين من المستعمرات الذين يفوق عددهم 80 ألفاً، على رغم التحذيرات الإقليمية والدولية من إنفجار الموقف وخروجه عن السيطرة، وما يزيد من إحتماليات الحرب، تطابق المواقف بين المستويين العسكري والسياسي في هذا الإتجاه للمرة الأولى منذ هجوم السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، إذ أكد رئيس الحكومة النتن ياهو أنه أعطى الجيش أوامر للاستعداد لتغيير الوضع في الشمال، بينما قال وزير الحرب يوآف غالانت إن الجيش بدأ نقل ثقله نحو الشمال، مع إقتراب تحقيق الأهداف في الجنوب، في حين يؤكد قائد المنطقة الشمالية أن القوات على أتم الأستعداد لأي مهمة قد تطلب منها، والأخطر في الأمر هو أن حزب الله والحكومة اللبنانية سيتحملان المسؤولية عن أي هجمات من لبنان،مما يعني أن لبنان الرسمي بات أيضاً تحت وقع التهديدات الإسرائيلية، وبذلك تنضم الفرقة 98 ألتي تشمل كتيبة الدبابات السابعة وكتيبة مظليين وكتيبة كوماندوس، إلى ألوية أخرى ضمن لواء الشمال، لا سيما لواءي 179 و769، بعد إستكمالهما التدريبات تحضيراً لأي سيناريو في الجبهة الشمالية وألتي شملت محاكاة للحرب البرية وإجلاء الجرحى من ساحة المعركة تحت النيران وتنسيق عمليات القيادة لحماية المنطقة الشمالية، لتضاف إلى فرقة 36 ألتى تقاتل على الجبهة الشمالية منذ أشهر عدة، مما يعني أن معظم القوة النظامية للجيش الإسرائيلي ستشارك في القتال على الجبهة الشمالية، ووفق تقارير إسرائيلية، فإن القيادة الشمالية في الجيش قدمت خططاً عملياتية لرئيس الأركان هرتسي هليفي، بما في ذلك توغل بري محتمل في لبنان إذا تصاعدت الحرب، وتشمل أيضاً إنشاء منطقة عازلة أمنية عبر الحدود لتحييد تهديد حزب الله للمستوطنات، وكان الجيش الإسرائيلي أعلن قبل أشهر عن تشكيل لواء عسكري جديد بأسم ههاريم طبعا لواء الجبال برئاسة العقيد ليرون أبلمان، يتبع للقيادة الشمالية في الجيش، ليكون متخصصاً في خوض القتال الجبلي وسط التضاريس الصعبة والمناطق الجبلية مع لبنان وسوريا، وسيتركز جل النشاط والعمل العسكري في مناطق جبل الشيخ وجبل الروس دوف ومزارع شبعا المحتلة، وتشمل القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي ثلاث وحدات عسكرية أو فيالق، تتولى مهمة الإشراف على أمن الحدود الشمالية مع لبنان والجليل الأعلى والجولان ومنطقة خط وقف إطلاق النار مع سوريا، وتتألف كل منها من أثنتين إلى خمس فرق ويبلغ عدد أفرادها من الجنود والمقاتلين ما بين 20 ألفاً و45 ألف جندي، ويقود الفيلق ضابط برتبة لواء، حيث يسمى اللواء 300، وتشكل في بداية عام 1974 ويعتبر وحدة وتشكيلة عسكرية في منطقة أصبع الجليل، وشارك في الحرب الأولى على لبنان، وكان أبرز نشاط له عملية الليطاني عام 1978، إذ شارك الفيلق للمرة الأولى في حرب شاملة وعملية عسكرية من أجل إحتلال الأراضي اللبنانية وإقامة المنطقة الأمنية العازلة في الجنوب اللبناني، وكان الحضور الأبرز للفيلق في حرب لبنان الثانية عام 2006، وكذلك في التصعيد الحالي المتواصل على الحدود الشمالية مع ” حزب الله ” عقب هجوم السابع من تشرين أول/أكتوبر.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.