معلقة أمريكية: منحت صوتي لهاريس وأهوال غزة تعذب ضميري وأعرف أنني على الجانب الخطأ من التاريخ

شبكة الشرق الأوسط نيوز : قالت المعلقة في صحيفة “نيويورك تايمز” ميغان ستاك إنها منحت صوتها للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وهي موقنة أن اختيارها لهاريس يضعها على الجانب الخطأ في التاريخ. وقالت إنها صوتت لهاريس “وفظائع غزة تثقل ضميري”.

ونظرا لمنافسة هاريس “فقد حسبت أن التصويت لها هو أقل شيء ضار يمكنني القيام به. لكن هذا لا يعني أنني أشعر بالارتياح حيال ذلك. لا أستطيع أن أتعاطف مع الديمقراطيين والليبراليين الذين يصفون التصويت لهاريس بأنه فعل فضيلة خالص. ولن أنسى أبدا أن إدارة بايدن، التي كانت هاريس في المرتبة الثانية فيها ووعدت بمواصلة سياساتها في الشرق الأوسط دون تغيير، تتحمل المسؤولية عن القتل الجماعي وتجويع المدنيين الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة”.

وقالت إن هجمات حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر كانت جريمة حرب شنيعة إلا أن العنف الوحشي الذي مارسته إسرائيل ضد رجال ونساء وأطفال غزة بعد ذلك لا مبرر له. و”نحن متواطئون: فقد مكن السلاح والمال الأمريكي والحماية السياسية من الولايات المتحدة، إسرائيل من مواصلة القتل”.

يتعين على الأمريكيين أن يدركوا أنه من الممكن تماما بل ومن المرجح، أن تصف كتب التاريخ التي سيقرأها أحفادنا الدور الذي لعبته إدارة بايدن في الإبادة الجماعية الفلسطينية

ويتعين على الأمريكيين، كما تقول أن يدركوا أنه من الممكن تماما بل ومن المرجح، وفقا للعديد من علماء القانون ــ أن تصف كتب التاريخ التي سيقرأها أحفادنا الدور الذي لعبته إدارة بايدن في الإبادة الجماعية الفلسطينية. وقد وجدت محكمة العدل الدولية بالفعل أن هذا التعريف لما تفعله إسرائيل في غزة “معقول”.

وقالت إن هذه ليست مشكلة سياسية عادية للضمير الأمريكي، وهذا ليس عن الخوف من تعيين القضاة أو الخلافات في السياسة والتعرفات الجمركية والتجارة. فـ “غزة هي أمر مختلف فهي وصمة عار ستظل لاصقة في بلدنا وللأبد”. وأشارت لما كتبه مايكل سفارد المحامي الإسرائيلي في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في الأسبوع الماضي: “سوف تضطر أجيال من الإسرائيليين للعيش مع ما فعلناه في غزة على مدى العام الماضي”. وقال إن “أجيالا من الإسرائيليين ستضطر لأن تشرح لأبنائها وأحفادها لماذا تصرفنا على هذا النحو. وسيضطر بعضهم إلى شرح السبب الذي جعلهم لا يعارضون القصف. وسيضطر بعضهم إلى شرح السبب الذي جعلهم لا يقومون بجهد كبير من أجل وقف هذا الرعب”.

وأضافت ستاك أن تحذيراته تنسحب على الأمريكيين. وقالت إنها تعلم بأنه لو فاز ترامب، فسيعنف الديمقراطيون واليساريون أنفسهم على حجر صوتهم عن هاريس بسبب اشمئزازهم وغضبهم من غزة وسيشعرون بالخزي واللوم على انتصاره. وعندما يتعرض الفلسطينيون للاضطهاد في الضفة الغربية أو غزة بينما يتجول آل ترامب في القدس ويقايضون حقوق الفلسطينيين السياسية الأساسية بصفقات عقارية، فإن هؤلاء الناخبين أنفسهم سوف يتعرضون للانتقاد من جديد.

ولكن ليس من غير المعقول، بل من الواضح، أن نعتبر التصويت لهاريس بمثابة تأييد للعنف المروع في غزة، بقدر ما هو موقف ضد ترامب.

