**فادي السمردلي يكتب: خطابات براقة ونتائج مخيبة للآمال **

*بقلم فادي زواد السمردلي*….. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
وانتهى ماراثون مناقشة الموازنة العامة في مجلس النواب باقرارها فمع بداية المناقشات تحت قبة المجلس ، كان المواطن يتخيل ويحمل آمالًا عريضة بأن تكون هذه الموازنة نقطة تحول حقيقية في ظل تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية لتحسين ظروفه المعيشية ، خصوصًا فيما يتعلق بزيادة رواتب الموظفين ،المتقاعدين العسكريين والمدنيين والضمان الاجتماعي الذين باتت رواتبهم عاجزة عن مواكبة التضخم المستمر وارتفاع تكاليف الحياة اليومية ،فتحوّلت جلسات مناقشة الموازنة إلى ساحة من الخطابات الحماسية الشعرية والنثرية والتصريحات الرنانة التي أغدقت بالمطالب برفع الرواتب لحياة أفضل واهتمام أكبر بالمواطن، وكأننا في مضمار سباق بين النواب للتنافس على من يقدم الخطاب الأكثر تأثيرًا.

كان المواطن يتابع هذه النقاشات، معتقدًا أن هذه الكلمات النارية قد تترجم إلى قرارات ملموسة تنعكس في بنود الموازنة العامة بشكل واضح، خصوصًا بموضوع تحسين الرواتب وإطلاق برامج تدعم الفئات الأكثر احتياجًا ولكن مع إقرار الموازنة، جاءت الصدمة الكبرى فلم تشهد الرواتب أي زيادات، ولم يتحقق أي من المطالبات التي ملئت قاعة البرلمان أثناء النقاشات فبدت النتيجة وكأنها خيبة أمل جماعية، حيث تحول كل الأمل إلى إحباط عميق لدى شرائح واسعة من الشعب، التي شعرت أن أصواتها ومعاناتها كانت حاضرة فقط في سياق خطابي دون أي انعكاس عملي.

الموظفون الذين يواجهون أعباء الحياة اليومية برواتب ثابتة لا تواكب التضخم وارتفاع الأسعار، كانوا يأملون في زيادة ترفع عنهم بعض الضغط المالي، وتجعلهم قادرين على تلبية احتياجات أسرهم الأساسية دون اللجوء إلى التقشف الشديد والقروض أما المتقاعدون، الذين أمضوا سنوات طويلة في خدمة الوطن، فقد وجدوا أنفسهم مجددًا في دائرة النسيان، حيث بقيت رواتبهم المتآكلة عاجزة عن تغطية احتياجاتهم الأساسية، مثل الطعام والدواء والرعاية الصحية ولم يكن حال متقاعدي الضمان الاجتماعي أفضل، إذ إنهم ظلوا ينتظرون زيادة تضمن لهم الحد الأدنى للعيش، لكنها لم تتحقق.

في المقابل، بدا أن ما حدث تحت قبة البرلمان أثناء مناقشة الموازنة لم يكن سوى استعراض سياسي، حيث انشغل النواب بتقديم خطابات حماسية حتى انها أحيانًا كانت بعيدة كل البعد عن موضوع الموازنة العامة هدفها الظهور الإعلامي أكثر من البحث عن حلول واقعية ومنصفة فالخطابات التي تحدثت عن العدالة الاجتماعية وضرورة تحسين حياة المواطن بدت وكأنها مجرد شعارات للاستقطاب الشعبي، بينما غابت الإرادة الحقيقية في معالجة الأزمات الاقتصادية المزمنة.

هذه النتيجة المخيبة للآمال أثارت موجة من الإحباط لدى المواطنين الذين كانوا ينتظرون أفعالًا لا أقوالًا فقد أصبح واضحًا أن الخطابات الرنانة لم تكن سوى أدوات لملئ المشهد السياسي دون أن تحمل أي التزام عملي تجاه الشعب ومع استمرار هذا النهج، تتعمق فجوة الثقة بين المواطن وصناع القرار، حيث بات المواطن يشعر أنه مجرد متلقٍ للوعود التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

إن هذا الواقع يفرض تساؤلات جدية حول آلية إعداد الموازنات ومناقشتها، وحول الدور الحقيقي للنواب الذين من المفترض أن يمثلوا صوت الشعب فقد كان التصويت عكس مجريات الخطابات وكما يكشف ايضا عن الحاجة الملحة لإصلاح جذري في النهج الاقتصادي والسياسي، بحيث تكون الأولوية الحقيقية هي الوطن والمواطن الاردني، وأن تُبنى الموازنات على أسس تعكس احتياجات الشعب وتطلعاته بدلًا من أن تكون مجرد أرقام تُمرر.

في النهاية، يبقى المواطن وحيدًا في مواجهة أعباء حياته اليومية، بينما تتكرر ذات المشاهد مع كل موازنة جديدة وما بين ما كان يطمح إليه وما انتهت إليه النتائج، تكبر خيبة الأمل وتتضاءل الثقة، ويبقى السؤال الأكبر هل سيأتي يوم تُبنى فيه السياسات الاقتصادية على واقع الشعب، لا على وقع الخطابات؟

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.