**فادي السمردلي يكتب:تناقض الاحزاب بتصويت أعضائها للثقة !!!!! إخفاق مبكر**
*بقلم فادي زواد السمردلي*….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
التصويت على الثقة في الحكومة الأردنية الجديدة كان بمثابة لحظة مفصلية على أكثر من صعيد، حيث كشف عن فجوات كبيرة في مواقف بعض الأحزاب السياسية، وبالأخص تلك التي توهمنا بأنها قادرة على فرض رؤية موحدة وقوية على الساحة السياسية فبدلاً من أن يكون التصويت بمثابة رسالة قوية من الأحزاب تجاه الحكومة والشعب، أصبح يعكس حالة من التباين والارتباك في المواقف حتى بين أعضاء الحزب الواحد فقد شاهدنا بعض الأعضاء يمنحون الثقة للحكومة بينما امتنع آخرون عن منحها، بل ذهب البعض إلى حجبها تمامًا وهو ما يطرح تساؤلات حقيقية حول ما إذا كان يمكن لحزب سياسي واحد أن يظل متماسكًا، إذا كان أعضاؤه لا يتفقون حتى على القضايا الأساسية التي تمس الوطن والمواطن.
إذا نظرنا إلى الوضع بشكل أعمق، سنجد أن هذا التباين في المواقف ليس مجرد اختلاف في الآراء السياسية، بل هو في جوهره تعبير عن ضعف داخلي كبير في الحزب الواحد فكيف يمكن لحزب أن يحمل في صفوفه هذا الكم من التناقضات بين أعضائه؟ كيف لأعضاء من نفس الحزب أن يختلفوا بشكل واضح وصريح في التصويت على الثقة في حكومة من المفترض أن تكون جزءًا من رؤيتهم وأهدافهم؟ فحتى وإن كانت هناك تفسيرات تتعلق بالدوائر الانتخابية، مثل وجود نواب فازوا عبر القوائم الحزبية العامة وآخرين فازوا عبر القوائم المحلية، إلا أن هذه التبريرات لا تغير من الواقع شيئًا فالحزب الواحد، في النهاية، يجب أن يكون هو الرابط الأساسي الذي يجمع كل أعضائه، بغض النظر عن الطرق التي وصلوا بها إلى البرلمان.
والمؤلم في هذا الوضع أن بعض الأحزاب السياسية في الأردن كانت قد وعدت جمهورها بأنها ستكون عامل تغيير حقيقي في المشهد السياسي، ولكن هذا الوعد أصبح موضع شك بعد هذه النتيجة المخيبة إن التصويت على الثقة كان بمثابة اختبار حقيقي للقدرة التنظيمية والتناغم السياسي داخل الأحزاب، وإذا كان الحزب الواحد يعجز عن الحفاظ على تنسيق داخلي في قضية بهذا الحجم، فما الذي يمكن أن نتوقعه من مواقف أكبر وأهم؟ إن هذا التباين في المواقف يفتح المجال واسعًا للتساؤلات حول قدرة الأحزاب على الوفاء بوعودها تجاه الشعب، وعلى قدرتها في إحداث التغيير الذي طالما تحدثت عنه في حملاتها الانتخابية.
لا يمكننا أن ننكر أن هناك عوامل أخرى قد تكون ساهمت في هذا التفكك الداخلي، مثل الخلافات الشخصية أو التنافس على النفوذ داخل الحزب، لكن هذه العوامل ليست مبررًا للارتباك السياسي الذي ظهر في جلسة التصويت على الثقة فإذا كان الحزب نفسه غير قادر على ضمان التوافق الداخلي بين أعضائه، فإن ذلك يشير إلى عجز في القيادة السياسية والتخطيط الاستراتيجي فالأحزاب التي تتناغم في رؤاها وتعمل معًا كجسم واحد، هي فقط التي تستطيع أن تحقق النجاح على المدى الطويل أما الأحزاب التي تتسم بالضعف والانقسام، فإنها ستظل رهينة لصراعات داخلية لا طائل منها، وهو ما سيؤثر بالضرورة على قدرتها في التأثير على مسار الأمور السياسية في الأردن.
ما حدث في جلسة التصويت على الثقة ينبغي أن يكون درسًا قاسيًا للأحزاب السياسية في الأردن فإذا كانت هذه الأحزاب لا تستطيع أن تجد أرضية مشتركة فيما يخص قضايا مصيرية مثل منح الثقة للحكومة، فكيف يمكننا أن نأمل في أن تكون قادرة على توحيد صفوفها في قضايا أكبر وأكثر تعقيدًا مثل الموازنة العامة، أو قوانين الإصلاح الاقتصادي، أو غيرها من القضايا التي تؤثر بشكل مباشر في حياة المواطنين؟ إن غياب التنسيق الداخلي بين أعضاء الحزب الواحد يضعف الحزب ويجعله غير قادر على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية، ويجعل منه هدفًا سهلًا لخصومه.
الأحزاب السياسية في الأردن لا يمكن أن تبقى في حالة من الفوضى والتباين المستمر دون أن تدفع الثمن فإذا استمر هذا الوضع، فإن الأحزاب ستفقد مصداقيتها أمام الشعب ولن يتمكن أي حزب من جذب المزيد من الأصوات في الانتخابات المقبلة فقد تكون هذه الأحزاب قد ضعفت في جولة التصويت الأولى، ولكن إذا لم تعمل على تدارك أخطائها وتصحيح مواقفها في المستقبل، فإنها ستجد نفسها في مواجهة أزمة داخلية تؤدي إلى تراجع مكانتها السياسية بشكل كبير.
إن هذا التشتت في مواقف الأحزاب يجب أن يلفت انتباه الجميع إلى أن الإصلاحات السياسية التي طالما نادوا بها لن تتحقق ما لم يغير هؤلاء السياسيون من أنفسهم أولًا ويجب على الأحزاب أن تضع مصلحة الوطن والشعب فوق أي اعتبارات ضيقة أو مصالح شخصية فإذا لم تتمكن الأحزاب السياسية من التنسيق الداخلي والحفاظ على وحدتها، فإنها ستبقى عاجزة عن إحداث التغيير المطلوب، وسيتحول فشلها إلى قيدٍ على تطور الحياة السياسية في الأردن.
وفي النهاية، كما يقول المثل الشعبي “على نفسها جنت براقش”، إذا استمر هذا التفكك والانقسام داخل الأحزاب السياسية الأردنية، فسيكون الحزب نفسه هو من يضعف نفسه ويطعن نفسه بنفسه، ويحول فرصة التغيير إلى فرصة ضائعة، ويقضي على الأمل في إصلاح الحياة السياسية في البلاد.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.