**فادي السمردلي يكتب: صطيف من مسلسل باب الحارة الى… **

بقلم: *فادي زواد السمردلي* ….. 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

تمثل شخصية “صطيف” في مسلسل “باب الحارة” نموذجًا للشخصية المزدوجة والمتخفية بالخداع وفي البداية، يظهر صطيف كشخص وديع يدّعي فقدان رجله أثناء دفاعه عن الحارة، مما يكسبه تعاطف أهلها وثقتهم ولكن مع تطور الأحداث، ينكشف أنه جاسوس يعمل لصالح الاحتلال الفرنسي، مما يجعله شخصية مكروهة لدى أهل الحارة وهذه الازدواجية تجسد كيف أن العدو قد لا يكون بالضرورة ظاهراً، بل قد يتسلل إلى قلب المجتمع متنكراً كأحد أفراده.

تُظهر هذه الشخصية كيف أن القوى المتنفذة، سواء كانت قادة منظمات او هيئات سياسية او اقتصادية او دولاً استعمارية أو جهات خارجية، لا تعتمد فقط على القوة العسكرية المباشرة، بل تلجأ إلى وسائل أكثر خبثًا كاستخدام أفراد من داخل المجتمع نفسه. مثل “صطيف”، الذي يظهر في البداية بمظهر الضحية والمدافع عن المجتمع، لكن في الواقع يسعى لتدميره من الداخل وهذا الخداع يعتمد على استغلال مشاعر الانتماء والثقة التي تعتبر أساسية للحفاظ على تماسك المجتمعات أو المنظمات.

في المسلسل، يتضح أن “صطيف” كان ينقل معلومات حساسة عن الحارة لأسياده المستعمرين الفرنسيين، مما منحهم قدرة على التدخل والسيطرة ورغم أن الاستعمار الفرنسي لم يعتمد دائمًا على القوة المباشرة، إلا أنه استخدم عملاء مثل صطيف لتحقيق مصالحه فهؤلاء العملاء، الذين يظهرون بمظهر المدافع عن المجتمع، او المنظومة يمكنهم أن يوقعوا به أضرارًا جسيمة بمجرد أن تُكشف حقيقتهم.

خيانة “صطيف” تمثل خطر الخيانة الداخلية، حيث يصبح العدو أكثر تهديدًا عندما يكون واحدًا من الداخل فالثقة التي منحت له من أهل الحارة جعلت الخيانة أكثر إيلامًا وأضرارها أكبر فمثل هذه الشخصيات تمثل أدوات ذكية لكنها خبيثة في يد القوى المستفيدة وتستخدم لتفتيت المجتمعات من الداخل.

ما حدث في مسلسل “باب الحارة” هو تحذير دائم للهيئات والمنظمات من خطر العملاء المتخفين، الذين يظهرون بمظهر الأصدقاء المخلصين لكنهم في الواقع يخدمون أجنداتهم الشخصية ومطامع كراسيهم السياسية او الاجتماعية تهدف إلى زعزعة الاستقرار فالاستعمار الفرنسي، باستخدامه لشخصيات مثل “صطيف”، كشف عن استراتيجيته في اختراق المجتمعات من الداخل، مستغلًا الخداع والتضليل لتحقيق أهدافه بعيدة المدى.

في النهاية، وكما يؤكد التاريخ، فإن الاحتلال إلى زوال مهما طال الزمن، والحق سيظهر، والخيانة ستنكشف، وسينهار المستعمر أمام إرادة المجتمعات الحرة..ولكن الاشد ايلاما طعنة القريب وليس الغريب