**فادي السمردلي يكتب: “اسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك أستغرب😂😂😂”**

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال* …. 

 

في كل زمن ومكان، يظهر نوع من القادة والمسؤولين الذين يتقنون الحديث عن القيم النبيلة والمبادئ الرفيعة، لكنهم في الواقع أبعد ما يكونون عن تطبيقها إنهم يرفعون شعارات الحرية، الديمقراطية، العدالة، والشفافية، يتحدثون عنها بحماسة وكأنهم حماة هذه القيم والمدافعين الأوائل عنها ولكن عندما نلتفت إلى أفعالهم، نجد أن الحقيقة عارية تماماً دكتاتورية مطلقة ، استغلال ممنهج للثغرات، وتناقض بين ما يقال وما يُمارس وهذه الظاهرة ليست مجرد تناقض فردي، بل هي سرطان يصيب مؤسسات بأكملها، يقضي على مصداقيتها ويهدم ثقة المجتمع بها.

هؤلاء الأفراد يظهرون في العلن بمظهر المنقذ الذي جاء ليخلص المؤسسات من عيوبها وينقذ القوانين من ثغراتها ويصرخون في كل محفل بأنهم دعاة للإصلاح ومحاربون للفساد، يصفون أنفسهم بفرسان العدالة ولكن المفارقة المدمرة أن هذه الثغرات نفسها، التي يلعنونها في خطاباتهم، هي ما مكنتهم من الوصول إلى مواقعهم القيادية وبدلاً من أن يكونوا مثالاً يُحتذى به في الالتزام بالقيم التي يدّعونها، نجدهم أول من يستغل هذه الثغرات لترسيخ سلطتهم، وأول من يتفنن في الالتفاف على المبادئ التي يبشرون بها فإنهم لا يكتفون بهذا، بل يلاحقون من يجرؤ على انتقادهم أو فضح ممارساتهم، مستخدمين الأساليب نفسها التي انتقدوها يوماً ما.

داخل المؤسسات التي يديرونها، يتحولون إلى طغاة بلا أقنعة ويروجون لفكرة العمل الجماعي، لكنهم لا يتحملون أي نقاش أو معارضة ويجعلون من الاجتماعات واللجان مجرد ديكورات فارغة لإضفاء شرعية على قراراتهم الفردية التي تُتخذ مسبقاً فلا مكان لآراء الآخرين، ولا مجال للنقاش الحقيقي فالقوانين واللوائح تُفسَّر وفق هواهم، والمعايير المزدوجة هي القاعدة الحاكمة إنهم يختزلون المؤسسة في شخصهم، فيتحول النجاح إلى نجاحهم الشخصي، والفشل إلى مسؤولية الجميع سواهم.

هذه الممارسات لا تقتصر على إضعاف الروح الجماعية داخل المؤسسة، بل تمتد إلى تدمير النسيج الاجتماعي لها فالموظفون يفقدون الحافز للعمل عندما يدركون أن الكفاءة والنزاهة لا قيمة لهما فيبدأ الأفراد في التكيف مع هذا المناخ السام، فيمارسون النفاق ويتخلون عن قيمهم للبقاء في مناصبهم أو حماية مصالحهم وهكذا، يتحول الكيان بأكمله إلى منظومة تنهشها الانتهازية والمصالح الشخصية، متناسياً الغايات الأسمى التي أنشئ لأجلها.

لكن الأسوأ من ذلك كله هو الرسالة التي يرسلها هؤلاء القادة إلى المجتمع ككل فعندما يكتشف الناس أن من ينادي بالحرية يمارس القمع، ومن يطالب بالديمقراطية يتخذ القرارات منفرداً، يفقدون الثقة ليس فقط في هذا القائد، بل في المنظومة برمتها ويصبح الحديث عن الإصلاح والعدالة فارغاً من أي معنى، ويتعمق الشعور بأن المبادئ مجرد أدوات دعائية لتحقيق المكاسب الشخصية فهذه الازدواجية تقتل الإيمان بجدوى التغيير، وتزرع اللامبالاة والإحباط في نفوس الأفراد.

إن هذه الممارسات ليست مجرد أخطاء يمكن إصلاحها بسهولة، بل هي خيانة صريحة للمبادئ والقيم وكل من يمارس هذا النفاق يدمر أساسات الثقة التي لا يمكن لأي منظومة أن تستمر دونها والحل لا يكمن في التعايش مع هذه الظاهرة أو التغاضي عنها، بل في مواجهتها بحزم ويجب أن يكون هناك وعي جماعي بأن الشعارات لا تساوي شيئاً إذا لم تُترجم إلى أفعال، وأن القادة يجب أن يخضعوا للمساءلة الدقيقة عن تناقضاتهم.

لا مكان في العالم الحديث لقادة يجعلون من المبادئ جسراً لتحقيق مصالحهم، ثم يهدمون هذا الجسر بعد أن يعبروا عليه فالمطلوب هو قادة ينسجمون مع قيمهم، يحترمون القوانين والمؤسسات، ويعملون على إصلاحها بالفعل لا بالكلام لأن العبرة ليست بما يقولونه على المنابر، بل بما يفعلونه عندما لا يراهم أحد فالحرية والديمقراطية ليستا شعارات جوفاء، بل مسؤولية ثقيلة على من يدّعي الالتزام بهما وأي تناقض في هذا الالتزام لا يمكن التسامح معه، لأنه يهدد بتقويض كل ما تبنى عليه المجتمعات من قيم وعدالة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.