**فادي السمردلي يكتب:غباء أم ماذا؟**

*بقلم: فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

الغباء ليس مجرد نقص في المعرفة أو قصور في فهم الأمور، بل قد يظهر في أشكال أكثر تعقيدًا، منها الغرور الذي يتولد من النجاحات السابقة فعندما يحقق الإنسان نجاحًا في مجال أو بيئة معينة، يبدأ في تضخيم قدراته ويعتقد أن ما أنجزه كان بفضل ذكائه الخارق ومهاراته الفريدة، متجاهلًا العوامل الأخرى التي ربما لعبت دورًا رئيسيًا، مثل الحظ، الظروف المناسبة، أو دعم الآخرين.

هذا التصور المبالغ فيه يضع الشخص في حالة من الجمود العقلي، حيث يظن أن نجاحات الماضي كفيلة بتكرار نفسها تلقائيًا دون أي جهد إضافي ومع مرور الوقت، يصبح هذا الغرور عقبة حقيقية تمنعه من التقدم، ويحول بينه وبين إدراك المتغيرات التي تطرأ على الواقع أو البيئة التي يعمل فيها.

النجاح في مكان أو بيئة معينة ليس مقياسًا مطلقًا للنجاح في بيئات أو ظروف أخرى فكل بيئة لها قيمها ومتطلباتها الخاصة، وقد تتطلب مهارات جديدة تمامًا فالشخص الذي يتعامل مع النجاح كقاعدة ثابتة ولا يسعى لتطوير نفسه أو تحسين مهاراته يجد نفسه في نهاية المطاف عاجزًا عن التكيف مع متطلبات الواقع الجديد.

الغرور الناتج عن النجاحات السابقة يتحول إلى قيد ثقيل، حيث يتمسك الإنسان بنفس الطرق والأساليب التي أثبتت جدواها في الماضي، معتقدًا أنها كافية لتحقيق النجاح مرة أخرى. لكن الحقيقة هي أن النجاح ليس أمرًا دائمًا، بل هو مشروط بالقدرة على التكيف والاستجابة للتغيرات.

الكارثة الحقيقية ليست في مواجهة الفشل، بل في المكابرة عليه فالشخص الذي يرفض الاعتراف بتغير الظروف أو حاجته إلى التكيف مع الواقع الجديد يضع نفسه في طريق مسدود فالتمسك بالطرق القديمة رغم فشلها يعمق الأزمات ويجعل الشخص عرضة للسقوط.

المكابرة ليست دليلًا على القوة أو الثقة بالنفس، بل هي تعبير عن العجز عن مواجهة الحقائق فالشخص الذي يرفض تطوير نفسه، أو يصر على البقاء في بيئة لا تناسبه، يخاطر بخسارة كل ما بناه في الماضي فالنجاح الحقيقي يبدأ من الوعي الذاتي، وهو القدرة على تقييم الذات بواقعية فالشخص الحكيم هو من يدرك أن النجاحات السابقة لا تكفي لضمان المستقبل، وأن التطوير المستمر للمهارات وتقبل التغيير هما الأساس للاستمرار في تحقيق الإنجازات.

الذكي لا يخشى التغيير، بل يراه فرصة للنمو ويعرف أن الاعتراف بالحاجة إلى تحسين الذات ليس ضعفًا، بل قوة تقوده نحو تحقيق نجاحات جديدة وهذا النوع من التفكير يفتح أمام الإنسان آفاقًا أوسع، ويمنحه القدرة على تحويل العقبات إلى فرص.

في بعض الأحيان، قد تكون المغادرة من بيئة لا تناسب قدراتك أو طموحاتك هي الخطوة الأذكى فالاستمرار في مكان لا تستطيع تقديم الأداء المطلوب فيه لن يجلب لك سوى مزيد من الإحباط والفشل والمغادرة هنا ليست هزيمة، بل هي تعبير عن وعيك بحدودك وقدرتك على البحث عن فرص جديدة.

إذا وجدت نفسك في موقف تعجز فيه عن تحقيق المطلوب، لا تكن أسيرًا للغرور أو المكابرة. ارحل بكرامة، ودع الناس يقولون لك: “رافقتكم السلامة”، فهذا أفضل بكثير من أن يقال لك “درب تودي وما تجيب “. المغادرة بقرار واعٍ وشجاع تفتح لك أبوابًا جديدة وتمنحك فرصة للبدء من جديد في مجال أو مكان يتناسب مع طموحاتك وقدراتك.

وفي الختام الحكمة ليست في التمسك بالنجاح السابق فقط، بل في فهم متطلبات النجاح المستقبلي التغيير ليس عيبًا، بل هو شجاعة تواجه بها نفسك والواقع فالنجاح لا يُقاس بالبقاء في مكان لا يناسبك، بل بالقدرة على اتخاذ القرار الصحيح الذي يضمن لك النمو والاستمرار وتذكر دائمًا المغادرة ليست ضعفًا، بل أحيانًا هي أفضل خطوة نحو تحقيق مستقبل أفضل.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.