صرخات أردنية محقة بوجه الساسة الحمساويين

بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي.……..

 

ما تناقلتة السوشال ميديا الأردنية ليست نغمات عتاب فقط، بل هي أشلاء روح تمزّقت بين واجب الأخوّة وغصّة العتب، بين عظمة العطاء وخذلان المقابل ، وها نحن نقف شامخًين في وجه الرياح التي لا تهدأ، ننثر كلماتنا كأنها رصاصات تزرع الوعي في عقولٍ لم تُدرك بعد حجم ما يُبذل لأجلها، عقولٍ ما زالت غافلة، أو ربما متغافلة، عن نعمة السند الذي لا ينكسر.

هنا في الأردن، حيث الأرضُ التي احتضنت كل غريب، وحيث الدم الذي سقى تراب فلسطين، تتردّد صرخاتٌ لا تُسمَع، لأنّ القلوب المثقلة بالواجب تأبى أن تنتظر شكرًا. ولكن، يا أهل فلسطين، ألم يكن من حقّ الأردن، ملكًا وشعبًا، أن يسمع منكم كلمةً تُنصف حقّ التاريخ؟! ألم يكن من حقّ الأرواح التي ارتقت على أرضكم أن تجد ذكراها عالقًا على ألسنتكم؟!

أيها الساكنون في جنين وغزة والقدس، إنّ الأردن لم ينتظر يومًا جزاءً ولا امتنانًا، لأنّ فلسطين لم تكن يومًا مجرد قضية، بل هي نبض القلب ودم الوريد. ولكن، عندما تذهب كلمات الشكر لمن لم يقدّم سوى التصريحات والشجب والإستنكارات ، وحرم على شعبه وإعلامه الدعوات لنصرتكم في المساجد والصلوات ، ويبقى الأردن في خانة النسيان، فكيف لا يُغرس في قلوبنا عتبٌ ثقيل؟!

وفي هذا الموقف، يطلّ السؤال الأكبر: كيف لقادةٍ ينادون بالسلمية أن يحملوا السلاح ضدّ أبناء جلدتهم؟ كيف لمَن يتحدّث عن المقاومة أن يقف حجر عثرة في وجه أبطالها؟! يا أبا مازن، أليست المقاومة واحدة؟ أم أنّها أصبحت شعارات تُستخدم حيث تشتهي المصالح، وتُقصى عندما يُطلب التضحية؟

أيها الأردنيون، لقد حملتم الهمّ الفلسطيني كما لو كان همّكم الشخصي، بل وأكثر. قدّمتم الأرواح والأموال والدعوات، وفتحتم أبواب قلوبكم قبل أبواب بيوتكم، لكنّكم، ككل البشر، تستحقون كلمةً تُحيي فيكم الأمل. كلمةً تُقال للعالم بأسره: إنّ الأردن هو الظهر الذي لم ولن ينكسر لفلسطين.

وفي الختام، ستبقى فلسطين عربية، إسلامية ومسيحية، وستبقى الأردن الحاضن الأمين، السند الذي لا يلين، مهما عظُم الجرح، ومهما غاب الشكر. لأنّ العطاء هنا لا يُقاس بالمقابل، بل بالقَسم الذي وُلدنا عليه: أن لا نترك فلسطين وحدها، مهما جارت الأيام أو اشتدت المحن.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.