الطريق إلى الحل السياسي يبدأ في الحوار والإصلاح والإستقرار في ليبيا الشقيقة

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات ….. 

إن المرحلة الحرجة ألتي تعيشها ليبيا الشقيقة ألذي أتمنى زيارتها لولا تعقيدات التأشيرات بين البلدين الشقيقين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة ليبيا تتطلب تشكل الإطار التأسيسي للدستور الصحيح للدولة الديموقراطية ألتي تستوعب كامل الأطراف وتضمن لها حرية التنظيم والتفكير والتعبير وحرية الرأي والتنافس السياسي مادامت الديموقراطية تتسع لكافة الأطراف دون إقصاء إلا ألتي تقصي نفسها برفض الآخرين ورفض حقهم في الوجود، وهذا ما يتطلب في هذه المرحلة التعاون بين كل مكونات الشعب في ليبيا الشقيقة ومن أجل تحرير التجربة الديمقراطية فيها من إحلال القوانين الشاذة، وهذا لكي يُرأب الصدع وتنطلق القوى الليبية بلا غل في القلب ولا إجحاف في الحقوق، وإقامة حوار إجتماعي شامل من أجل بلورة مشروع تاريخي مشترك يحظى بقبول عام، ويتحدد وفقاً للحوار ويتجدد وفقا للمتغيرات، وهذا لتقييم تجربة العمل السياسي في ظل حوار شامل ومعمّق يغطي جميع جوانب الأزمة ألتى تعيشها ليبيا الشقيقة بهدف الوصول إلى أمثل الأساليب لممارسة ما يتفق مع واقع البلاد والمصلحة العليا لها في ظل شفافية تامة وديموقراطية حقيقية وهذا للدفع بكل الطاقات الخلاقة لدى المواطنين للتفاعل والمساهمة في تحقيق التنمية الشاملة واستعادة المكانة التاريخية لها أرضا وشعبا وهذا يتطلب :
الشعور بالإقتدار السياسي : الذي هو حالة ذهنية يشعر فيها المواطن الليبي أنه يملك القدرة على فهم مواطن الصواب في النظام الإجتماعي الليبي العام، فيؤازرها ويسعى إلى تثبيتها وفهم مواطن الخلل والإعوجاج، فيسعى إلى التنديد بها وكشف عواقبها السلبية على المواطن والوطن، وهذا حقه، ثم يبدي رأيه الصائب دون خوف من لوم أو عقاب، وحتى يكون لهذا الشعور أثره الفاعل، لا بد أن يشكل ظاهرة عامة، حيث يشعر كل النخب وأغلبية رجال السياسة أنهم بأستطاعتهم التأثير في مجريات النظام الإجتماعي العام بالوسائل السياسية والدستورية السلمية سواء من خلال إبداء الرأي في مختلف القضايا ألتي تواجه المجتمع الليبي أو من خلال توجيه النقد البناء إلى من يملكون القرار عندما يخطئون في القول والممارسة، وهذا ما يستلزم أمرين إثنين :
الأول : أن يكون النظام السياسي مرنا وسلساً في تقبّل الرأي الآخر.
الثاني : أن يقنع الفرد بأن رؤاه النقدية سوف تعيها آذان صاغية وواعية، وأن لها قيمة يمكن أن ينصت إليها، وهذا ما سوف أشير إليه.
الإستعداد للمشاركة السياسية : إذا أنس المواطن الليبي من نفسه قوة وقدرة من الناحية الشعورية، فعليه أن يعي بأن ممارسة الحرية السياسية بالطرق السلمية ممارسة فعلية تقتضي أن يمد يده إلى غيره من أفراد المجتمع الليبي، وأعني به رجالات السياسة، بغية المشاركة في صياغة السياسات والقرارات الهامة للبلاد، ومعلوم أن المشاركة السياسية تندرج، فتبدأ من حق الفرد في التصويت وتمر بالمشاركة في المناقشات السياسية وتقديم الشكاوى والأقتراحات واكتساب عضوية التنظيمات الشعبية والترشيح للمناصب العامة وتنتهي بالوجود الفعلي إلى بنية السلطة، كما أن الممارسة السياسية البناءة تتطلب إقتناعا بضرورة وجدوى المشاركة في العمل السياسي، حيث ترقى هذه الأخيرة إلى مرتبة الإلتزام والواجب، وأن تكون هذه المشاركة بوعي وإيجابية، وهذا معناه أن الذين يمارسون السياسة يتمتعون بقدر لا بأس به من الثقافة، لأن الحرية السياسية لا يمكن أن تؤتي ثمارها كاملة إن لم يكن رجال السياسة قد وصلوا إلى مرحلة معينة من الثقافة، ومما لا شك فيه أن وصول الشرائح الإجتماعية في ليبيا الشقيقة إلى ذلك القدر من الثقافة يؤهلها للأستعداد للمشاركة السياسية مشاركة فعلية لا تأتي من فراغ، بل مرتبطة بالقدر الذي تقطعه في ميدان التقدم الإقتصادي والاجتماعي، يجر الإنسان في ليبيا الشقيقة إلى العمل المتواصل والإنشغال المستمر لما يؤدي إليه من تغيير ظروف العمل وتقليل ساعاته، وهو بهذا يسمح بفترات من الفراغ يمكن إستغلالها في التعليم وأكتساب الثقافة وهذه الوسائل تضع في متناول الجميع إمكانيات واسعة لأكتساب المعلومات، لأنه لا يمكن لهم أن يحققوا شيئا مما يطمحون إليه إذا لم يحرزوا بعد على قسط من النضج السياسي ومن روح الجماعة ومن الوعي السياسي ومن الإحساس بشعور التضامن الإجتماعي.
