*فادي السمردلي يكتب :الضبع*

*بقلم فادي زواد السمردلي* ….. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

الضبع، ذلك الكائن الذي يتسم بسمعة سيئة في عالم الحيوان، يمثل صورة قاتمة عن الخيانة والغدر وفي عالمٍ يحكمه التوازن بين القوى، يُعتبر الضبع رمزًا للغدر، حيث يعيش في ظلال الفوضى مستفيدًا من نقاط ضعف الآخرين ويمتاز الضبع بقدرة فريدة على التظاهر بالودّ، مُخادعًا ضحاياه، ويستغل ثقتهم قبل أن ينقض عليهم في لحظة غير متوقعة ويُظهر الضبع ولاءً زائفًا، ثم يتحول إلى عدو يلتهم من كانوا يعتبرهم أصدقاء.
إن خيانة الضبع ليست مجرد صفة عابرة، بل تجسد ظاهرة معقدة تدفعنا للتفكير في دلالاتها العميقة.

عندما ننظر إلى بعض الشخصيات، نجد تشابهًا صارخًا مع هذه الصفات فالكثير من هؤلاء يتظاهرون بمظهر المدافعين عن حقوق الناس والمصالح العامة، بينما هم في جوهرهم يستغلون هذه المظاهر لتحقيق طموحاتهم الشخصية

يظهرون العاطفة والإخلاص في حديثهم، لكنهم في الخفاء ينسجون خيوط الخداع، مستغلين مشاعر الثقة التي يُمنحون إياها ويعتمد هؤلاء على فنون المناورة والتدليس والمراوغة، مُخدّرين الوعي الجماعي بأحاديثهم المعسولة، بينما يتسلقون على أكتاف الجماهير لتحقيق أهدافهم.

تظهر ملامح الخيانة بشكل جلي في تصرفات هؤلاء خلال الأزمات ففي اللحظات الحرجة، عندما تتطلب المواقف الأمانة والصدق والوفاء بالوعود والعهود يُظهر بعضهم طبيعتهم الحقيقية، فيعمدون إلى خيانة أصدقائهم أو حلفائهم لتحقيق مكاسب شخصية تمامًا كما يفعل الضبع عندما يُفاجئ قطيعًا من الحيوانات، فهؤلاء ينقضون على الفرص دون تردد، مُعتمدين على عدم معرفة الآخرين واستغلال مشاعرهم.

لقد شهدت المجتمعات على مر العصور العديد من التجارب المؤلمة التي تفضح هذه الخيانة فقد يظهر أحدهم كحامٍ للقضايا العادلة، لكنه في النهاية يتحول إلى مسبب للانقسام والفوضى فهؤلاء، الذين يتسمون بالتلاعب، لا يترددون في استخدام الكذب والتضليل، مما يُظهر كيف أن الخيانة قادرة على تدمير الأواصر المجتمعية فمثلما لا يُحترم الضبع في مملكة الحيوان، فإن هؤلاء، مهما بلغت قوتهم الظاهرة، يُحتقرون في قلوب الناس، وستظل أفعالهم راسخة في الذاكرة كمثال على الخيانة.

علاوة على ذلك، تُعزز خيانة هذه النوعية من الشخوص من مفاهيم انعدام الثقة في المجتمع، مما يؤدي إلى حالة من الشك وعدم اليقين فعندما تظهر سلوكيات تُشبه سلوك الضباع، تزداد الهوة بينهم وبين الآخرين ، ويبدأ الشك يتسلل إلى قلوب الناس، مما يُضعف من الروابط الاجتماعية ويدفع نحو الانقسام.

ومع مرور الزمن، تدرك المجتمعات أن تلك العلاقات المبنية على الخداع لن تدوم فالشخوص الذين يتعاملون كضباع، باستخدام الخيانة كوسيلة للتقدم، لن يجدوا أنفسهم في مأمن من العواقب فقد يحققون مكاسب آنية، لكنهم سيفقدون في النهاية احترام من حولهم، وسيُطردون إلى ظلال الفشل والازدراء.

إن هذه الظواهر تدعونا للتفكير في كيفية إعادة تقييم الثقة والولاء في العلاقات الإنسانية.
فالخيانة، سواءً كانت صادرة عن ضبع في البرية أو سياسي او شخص عادي ، تُظهر لنا كيف يمكن للثقة أن تتلاشى بسرعة، وأن التعامل بصدق ونزاهة هو السبيل الوحيد لبناء مجتمع قوي ومتحد.

في الختام، تظل الخيانة رمزًا للضعف، وكما يُظهر الضبع حقيقته في أسوأ لحظاته، ستظهر أيضًا الشخصيات الخائنة في أضعف لحظاتها فلنحذر من تلك الخيوط التي تُحاك في الخفاء، ولنستمر في البحث عن القيم الحقيقية التي تُعزز من العلاقات الإنسانية فكما أن الضبع ليس له صديق حقيقي، فإن الخون سيكتشفون في النهاية أن الغدر لا يُجلب سوى الانهيار والخزي والعار ، وأن الثقة الحقيقية تُبنى على الصدق والولاء، وليس على الخداع والغدر.

 

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.