**فادي السمردلي يكتب: اليوم الموازنةتختبر جدية الأحزاب في التغيير..فهل استفادت من درس الثقة**
*بقلم: فادي زواد السمردلي* …..
*#اسمع_وافهم_الوطني_أفعال_لا_أقوال**
الأحزاب السياسية في الأردن تقف اليوم أمام مرحلة تاريخية مفصلية تختبر فيها قدرتها على الانتقال من خانة الشعارات إلى ميادين الأفعال فهذه الأحزاب، التي طالما رفعت لواء التغيير في البرامج الانتخابية والخطابات الجماهيرية، تواجه تحدياً مباشراً يتمثل في قضية الموازنة العامة للدولة فالموازنة ليست مجرد وثيقة مالية مليئة بالأرقام والبنود، بل هي خارطة طريق تحدد أولويات الدولة وتوجهاتها الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي، فإن تعامل الأحزاب معها يعكس مدى جدية هذه الكيانات السياسية في العمل لصالح الوطن والمواطن.
إن الحديث عن توحيد الخطاب السياسي للأحزاب لا يعني مطالبة جميع الأحزاب بتبني مواقف متطابقة، فهذا مناقض لتعددية الآراء التي تغني العملية السياسية ولكن المطلوب أن يكون لكل حزب خطاب داخلي موحد يعكس رؤيته وبرنامجه دون تناقض أو تباين فلا يمكن لحزب أن يدّعي امتلاك رؤية واضحة وبرنامج محدد إذا كانت الأصوات داخله متعددة ومتباينة والمواقف متعارضة وعلى الأحزاب أن تدرك أن هذا الانقسام الداخلي يُفقدها المصداقية أمام الشارع، ويؤكد أن برامجها ليست سوى وعود انتخابية فارغة.
إن وجود موقف موحد داخل كل حزب تجاه القضايا الكبرى مثل الموازنة العامة يظهر أن الحزب يمتلك آليات تنظيمية فعالة، ورؤية سياسية وبرنامجاً اقتصادياً متكاملاً فالمواقف المتناقضة داخل الحزب نفسه تعني ببساطة أن هذا الحزب ليس أكثر من تجمع لأفراد يحملون أجندات شخصية أو مصالح ضيقة، وهو أمر يُضعف ثقة المواطنين في جدية هذا الحزب أو قدرته على تحقيق التغيير المنشود.
الموازنة العامة ليست قضية عابرة يمكن للأحزاب أن تختلف حولها دون تداعيات إنها تمثل خارطة طريق للدولة، وتحدد مسارها الاقتصادي والاجتماعي خلال العام المقبل وهي بهذا المعنى اختبار حقيقي لجدية الأحزاب في العمل السياسي وعلى الأحزاب أن تُظهر من خلال مواقفها تجاه الموازنة أنها تمتلك رؤى اقتصادية واضحة وبرامج قابلة للتنفيذ، وأنها قادرة على ترجمة وعودها الانتخابية إلى خطوات ملموسة تخدم المواطن.
إذا استطاع كل حزب أن يوحد صفوفه ويقدم خطاباً موحداً تجاه الموازنة، فإنه يبعث برسالة إيجابية إلى الشارع بأنه حزب منظم، يمتلك رؤية موحدة، ويعمل ضمن إطار مؤسسي أما إذا فشلت الأحزاب في تقديم مواقف واضحة ومتماسكة، فإن ذلك سيكون مؤشراً على ضعفها الداخلي وافتقارها إلى الجدية، وهو ما سينعكس سلباً على ثقة المواطنين بها في المستقبل.
الخلافات الداخلية داخل الأحزاب ليست مجرد إشكالية سياسية، بل هي استنزاف للوقت والجهد فالوقت الذي يُهدر في النقاشات الداخلية المتناقضة يمكن أن يُستثمر في مناقشة قضايا حيوية، مثل تحسين الاقتصاد، تطوير البنية التحتية، والنهوض بقطاعات الصحة والتعليم إن توحيد خطاب كل حزب حول الموازنة العامة يعني تخصيص وقت أكبر للنقاشات التي تهم المواطن بشكل مباشر، ويتيح المجال للبحث عن حلول عملية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها الأردن.
