رسالة دولة الرئيس تكفي وكفى تمردا على الدولة

بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.……..

 

كلنا يعرف قصة معركة مؤتة التي سيّر جيشها رسولنا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما حدث فيها عندما انسحب سيدنا خالد بن الوليد بباقي الجيش كونه رأى بأن بقاء الجيش بالمعركة يعني هلاكه ،فدبر خطة الإنسحاب على الرغم من استشهاد صاحبا رسول الله زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة وابن عم الرسول وحبيبه جعفر بن أبي طالب ، وكلنا يعرف ان هذا العمل خلق نوع من الاختلاف بالمواقف والأراء في المدينة المنورة عند صحابة رسول الله ، فمنهم من بارك خطة إنسحاب خالد ومنهم من أتهم خالد بالجبن ووصفه بالفار والمُدبِر من أرض المعركة ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم حسم الجدل وبارك خطة خالد وقال عنهم بأنهم الكرار وليسوا الفُرار . ولنا من هذه القصة العِبر الكثيرة في أن الهلاك ليس من الجهاد وأن في التجهيز والإعداد للعدة من سلاح ومعلومات وموافقة ولي الأمر شروطا مهمة جدا جدا ليتحقق فرض الجهاد في سبيل الله .
وهنا انا أقول لو ان إخوتنا المجاهدين في غزة وفلسطين قد سقطوا في أول أسبوع او أول شهر لكنا قد غيرنا نظرتنا فيهم وقلنا أنهم لم يحسبوا حسبتهم وأنهم خسروا المعركة وجلبوا الدمار لغزة ، ولكن ما يجعلنا نقف معهم وندعمهم هو أنهم كانوا قد أعدوا عدتهم ووضعوا خططهم ونفذوا عملياته بموافقة قيادتهم التي اوجعوا فيها العدو الصهيوني أشد الوجع والألم واعادوا القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية وكشفوا للعالم حقيقة دولة الإحتلال وجيشها القذر على الرغم من الخسائر البشرية والمادية في صفوف أهلنا من المجاهدين والمدنيين من نساء وأطفال ومدن وقرى ومخيمات .

لقد استمعنا إلى كلام دولة الرئيس في جلسة مجلس الوزراء عندما وجه رسالة بعد حادثة الشهداء إلى الذين تبنوا من غُرِر بهم من الشباب الأردني وذهبوا ليقوموا بعملية إنتحارية محسومة نتيجتها بأنهم سوف يموتون قبل أن يصلوا إلى أي جندي أو مستوطنا محتلا لأرضنا ،كما أن عمليتهم هذه لم تحدث أي أثرا سلبيا في صفوف العدو الصهيوني بل بالعكس قوة عزيمتهم واحرجت قيادتنا وزادت من قوة الرواية الإسرائيلية بأنهم ضحايا بالشرق الأوسط .
حقيقة كنت أتمنى على دولة الرئيس ان يكون واضحا باتهامه وتحذيره إلى حزب جماعة الإخوان المسلمين في الأردن الذين أعلنوا فور تنفيذ الشباب عمليتهم على أحد المواقع الإخبارية تبنيهم لهذا العمل ثم عادوا وسحبوا حضانتهم لهذا العمل الإنتحاري .
وكنت أتمنى على حزب جماعة الإخوان المسلمين بعد سحب رعايتهم وتبنيهم لهذه العملية أن يعلنوا بأنهم لا يشجعون مثل هكذا عمليات تخدم العدو ولا تخدم القضية الفلسطينية والمقاومين والدولة الأردنية.
وهنا أود أرد على تساؤل إن تم توجيهه لي عن الفرق بين هذه العملية التي قام بها الشابان الأردنيان ابوغزالة وصديقه وعن العملية التي قام بها الشهيد ماهر الجازي فإنني أقول لهم بأن الفرق بينهما كبير ولا يوجد مقارنة ، لأن الشهيد ماهر سائق شاحنة يدخل إلى الأراضي المحتلة مما يجعله يعرف كيف ينفذ ما خطط له ويستطيع أن ينجز عمله ويوجعهم في وكرهم وهذا ما حدث بعملية الشهيد الجازي ، أما بالنسبة إلى الشهيدان الذان قاما بعملية التسلل فإن نسبة نجاح تسللهما مع وجود التقنيات الإلكترونية والدوريات الراجلة من الجهتين لا تتجاوز 0% وذلك ما حدث ، حيث تم كشفهما ورصدهما وقتلهما فور دخولهما .
ولهذا فإن الشباب الأردني الذي يغلي مما يحدث لأهلنا في فلسطين من جرائم بشعة من قبل جيش محتل قذر بكل معنى الكلمة ، هؤلاء الشباب بحاجة إلى توجيه وإرشاد ليعرفوا ان هناك فرق بين الجهاد في سبيل الله وشروطه وبين الانتحار الذي لا يؤدي إلى أي نتائج إيجابية وإنما يظهر قوة العدو وتمكنه من السيطرة على الحدود وقتل كل إنسان يدخل إليهم بغير رضاهم.
لقد تابعنا ردود وتعليقات وسائل الإعلام والسوشال ميديا حول هذا الحدث، فكنت أعذُر من لا يعرف بما يهرف ولكنني تعجبت ممن كانوا في مواقع حساسة بالدولة ويعرفون حساسية الموقف ونتائجه ولكنهم قاموا بمباركة هذا العمل الإنتحاري وتشجيع الشباب الأردني على مثل هكذا عمليات .
وأخيرا أتمنى أن يكون هناك تبيان من الإعلام الرسمي والمؤسسة الدينية ومن الوجهاء والمؤثرين شعبيا وعشائريا للفرق بين الجهاد في سبيل الله وشروطه وبين الذهاب إلى التهلكة والموت دون الحصول على نتائج مفيدة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.