فادي السمردلي يكتب :كفاكم عبثًا ..

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

 

إن المنظومة السياسية بشكل عام اصبحت تعاني من،العبثية والارتجال في اتخاذ القرارات، من بعض القيادات مما أدى إلى تفاقم الأزمات المتراكمة على كافة الأصعدة وفي ظل هذا الواقع المرير، يبدو أن ما نحتاجة اليوم ليس مزيدًا من النخب السياسية التقليدية التي أثبتت فشلها مرارًا وتكرارًا، بل الحاجة الماسة إلى إفساح المجال أمام الكفاءات والخبرات الحقيقية لقيادة المرحلة المقبلة فهذه الكفاءات التي تمثل الأمل الحقيقي للنهوض بالمجتمع والتغلب على التحديات التي تواجهه، لا تزال تُحارب وتُهمّش من قبل أولئك الذين يرون في السلطة وسيلة لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة، على حساب مصلحة الوطن والمواطن.

السياسيون الذين يقفون على رأس هذه المنظومة لا يزالون يتعاملون مع شؤون البلاد من منظور المصلحة الفردية أو الحزبية، دون اعتبار للكفاءة أو الجدارة. فهم يسعون للبقاء في مواقعهم بشتى الطرق، حتى لو كان ذلك على حساب تعطيل عجلة التحديث وتجاهل الأزمات المتفاقم فهم يعانون من انفصال كامل عن نبض الشارع، ولا يدركون حقيقة معاناة المواطنين الذين تزداد حياتهم صعوبة يومًا بعد يوم، بسبب القرارات السياسية الفاشلة أو المؤجلة أو المترددة.
إن القيادة السياسية الحكيمة تحتاج إلى رجال ونساء يمتلكون المعرفة العميقة، والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب، وإلى أشخاص يفكرون بمستقبل الأجيال القادمة وليس فقط بمستقبلهم السياسي القصير المدى.

من هنا، تأتي أهمية إتاحة الفرصة للكفاءات لتولي دفة القيادة، فهي وحدها القادرة على تقديم الحلول الناجعة وإعادة ترتيب الأولويات بما يخدم مصلحة الدولة والمجتمع.
إن الدول والهيئات التي تنجح في الخروج من أزماتها هي تلك التي تُدرك قيمة العقول النابغة وتمنحها الثقة والصلاحيات الكاملة للعمل فهذه العقول قادرة على وضع استراتيجيات بعيدة المدى، تتسم بالمرونة والواقعية، وتقوم على أسس علمية وخبرات عملية تراكمت على مدى سنوات من العمل الجاد ولكن، مع الأسف، نرى أن هذه الكفاءات تُحارب بشكل ممنهج، إما من خلال التهميش المباشر، أو بإقصائها عن مواقع التأثير الحقيقية، أو حتى بتعطيل مسار عملها عبر وضع العراقيل البيروقراطية أمامها فهذا الإحباط المتعمد يؤدي إلى هجرة الأدمغة، أو انسحاب الكفاءات من الحياة السياسية والعامة، مما يحرم الوطن من أهم مواردها البشرية.

إن التمسك بالنخب السياسية القديمة ومحاربة التغيير يمثل خيانة كبيرة للآمال والطموحات الشعبية فالشعوب تحتاج إلى قادة يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، ويسعون جاهدين لحل الأزمات بطرق مبتكرة وفعالة فإذا استمر تجاهل الكفاءات، فإن الأزمات ستزداد عمقًا، وستتفاقم الانقسامات لا يمكن لأية منظمة أن تنهض إلا إذا كانت قادرة على تسخير طاقات أبنائها بالشكل الأمثل، وهذه الطاقات لن تظهر وتبرز إلا إذا أُعطيت الفرصة للكفاءات لتقود وتبدع.

من الضروري اليوم أن ندرك أن تغيير هذه المنظومة لا يقتصر على تغيير الأشخاص في مواقع القيادة فحسب، بل يتطلب تغييرا شاملا في العقلية السائدة وفي آلية اتخاذ القرار السياسي ويجب أن نبتعد عن منطق الإقصاء والتهميش، وأن نحتضن ثقافة التعاون والبناء الجماعي، حيث يتمكن الجميع من المشاركة في صنع القرار وفقًا لمؤهلاتهم وقدراتهم، لا بناءً على الولاءات الضيقة فمن يرغب ببناء مستقبل مستدام يحتاج إلى كفاءات لديهم رؤى واضحة، ولكن قبل ذلك تحتاج إلى إيمان حقيقي بأهمية العلم والكفاءة.

في النهاية، إذا استمر هذا العبث في المنظومة السياسية، وإذا استمر تهميش الكفاءات وإحباطها، فإن المستقبل لن يكون مبشرًا فمن يدرك قيمة المعرفة والعقول المبدعة سيتقدم، بينما التي يحكمها المصالح الذاتية ستبقى أسيرة للجمود والانهيار. ويجب أن ندرك جميعًا أن الكفاءات ليست مجرد أفراد يمتلكون الشهادات العليا، بل هم قادة حقيقيون يحملون رؤية ويمتلكون القدرة على إدارة التغيير، ومن واجب الجميع أن يدعمهم، لا أن يحبطهم أو يقصيهم فكفاكم عبثًا، دعوا الكفاءات تقود، فالوطن يحتاج إلى جهودهم أكثر من أي وقت مضى.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.