عندما تتبنى الأحزاب خطابات متعددة أو مواقف متضاربة داخل الحزب الواحد، فإنها تُفقد النقاشات البرلمانية قيمتها وتتحول هذه النقاشات إلى استعراض كلامي، ومناوشات سياسية لا تخدم الوطن ولا المواطن. على الأحزاب أن تدرك أن المواطنين يرون في هذه النقاشات اختباراً عملياً لجدية هذه الكيانات في العمل الوطني، وأن الانقسامات الداخلية تعكس افتقارها إلى الرؤية الموحدة والبرامج الحقيقية.
على الأحزاب ان تتحول من الشعارات إلى الأفعال فالتغيير الحقيقي لا يقتصر على الوصول إلى البرلمان، بل يبدأ من العمل الجاد والمخلص لخدمة المواطن والموازنة العامة تمثل أول اختبار عملي لهذا الالتزام فإذا كانت الأحزاب تؤمن فعلاً بقدرتها على إحداث تغيير جذري، فإن عليها أن تبدأ بتوحيد خطابها الداخلي، والعمل وفق رؤية واضحة وبرنامج موحد ففشل الأحزاب في توحيد مواقفها حول الموازنة يعكس غياب الرؤية والاستراتيجية داخل هذه الكيانات، ويُظهر أنها تفتقر إلى الجدية المطلوبة لتلبية تطلعات المواطنين وإذا استمرت هذه الأحزاب في العمل وفق أجندات متناقضة داخل الحزب الواحد، فإنها ستفقد ثقة المواطنين بها، وستُعتبر مجرد واجهات سياسية تفتقر إلى العمق والالتزام.
اليوم الفرصة التاريخية أمام الأحزاب فالأردن يمر بمرحلة دقيقة تتطلب قيادة سياسية واعية، قادرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأحزاب السياسية لديها فرصة تاريخية لإثبات أنها قادرة على تحمل هذه المسؤولية وتوحيد خطاب كل حزب حول القضايا الكبرى مثل الموازنة العامة هو الخطوة الأولى في هذا الاتجاه فإذا استطاعت الأحزاب أن تحقق هذا الهدف، فإنها ستعزز ثقة المواطنين بها، وستُظهر للعالم أنها قوى وطنية حقيقية قادرة على قيادة التغيير.
أما إذا ظهرت الانقسامات والخلافات الداخلية، فإنها ستُثبت أنها ليست سوى تجمعات مؤقتة تسعى لتحقيق مكاسب ضيقة، دون أن تمتلك رؤية وطنية حقيقية وعلى الأحزاب أن تدرك أن هذا هو وقت العمل الجاد والابتعاد عن الاستعراضات السياسية فالموازنة العامة ليست مجرد قضية فنية، بل هي مؤشر على مدى قدرة هذه الأحزاب على التغيير الحقيقي فالأحزاب السياسية في الأردن مطالبة اليوم بأن تضع مصالح الوطن فوق المصالح الحزبية والشخصية وعليها أن تعمل على بناء خطاب داخلي موحد يعكس رؤى وبرامج قابلة للتنفيذ وتوحيد المواقف داخل كل حزب ليس فقط ضرورة سياسية، بل هو واجب وطني يمليه الظرف الراهن.
إذا كانت هذه الأحزاب تؤمن حقاً بأنها قوى تغيير، فإن عليها أن تُظهر ذلك من خلال العمل المنظم والمتماسك وتوحيد خطاب كل حزب حول الموازنة العامة سيكون الخطوة الأولى في بناء الثقة مع المواطنين، وهو دليل على أن هذه الأحزاب قادرة على قيادة الأردن نحو مستقبل أفضل.
الأردنيون ينتظرون من الأحزاب أفعالاً لا أقوالاً، وبرامج لا شعارات فإذا استطاعت الأحزاب أن تكون على قدر هذه المسؤولية، فإنها ستُثبت أنها تستحق الثقة التي منحها إياها الشعب الأردني وإلا فإن التاريخ لن يذكرها إلا ككيانات سياسية عابرة وستندثر إن لم تكن على قدر التحديات التي واجهتها.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.