التسامح الفكري المتبادل : وأقصد به كمحامي دولي أن يكون النظام مرنا سلساً يستوعب كافة شرائح المجتمع الليبي، حيث يسمح لكافة التوجيهات السياسية أن تعبّر عن نفسها من خلال قنوات مشروعة على المستوى الرسمي والشعبي، ولا يكفي أن يؤطر ذلك التسامح الفكري بأطر قانونية فقط بل لا بد أن يتوافر الإقتناع بجدوى ذلك التسامح الفكري في نفس الشرائح الإجتماعية أيا كان موقعها في ساحة المعارضة أو العكس، وبعبارة أخرى، يجب أن يسود إقتناع عام لدى الحاكم والمحكوم بأن الإختلاف والأجتهاد في متغيرات الحياة ظاهرة صحية ومطلوبة طالما تمت في إطار الثوابت الليبية ألتى يقوم عليها النظام الإجتماعي العام الذي يقف عند حدوده الجميع في ليبيا الشقيقة،
توفر روح المبادرة : مما لا ريب فيه أن شعور الأغلبية بأهمية المبادرة الفردية في الحفاظ على سلامة التوجه السياسي كوسيلة إجتماعية لتنظيم أمور الجماعة، فينبغي على كل مواطن في المجتمع الليبي أن يشعر شعوراً إيجابياً تجاه الدولة ألتى تحكمه، حيث لا ينتظر قضاء الأمور إلى الأسفل، فتكون نظرته إلى الدولة نظرة أبوية، حيث تتكفل من المهد إلى اللحد، فيكون كالطفل المدلل الذي يمد يده للأخذ ويثنيها في العطاء، فمثل هذا السلوك يؤدي إلى تردي الأوضاع في مختلف جوانب الحياة بما في ذلك الجانب السياسي.
إحترام المبادئ قبل الأشخاص : من العوامل المساعدة على إثبات الحرية السياسية وأزدهارها توفر القناعة لدى الأفراد بأن السلطة السياسية مودعة في المؤسسات، فهي مقرها ومستودعها، وأن هذه المؤسسات تقوم على فلسفة سياسية تعبّر عن الضمير السياسي للجماعة، وبالتالي فإن شخص الحاكم أيا كان موقعه ليس بالأمر المقدس المنزه عن الخطأ بل هو شخص يحظى بالإحترام بقدر وفائه وعدم وفائه للمبدأ الذي كلف بالمحافظة عليه.
الثقة السياسية المتبادلة : وهي من العناصر الهامة للوعي السياسي الرشيد والمؤثر، حيث يوفر الشعور بالثقة المتبادلة بين الحاكم والمحكوم من جهة، وبين المؤسسات السياسية والدستورية الحاكمة وبعضها ببعض من جهة أخرى، إذ بغير هذا الشعور تنتاب المجتمع حالة من الفريدية العارمة ألتى يصعب معها وجود مناخ صحي للتنافس السياسي الذي يمثل جوهر العمليات السياسية والدستورية، إذ لا يتصور أن تنمو الحرية السياسية وتتكرس ما لم تكن ثقة متبادلة بين أفراد المجتمع الليبي بشكل عام وعلى الليبيين جميعأ أن يدركوا بأن هذه المرحلة الصعبة ألتي تعيشها ليبيا الشقيقة، يجب أن تكون محركا أساسياً يهز أعماق الشعوب العربية قاطبة ويفخر في هذه الشعوب ينابيع النشاط والحيوية والحماس لمصالحة وطنية حقيقية في كل بلد عربي بين أبنائه.
حمى الله ليبيا الشقيقة وشعبها العظيم وأتمنى أن يكون مقالي القادم من على أرض ليبيا الشقيقة.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.