كيبيك الكندية تتيح لسكانها طلب القتل الرحيم قبل تدهور حالاتهم

شبكة الشرق الأوسط نيوز : ينتاب ساندرا ديمونتيني (45 سنة) المتحدرة من كيبيك والتي تعاني من الزهايمر في مرحلة مبكرة شعور بـ”الراحة”، إذ بات بإمكانها تقديم “طلب مسبق” للحصول على مساعدة طبية على الموت قبل أن يفتك المرض بها.

عززت السلطات في كيبيك خلال هذا الأسبوع إمكانية اعتماد القتل الرحيم للأشخاص الذين يعانون من أمراض التنكس العصبي، إذ بات بإمكانهم ملء نموذج يشبه الوصية، تحسبا للحظة التي سيكونون فيها عاجزين عن الموافقة على الرعاية.

وتقول هذه الأم: “أشعر أخيرا أنّ بإمكاني السيطرة على ما تبقى من حياتي”.

والقتل الرحيم مُجاز في كيبيك منذ عام 2015، وستنضم المقاطعة من دون انتظار بقية المقاطعات الكندية، إلى لائحة تضم مناطق نادرة في العالم تُعدّ فيها الطلبات المسبقة على القتل الرحيم قانونية، وهي هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وكولومبيا.

وتقول ديمونتيني التي لا تزال متأثرة بشكل كبير بما واجهه والدها الذي يعاني أيضا من مرض الزهايمر إنّ “حالتي تتدهور” و”سأظل محاصرة في جسدي لسنوات”.

قبل أن يموت والدها عن 53 عاما، كان “يتحدث إلى نفسه في المرآة” معتقدا أنه شخص آخر، ويمشي “على أطرافه الأربعة ويضرب رأسه بالحائط”، على حد قولها.

ولم تتصّور مطلقا أن تواجه بدورها ما وصفته بـ”الوضع البشع”. لذا كافحت لسنوات من أجل أن تصبح الطلبات المسبقة على القتل الرحيم مسموحة.

معايير صارمة جدا

قبل اعتماد هذه الخطوة، كانت كيبيك أساسا المنطقة التي تتمتع بأعلى نسبة من الوفيات المنسوبة إلى القتل الرحيم في العالم، إذ لجأ إلى هذا الإجراء 5686 شخصا في عام 2023، وهو ما يمثل 7,3% من الوفيات في المقاطعة.

وأغلب هؤلاء كانوا يبلغون 70 عاما أو أكثر ومصابين بالسرطان، وكان تشخيصهم يشير إلى أنّ ما تبقى لهم هو عام واحد أو أقل.

تؤكد الأستاذة في كلية الطب التابعة لجامعة مونتريال ماري إيف بوتييه، أن “القبول الاجتماعي قوي جدا، لذا هناك توقعات قوية”، مضيفة أن “عددا كبيرا من الأشخاص سيرغبون في تقديم طلبات” لكنّ المعايير “صارمة جدا”.

وسيتعين على طبيبين متخصصين أو ممرضين ممارسين تقييم ما إذا كان المريض يشعر “بمعاناة جسدية أو نفسية مستمرة لا تُحتمل” ولا يمكن تخفيفها، على النحو المنصوص عليه في قانون كيبيك.

وينبغي على المريض أيضا أن يشرح بوضوح ما هي “المظاهر السريرية” التي يعتبرها غير محتملة كعدم التعرف على أطفاله أو التبوّل اللاإرادي، والتي تحدد متى سيُنفَّذ في حقه الموت الرحيم.

صعبة لبعض الأطباء

إذا كانت المساعدة الطبية على الموت موضع إجماع واسع في المقاطعة الكندية الناطقة بالفرنسية، فالطلبات المسبقة مرحب بها لكن مع تحفظات من بعض الأطباء.

يقول الطبيب والعضو في لجنة الرعاية الخاصة بنهاية الحياة في كيبيك دافيد لوسييه إنّ “الأمر الأكثر صعوبة سيكون تنفيذ القتل الرحيم لشخص لا يتذكر أنه طلب هذا الإجراء”.

إذا قام المريض “بحركة تعبّر عن رفضه”، فعلى الطبيب إلغاء الإجراء. ويضيف: “أما إذا قاوم المريض، وهو أمر شائع لدى المصابين بالزهايمر”، فيمكن اعتماد الإجراء، وهو ما سيثير أسئلة أخلاقية لدى المتخصصين الطبيين.

يخشى كلود ريفار الذي نفذ القتل الرحيم على مئات الحالات على مدى السنوات العشر الفائتة، من أن يكون تقييد المريض ضروريا للتمكّن من حقنه عن طريق الوريد.

ويضيف أنّ “أفراد العائلة قد يعتبرون ذلك بمثابة إعدام”، وهذا وضع “مختلف تماما” عن الحالة التي يقول فيها المريض “نعم أريد ذلك” ويمد ذراعه لحقنه.

ويرى الطبيب لوران بوافير الذي ينفّذ القتل الرحيم منذ عام 2015، أنّ هذه المخاوف “افتراضية”، معتبرا أن “لا مشكلة” في الخطوة الجديدة المتمثلة بالطلبات المسبقة.

ويقول: “سأستجيب لرغبة الشخص المؤهل لذلك والذي كانت لديه حياة يعتبرها كريمة، وتغيّر كل شيء بالنسبة إليه”.

المصدر : (أ ف ب)

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.