*فادي السمردلي يكتب:جبهة العمل الإسلامي تخسر رئاسة البرلمان وتظفر بتأييد الشارع*

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في مشهد سياسي يعكس تعقيدات اللعبة الديمقراطية في الأردن، تعرضت جبهة العمل الإسلامي لهزيمة (إسقاط) في انتخابات رئاسة مجلس النواب، حيث فشل (إفشال) مرشحها النائب المخضرم صالح العرموطي في الوصول إلى منصب الرئاسة ورغم أن هذه الخسارة شكلت تراجعاً للجبهة على مستوى النفوذ البرلماني المباشر، إلا أنها في الوقت ذاته كشفت عن أبعاد جديدة في تفاعل الشارع مع هذا التيار السياسي الذي أثبت قدرته على التأثير فقد اتضح أن التكتلات التي تشكلت لإفشال العرموطي قد لا تكون الا محاولة مدروسة لعرقلة تقدم الجبهة وإبعادها عن مراكز القرار داخل المجلس.

تتميز جبهة العمل الإسلامي، وهي الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، بأنها واحدة من أكثر القوى السياسية تنظيماً وانضباطاً وهذا التنظيم أثار تخوفات متعددة لدى خصومها السياسيين، لا سيما وأن الجبهة تمتلك قاعدة شعبية واسعة وتاريخاً طويلاً في العمل البرلماني والسياسي وإن النائب صالح العرموطي، بصفته مرشحاً يمثل هذا التيار، يجسد صورة السياسي المتمرس الذي يحمل مشروعاً متماسكاً ورؤية ناضجة، ما يجعله خصماً صعباً لأي منافس ومع ذلك، فإن ما شهدته انتخابات رئاسة مجلس النواب لم يكن مجرد منافسة طبيعية على منصب قيادي، بل كان أقرب إلى حملة سياسية تستهدف منع العرموطي، ومن خلفه الجبهة، من الوصول إلى هذا المنصب.

التحالفات والائتلافات التي تكوّنت في هذه المعركة البرلمانية كشفت عن مشهد غريب قوى متناقضة ومختلفة أيديولوجياً وسياسياً توحدت فقط ضد مرشح جبهة العمل الإسلامي وبدا واضحاً أن الهدف الأساسي لهذه التحركات لم يكن تعزيز الديمقراطية أو اختيار الأفضل، بل إقصاء الجبهة بأي وسيلة وهذه الظاهرة، وإن حققت هدفها داخل المجلس، إلا أنها خلّفت أثراً عكسياً في الشارع الأردني الواعي لهذه التصرفات فقد بدأ المواطنون ينظرون إلى هذه التكتلات على أنها محاولة لإقصاء قوة منظمة وشعبية، وليس لمصلحة العمل البرلماني أو لتحقيق تقدم ديمقراطي حقيقي إن الرسالة التي وصلت إلى الشارع الأردني من هذه الأحداث هي أن جبهة العمل الإسلامي ليست مجرد تيار سياسي عابر، بل قوة لها وزنها وثقلها، ما دفع خصومها إلى تشكيل ائتلافات قوية لإبعادها عن مراكز النفوذ ورغم الهزيمة، فإن الجبهة خرجت من هذه الجولة وهي أكثر شعبية في عيون الناس فالشارع الأردني مدرك أن هذه التحركات لا تعكس ضعف الجبهة، بل على العكس، تعكس قوتها وخطورتها كتيار سياسي قادر على المنافسة والتأثير.

وربما كان الأثر الأبرز لهذه المعركة البرلمانية هو التأكيد على أهمية وجود تيارات منظمة ومنضبطة مثل جبهة العمل الإسلامي، قادرة على تقديم نموذج سياسي يستحق الاحترام حتى من خصومها فبدلاً من التعامل معها كجزء من المشهد الديمقراطي الواجب احترامه، اختار البعض أن يتعامل معها بأسلوب الإقصاء الذي يفتقد للشفافية ويثير الشكوك حول أهدافه الحقيقية.

في النهاية، خسارة جبهة العمل الإسلامي داخل مجلس النواب لا تعني فقدانها لمكانتها السياسية بل على العكس، فإن هذه الخسارة قد تكون بمثابة بداية لمرحلة جديدة، تستثمر فيها الجبهة هذا التعاطف الشعبي لتعزيز وجودها في الشارع الأردني فالسياسة ليست مجرد لعبة برلمانية، بل هي تفاعل مع الشارع، وعندما يفقد المجلس ثقة الشارع، تصبح قوة التأثير الشعبي أكثر أهمية من المناصب الرسمية فجبهة العمل الإسلامي ربما خسرت معركة داخل المجلس، لكنها كسبت جولة سياسية مهمة في قلوب وعقول ألناس..وسيكون لها تأثير أكبر في الانتخابات النيابية القادمة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.