**فادي السمردلي يكتب :ظاهرة الكومبارس السياسي**

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في عالم السياسة، يتجسد مفهوم “الكومبارس” في شخصيات قيادية تشغل المناصب دون أن تضيف قيمة حقيقية للعمل العام أو تسهم في صناعة التغيير فمثلما يُستخدم الكومبارس في السينما والمسرح لملئ الخلفية دون أي دور فعّال في الأحداث، يظهر الكومبارس السياسي كعنصر ثانوي في المشهد العام، حضوره شكلي أكثر منه جوهري فهؤلاء القادة يتقلدون المناصب القيادية، ليس لكفاءتهم أو استحقاقهم، بل لأنهم يرضون توازنات حزبية معينة أو يمثلون أداة بيد زعامات أقوى تتحكم في مسار الأمور.

الكومبارس السياسي يجلس على كرسي المسؤولية دون أن يتحمل أعباءها أو يضطلع بدوره كما يجب ووجوده يُختصر في حضور الاجتماعات، التصويت على القرارات المُعدة مسبقًا، أو ترديد خطابات نمطية لا تحمل أي رؤية أو حلول حقيقية ومع الوقت، يتحول هذا النوع من القيادات إلى عامل من عوامل الركود السياسي، حيث تغيب المبادرات، ويُطمس صوت الإصلاح، ويُكرّس نمطية العمل السياسي الذي يبتعد عن احتياجات الناس وتطلعاتهم.

هذه الشخصيات غالبًا ما تُصعد إلى مواقعها القيادية بناءً على الولاءات الشخصية أو المصالح الضيقة، او من جهات معينة لا لاقصاء اخر اقدر منه وليس بناءً على الكفاءة أو الإنجازات ويُستخدم الكومبارس السياسي كأداة لتعزيز هيمنة الزعامات الكبرى داخل الأحزاب حيث يضمن ولاءه واستعداده الدائم لتلبية أوامر القيادة دون نقاش أو اعتراض وبدلاً من أن يكون وجوده عامل قوة يعزز دور الحزب في خدمة المجتمع، يصبح عبئًا ثقيلًا يُعيق تقدم العمل الحزبي ويُفرغ المؤسسات السياسية من قيمتها فالنتيجة هي مشهد سياسي يفتقر إلى الحيوية، حيث تتكرر الوجوه ذاتها، وتُعاد الخطابات ذاتها، دون أن يحدث أي تغيير ملموس.

الكومبارس السياسي لا يتوقف عند حد عدم تقديم الإضافة، بل يشكل تهديدًا حقيقيًا للتطور السياسي فعندما تتصدر مثل هذه القيادات المشهد، تتراجع الكفاءات الحقيقية وتُهمّش، لأن النظام الحزبي يركز على الحفاظ على التوازنات الداخلية بدلاً من البحث عن شخصيات قيادية تملك الرؤية والإرادة والأسوأ أن وجودهم يعزز انفصال الأحزاب عن قواعدها الشعبية، حيث يدرك المواطنون أن هذه الشخصيات لا تمثلهم ولا تحمل همومهم، بل تعمل فقط لتأمين مصالحها الشخصية أو إرضاء الزعامات الأقوى وهذا الانفصال يزيد من حالة الإحباط الشعبي ويُضعف الثقة في النظام السياسي برمته.

الضرر الناتج عن ظاهرة الكومبارس السياسي يتجاوز حدود الأحزاب ليؤثر على المجتمع ككل فعندما تكون القيادات عاجزة عن التفكير المستقل أو اتخاذ القرارات الجريئة، تغيب الحلول الحقيقية وتُهدر الفرص التنموية وتتحول الحياة السياسية إلى مسرح تمثيلي، أبطاله ليسوا قادة حقيقيين، بل شخصيات هامشية تعمل على تزيين المشهد دون أن تقدم أي فائدة تُذكر.

إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب ثورة حقيقية في بنية الأحزاب والمؤسسات السياسية ولا يمكن تحقيق أي تقدم دون إفساح المجال للكفاءات القادرة على القيادة وتحمّل المسؤولية ويجب أن تنتهي ثقافة التبعية والمحسوبية التي تُنتج شخصيات بلا أثر، وتحل مكانها معايير واضحة تقوم على الكفاءة، والنزاهة، والقدرة على الابتكار فالقيادة ليست مجرد لقب أو منصب شرفي، بل هي مسؤولية ضخمة تتطلب رؤية حقيقية وشجاعة لمواجهة التحديات.

ختامًا، إذا أرادت الأحزاب أن تستعيد ثقة الناس، فعليها أن تضع حدًا لظاهرة الكومبارس السياسي فالقيادة ليست مكانًا للجلوس والانتظار، بل هي دور فعّال يتطلب العمل والإبداع لتحقيق التغيير والتخلص من الكومبارس ليس مجرد خيار، بل ضرورة لضمان مستقبل سياسي أفضل وأكثر عدالة وكفاءة.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.