وقالت إن الناخبين يواجهون هاتين المشكلتين على التوالي وكذا بعلاقة كل واحدة مع الأخرى. ولن يكون التصدي للمعضلة سهلا لكل واحد ويجب ألا تكون. وتقول إن مشكلة الخيار الفردي ضمن نظام خبيث هي قديمة قدم المجتمع المنظم. فاختيار الضمير بدلا مما هو مناسب أو مريح يشكل جوهر القصص التي يرويها الأمريكيون عن أنفسهم. فقد تعلموا في المناخ الديني وكذا في المناخ الاجتماعي أنه يتعين عليهم الرفض، مهما كان هذا الرفض غير مريح، بدلا من الموافقة على شيء يعرفون أنه خطأ.

فالبشر هم أنبل، بل وأكثر إنسانية عندما يؤكدون على الأخلاق الفردية ضد شرور نظام غير شخصي. وكتب مارتن لوثر: “ليس من الآمن ولا من الصواب أن نعارض الضمير. وأنا أقف هنا. ولا أستطيع أن أفعل غير ذلك”. وبعد عدة قرون، نظر أحد رجال الدين الألمان يحمل نفس الاسم، إلى الولايات المتحدة الأمريكية المضطربة وأمسك بهذا الخيط من التفكير حيث قال: “سيأتي زمن يتعين فيه على المرء أن يأخذ موقفا لا هو آمن ولا سياسي أو شعبي، ولكنه عليه أن يتخذه لأن ضميره يخبره أنه صحيح”، كما قال مارتن لوثر جي أر.

وفي مقابلة مع ناخبة في الشارع حظيت بمشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي، أخبرت المراسل دون ليمون أنها صوتت مبكرا لصالح جيل ستاين. فصاح: “هل أنت جادة؟”، مضيفا أنها ستساعد في انتخاب ترامب. فردت عليه: “أنا لا أصوت للإبادة الجماعية” و”متى يحين الوقت ونقول كفى؟ ما هو خطك الأحمر؟”.

ورد ليمون بإلقاء محاضرة متعالية عليها قارن فيها موقفها السياسي بالنقل العام. وفي هذا المجاز، قال إن المرأة تريد سيارة ليموزين تقلها من باب بيتها، ويجب عليها الصمت وركوب الحافلة.

والمشكلة في كلام ليمون أنه لم يتفاعل أبدا مع المعضلة التي طرحتها: متى نقول كفى؟ ما هو خطك الأحمر؟ وتقول ستاك إنها ترى هذا الكابوس الذي يمثله ترامب للكثير من الأمريكيين. ولهذا صوتت في النهاية لهاريس بسبب أحداث 6 كانون الثاني/يناير وبسبب حقوق المرأة ولأسباب عديدة. وفي الغالب لمعرفتها بأن الموت الجماعي للفلسطينيين في غزة والفشل في إيجاد حل سياسي سوف يتفاقمان على الأرجح تحت حكم ترامب.

وصفت الأمم المتحدة الوضع في شمال غزة بأنه “رهيب”، وحذرت من أن السكان بالكامل معرضون الآن “لخطر وشيك” بالموت

وماذا عن الكابوس الذي نعيشه بالفعل، والمستمر منذ قرابة 13 شهرا من الألم في غزة؟ وفي الأسبوع الماضي، وصفت الأمم المتحدة الوضع في شمال غزة بأنه “قيامي”، وحذرت من أن السكان بالكامل معرضون الآن “لخطر وشيك” بالموت.

ولم تفشل الولايات المتحدة، على مدى أشهر مروعة في استخدام نفوذها الكبير للضغط على إسرائيل للسماح بوصول المزيد من الغذاء إلى الفلسطينيين الجائعين فحسب، بل أوقفت أيضا تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أونروا التي تعد الموفر الأول للمساعدات الغذائية للفلسطينيين. كما وكشف عن أن إدارة بايدن تجاهلت أو تجاوزت تقييماتها الداخلية التي ترى ضرورة تعليق شحنات الأسلحة إلى إسرائيل بسبب انتهاكات القانون الإنساني الدولي في استخدامها.

وتختم بالقول: “علينا أن نكون سعيدين بالعيش في بلد يفحص فيه الناس علاقاتهم مع هذه الأحداث البعيدة. وتخيل لو لم يفكر أحد بأن مقتل 40,000 لا يستحقون التصويت الاحتجاجي أو عدم التصويت. وتخيل لو أدار كل الطلاب ظهورهم لصور الأطفال النازفين على تيك توك وعادوا لألعاب الفيديو، فربما لم يكن الجانب الصحيح من التاريخ على ورقة الاقتراع وربما علينا أن نستعد للعيش مع العواقب”.

المصدر : القدس العربي :

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.