*فادي السمردلي يكتب :هل أنا المقصود؟” حينما تُصبح الكتابة مرآه لهواجس الآخرين*
*بقلم فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
خلال الفترة الأخيرة، تلقيت سلسلة من الاستفسارات من جهات متعددة، سواء كانت جمعيات أهلية، أندية رياضية، ملتقيات ثقافية، منتديات حوارية، وحتى بعض الأحزاب السياسية وكان مضمون تلك الاستفسارات مشتركاً، إذ تساءل الجميع تقريباً عمّا إذا كنت أقصدهم بشكل مباشر او غير مباشر في مقالاتي، وهل هناك رسائل غير مباشرة موجهة إليهم تحديداً فهذا الأمر أثار استغرابي وفتح أمامي باباً واسعاً للتساؤل حول مدى تأثير الكتابة ومدى حساسية البعض تجاه النقد أو الآراء التي قد تمسّهم، حتى لو لم تكن موجهة لهم بشكل مباشر.
لقد كانت ردودي على هذا النوع من التساؤلات بوضوح فموقفي كان، ولا يزال، أن الكتابة ليست رسالة مغلقة أو تلميحاً خفياً يحمل إسقاطات على جهات بعينها فلقد أوضحت لكل من تواصل معي أنه إذا كانت هناك جوانب من مقالاتي تتطابق مع ما يمرون به أو تصف واقعهم، فكانت إجاباتهم لا فقلت لهم بشكل صريح: “إذا لم ينطبق عليكم ما أكتب، فلماذا تشعرون بالحاجة للتأكد؟” والمثير للسخرية أن ردودهم كانت متشابهة إلى حد كبير، إذ أجابوا جميعاً تقريباً بأنهم فقط يسألون بدافع “التأكد” وأنهم لا يرون في كلامي ما يخصهم فعلاً.
عند هذه النقطة، وجدت نفسي أمام تساؤل لا يمكن تجاهله لماذا يشعر هؤلاء بضرورة التأكد، مع أن ما أكتبه لا يحمل إشارة مباشرة لهم حسب زعمهم ، بل يناقش موضوعات عامة تُطرح حول قضايا أو ظواهر يمر بها المجتمع؟ هل هو نوع من الفضول لمعرفة نوايا الكاتب؟ أم هو خوف غير مبرر من النقد والمساءلة، حتى عندما يكون الحديث مجرد عرض عام للأفكار والتجارب؟ أحياناً، يبدو الأمر وكأن هناك شعوراً دفيناً لدى بعضهم بأنهم، بطريقة ما، معنيون بأي نقد، وكأنهم يرون في الكتابة مرآة قد تعكس أخطاء أو سلوكيات خاصة بهم دون قصد.
لعل هذا الشعور لدى بعض الجهات يشير إلى مشكلة أكبر في ثقافة التعامل مع النقد أو حتى مع الرأي العام فبعض الجهات والأفراد يميلون إلى تفسير أي كلام يصف الممارسات أو يشير إلى سلوكيات معينة على أنه اتهام مبطّن أو توجيه غير مباشر لهم، مع أنهم في الوقت ذاته ينفون أن ما يكتب يمسّهم بشكل مباشر وقد يكون هذا السلوك مرتبطاً بما هو أعمق، كالشعور بالتقصير أو التخوّف من نقد قد يفضح عيوباً خفية، مما يجعلهم يبحثون عن الاطمئنان الدائم حتى وإن لم يكن هناك داعٍ حقيقي للقلق وكأنهم، بهذا التصرف، يسعون إلى تهدئة ضمائرهم والتأكد من أن النقد لا يعنيهم، ولو كان بغير حق.
إن الكتابة، في حقيقتها، لا تضع أحداً في دائرة الاتهام إلا إذا اختار القارئ أن يرى نفسه في تلك الكلمات فالنصوص، مهما كانت قوية أو معبّرة، تبقى مجرد كلمات عامة يمكن أن يراها البعض على أنها نقد بناء، بينما يراها آخرون اتهاماً شخصياً، وذلك بناءً على مدى ثقتهم بأنفسهم ومدى استعدادهم لتقبّل النقد فمن وجد نفسه معنيّاً بما يُكتب، قد يعود السبب إلى حقيقة أنّه يشعر بوجود تشابه بين ما يصفه النص وبين ما يعيشه، بينما من لا يرى نفسه في الكلمات سيبقى بعيداً عن كل تلميح أو نقد مبطن.
في النهاية، أقول إن أي نص مكتوب ينطبق على من ينطبق عليه، والكتابة مرآة مفتوحة للجميع، تعكس من يجد نفسه فيها، وتترك من لا يشعر بأي صلة بما تحمله من رسائل وبالعامية (اللي على رأسه بطحة بحسس عليها)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.