**فادي السمردلي يكتب:المنوم المغناطيسي والأحزاب**
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
في عالم السياسة، تظهر أحيانًا بعض الأحزاب تتبنى استراتيجيات تُشبه إلى حد كبير أساليب “المنوم المغناطيسي”، حيث تستخدم أساليب تهدف إلى السيطرة على عقول أعضائها وإيهامهم بأنها تسير وفق رؤية مُحكمة وخطط مدروسة وهذه الأحزاب لا تنفك تُغرق أعضائها بمجموعة من التعليمات والاقتراحات البراقة التي تبدو للوهلة الأولى واقعية وواعدة، لكنها في الحقيقة لا تتجاوز كونها مجرد “حبر على ورق”. فهي تُتقن فن التصريحات الجوفاء التي تُشعر الأعضاء بالتحفيز المؤقت، لكنها في العمق خالية من التنفيذ الجاد والالتزام الفعلي بما تعلن عنه.
المعضلة الكبرى ليست فقط في الوعود التي تُطلقها بعض هذه الأحزاب دون تنفيذ، بل في التناقض الصارخ بين ما تقوله وما تفعله فهي تصدر تعليمات وقرارات توحي بالجدية والمسؤولية، لكنها تعمل بشكل واضح ضد هذه القرارات أو تتجاهلها تمامًا، وكأن الهدف الحقيقي ليس تحقيق الإنجاز، بل الإبقاء على وهم الإنجاز لدى الأعضاء والجماهير وهذا التناقض يُضعف المصداقية، لكنه يُبقي الأعضاء في حالة من الانقياد المغناطيسي، حيث يصبح التفكير النقدي شبه معطل، وينساق الجميع خلف قيادة تفتقد للشفافية والرؤية الصادقة.
ومن الأساليب التي تتقنها هذه الأحزاب المماطلة والتسويف بدلاً من العمل الجاد لحل المشكلات القائمة، تُركز على تأجيل المواجهة مع الحقائق، مستهدفة كسب الوقت بأي وسيلة فتُقدم حلولًا سطحية أو وعودًا مستقبلية دون أي نية حقيقية للتنفيذ وفي الوقت الذي ينبغي فيه استثمار الطاقات لتحقيق تطلعات الوطن والمواطنين، تُهدر هذه الأحزاب الوقت في استراتيجيات قائمة على المراوغة والنتيجة هي تأجيل الأزمات بدلاً من حلها، مما يؤدي إلى تفاقمها مع مرور الوقت.
رغم أن هذه الأحزاب قد تنجح مؤقتًا ، إلا أن النجاح في هذا السياق يكون قصير الأمد، وسرعان ما ينكشف زيف الممارسات القائمة على التضليل فتُفضي إلى نتائج كارثية، حيث يُصبح الوطن ضحية لغياب التخطيط والتنفيذ الجاد، ويشعر الأعضاء بخيبة أمل عميقة بسبب خذلان القيادة التي وثقوا بها وفي هذه الأجواء، يتعرض الوطن لخسائر فادحة على جميع المستويات، من إهدار للموارد، إلى تفاقم للأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وصولًا إلى تراجع الثقة في العملية السياسية برمتها.
هذا النوع من الأحزاب يُلحق ضررًا طويل الأمد بالمؤسسات الوطنية، حيث يُضعف النسيج السياسي والاجتماعي ويُكرس ثقافة عدم الثقة بين المواطنين وقيادات هذه النوعية من الأحزاب فالوطن الذي يحتاج إلى جهود مخلصة واستراتيجيات واضحة يُترك ليُواجه أزماته بمفرده، بينما تنشغل تلك الأحزاب بتحقيق مكاسب ضيقة أو تأمين بقائها في السلطة ومع أن هذه الأحزاب قد تظن أنها نجحت في تضليل الأعضاء وكسب الوقت، إلا أنها في النهاية تُلقي بثقل إخفاقاتها على كاهل الوطن، وتخذل كل من وضع ثقته فيها.
إن استمرار هذا النهج يجعل من “المنوم المغناطيسي” نموذجًا يصف بوضوح تلك العلاقة المختلة بين القيادة والأعضاء، حيث يُجرد الأفراد من قدرتهم على النقد أو المطالبة بالشفافية، ويُترك الوطن ليُواجه أزمات متتالية دون حلول حقيقية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.