*فادي السمردلي يكتب:يا شايف الزول يا خايب الرجا*

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

“يا شايف الزول يا خايب الرجا” مقولة شعبية تحمل في طياتها عميق المعاني، وهي تعبير عن خيبة الأمل التي يشعر بها الإنسان عندما يضع ثقته الكاملة في شخص أو شخوص بناءً على مظهرهم الخارجي أو وعودهم الزائفة، ليكتشف لاحقًا أن ما بدا مبشراً لم يكن سوى وهم فهذه العبارة تكتسب بُعدًا خاصًا عند إسقاطها على الساحة السياسية، حيث كثيراً ما تتحطم آمال الشعوب على صخرة الواقع حين تكتشف أن القادة الذين اعتقدت أنهم سيكونون المخلصين لم يكونوا على قدر المسؤولية وتتحول الوعود الرنانة والشعارات البراقة إلى سراب، تاركة وراءها شعوبًا غارقة في الإحباط واليأس.

في عالم السياسة، القصة متكررة ففي أوقات الأزمات، تبحث الشعوب عن شخصيات قيادية تحمل الأمل كمنقذين قادرين على تغيير الواقع فيتقدم السياسيون في هذه اللحظات بخطاباتهم البليغة ووعودهم الكبيرة التي تخاطب وجدان الجماهير وتلامس تطلعاتهم ولكن المشكلة تبدأ حين تنكشف الأقنعة، ويتضح أن تلك الشخصيات لم تكن تمتلك الرؤية الحقيقية أو الإرادة الصادقة لتحقيق ما وعدت به فالخطابات الحماسية شيء، والعمل الجاد والنتائج الملموسة شيء آخر تمامًا.

هذه الخيبة غالباً ما تكون أكثر قسوة عندما تكون التوقعات مرتفعة للغاية، حيث يغذيها خطاب سياسي مصمم بعناية ليقنع الناس بأن الحلول السحرية قادمة، وأن المشاكل المتراكمة لسنوات ستُحل بضربة واحدة ولكن بمجرد تولي هؤلاء القادة زمام الأمور، يكتشف المواطنون أن التحديات أعقد مما كانوا يتصورون، وأن القادة الذين بدوا واعدين ربما لا يملكون سوى الكلام. وهنا يتحول “شايف الزول” إلى “خايب الرجا”، ليصبح الرهان على هؤلاء القادة درساً قاسياً في خداع المظاهر.

الخذلان السياسي لا يتعلق فقط بعجز وفشل هؤلاء القادة ، بل هو انعكاس لخلل أعمق في العلاقة بين المواطنين وبينهم وأحياناً، تتعلق المشكلة بتوقعات غير واقعية من الشعوب نفسها، حيث يتم النظر إلى القادة وكأنهم منقذون خارقون، متناسين أن التغيير الحقيقي يتطلب جهداً جماعياً وصبراً على تحقيق النتائج وفي أحيان أخرى، المشكلة تكمن في القادة الذين يتلاعبون بمشاعر الناس، مستغلين الأزمات لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، دون الالتفات إلى وعودهم.

أمثلة هذا النمط موجودة في كل مكان من قادة وعدوا بالتغيير ولكنهم تحولوا إلى مستبدين، وإلى سياسيين رفعوا شعارات التنمية والعدالة ثم غرقوا في وحل المحسوبية وفي كل حالة، تكون النتيجة واحدة إحباط عميق يفقد الناس ثقتهم ليس فقط في القائد المعني، بل في العملية السياسية برمتها. هذه الخيبات المتكررة تترك أثراً طويل الأمد، حيث يصبح من الصعب إقناع الناس بالمشاركة أو الإيمان بأي مشروع سياسي جديد.

من هذا المنطلق، تحمل عبارة “يا شايف الزول يا خايب الرجا” دروساً مهمة للجميع فهي تدعو إلى التمهل والتروي في الحكم على القادة، والنظر إلى أفعالهم وإنجازاتهم الفعلية بدلاً من الانبهار بخطاباتهم أو صورتهم الخارجية كما أنها تذكر بأن التغيير لا يتحقق بمجرد وصول شخص معين إلى السلطة، بل هو عملية طويلة ومعقدة تحتاج إلى مشاركة الجميع وإلى العمل المستمر.

في النهاية، قد تكون خيبة الأمل أمرًا لا مفر منه في بعض الأحيان، ولكن التعلم من هذه التجارب هو ما يجعل المجتمعات أكثر حكمة وقوة فالمظاهر والوعود قد تكون جذابة، لكنها ليست بديلاً عن العمل الصادق والإرادة الحقيقية للتغيير.

قد يعجبك ايضا